الإحكام والقرارات وأحكام المحكمين والإسناد الأجنبية
مبدأ المعاملة بالمثل:
نصت المادة 366 من قانون أصول المحاكمات أن:
” الأحكام الصادرة في بلد أجنبي يجوز الحكم بتنفيذها بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام السورية فيه “.
يتضح من هذا النص أن الشرط الأساسي لتنفيذ الأحكام الصادرة في بلد أجنبي هو ” شرط المعاملة بالمثل ” والمقصود في تقدير المعاملة بالمثل ليس الشكلية التي لا تؤثر في القوة التنفيذية للحكم، أو الإجراءات التنظيمية أو المحكمة المختصة في البلد الأجنبي وانما العبرة لمبدأ القبول بالتنفيذ وقيود هذا القبول .
المحكمة المختصة الكساء الحكم صيغة التنفيذ:
ولكي ينفذ الحكم الأجنبي لا بد من اكسائهع صيغة التنفيذ، والمحكمة المختصة بذلك، هي محكمة البداية المدنية بغض لأنظر عن المحكمة مصدرته سواء أصدر عن محكمة مدنية أو تجارية أو جزائية في موضوع الحق الشخصي، هذا عن الإختصاص النوعي.
أما بالنسبة للاختصاص المحلي، فالمحكمة المختصة هي المحكمة التي يراد التنفيذ في دائرتها ( المادة 267أصول ).
وتنظر محكمة البداية بالدعوى كباقي الدعاوى بحضور الطرفين اللذين صدر الحكم بحقهما أو بعد دعوتهما أصولاً.
ولا تعتبر الدعوى من الدعاوى المستعجلة لعدم وجود نص يعطيها هذه الصفة وأن كان يستحسن أن تفصل على وجه السرعة نظراً لأن الغاية من اكساء الحكم الأجنبي صيغة التنفيذ هي التميهد للتنفيذ على المال الموجود في سورية، والتنفيذ بحد ذاته يحمل طابع السرعة في اقتضاء الحق
الشروط الموضوعية لتنفيذ الإحكام الأجنبية ( اكسائها صيغة التنفيذ ):
في الواقع يكسى الحكم الأجنبي صيغة التنفيذ بعد أن تتحقق المحكمة من توفر شروط موضوعية نصت عليها المادة 308 من قانون أصول المحاكمات. وهي:
1 – أن يكون الحكم صادراً عن هيئة قضائية مختصة وفقاً لقانون ذلك البلد:
وينظر في ذلك إلى قواعد الإختصاص المتعلق بالنظام العام. وكذلك لا يعطى الحكم الأجنبي صيغة التنفيذ إذا كان الإختصاص قد عقد للمحاكم السورية بموجب اتفاق بين الطرفين، وأصدرت المحكمة الأجنبية حكمها ولم تعتد بالإتفاق.
2 – أن يكون الحكم قد حاز قوة القضية المقضية، وفقاً لقانون البلد الذي صدر عنه:
وذلك أن قوة القضية المقضية تغطي جميع العيوب التي شابت الحكم الأجنبي على ألا تصل إلى درجة انعدام الحكم.
3 – أن يكون الخصوم قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلاً صحيحاً في الدعوى:
وذلك مراعاة لحق الدفاع، بأن يكون من صدر الحكم بحقه قد مكف من إبداء جميع دفوعه.
4 – أن يكون الحكم المطلوب تنفيذه لا يتعارض مع حكم أو قرار سبق صدوره عن المحاكم السورية:
وهذا تطبيق لمبدأ السيادة الذي يقضي بأن يضحى بالحكم الأجنبي عند احترام الحكم الصادر عن المحاكم الوطنية، وأن تعارضه مع الحكم الوطني يعد مخالفاً للنظام العام في بلد القاضي المطلوب منه التنفيذ .
5 – الإ يتضمن الحكم ما يخالف الإداب العامة والنظام العام في سورية:
ويستند هذا الشرط على أن النظام العام والإداب العامة يقومان على أمور تتعلق بكيان الدولة السياسي والإقتصادي والإجتماعي والأخلاقي. كأن يكون الحكم الأجنبي لا يتضمن أسباب البتة، بحيث يجعل من المتعذر على القاضي السوري مراقبة هذا الحكم.
أو أن يقضي الحكم الأجنبي بتعويض للخليلة بسبب المعاشرة، فلا يمكن إعطاؤه صيغة التنفيذ لمخالفته لآداب العامة في القانون السوري الذي لا يرتب أي حق لها عن هذه المعاشرة.
ونشير هنا إلى أنه يحق للقاضي الوطني أن يحكم باكساء الحكم الأجنبي صيغة التنفيذ في جزء أو شق منه دون شق آخر لمخالفته أحد هذه الشروط.
ويستثنى من مبدأ اكساء الحكم الأجنبي صيغة التنفيذ، الأحكام التي لا تتضمن إلزاماً، كالأحكام الصادرة في مسائل الأحوال المدنية والأهلية ( الحكم بالطلاق أو بالبنوة أو بتعيين وصي أو قيم ،…الخ ).
أحكام المحكمين الأجنبية:
يخضع اكساؤها صيغة التنفيذ إلى نفس الشروط التي سبق ذكرها بالنسبة لأحكام المحاكم إذا لم تكن هذه الأحكام خاضعة لقانون التحكيم رقم 4 لعأو 2006 والتي تختص بإكسائها صيغة التنفيذ محكمة الإستئناف المدنية، مع ملاحظة أنه: ” بعد انضمام سورية إلى اتفاقية نيويورك في 10/6/1958 حول الإعتراف بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها، والتي تقضي بعدم جواز إخضاع تنفيذ الأحكام المذكورة إلى شروط أشد والى نفقات أعلى من التي تترتب على الأحكام الوطنية. وتطبيقاً لهذه القاعدة، أضحى اكساء الأحكام الأجنبية صيغة التنفيذ، يصدر عن رئيس المحكمة المختصة أصلاً لفصل النزاع بوصفه قاضياً للأمور المستجلة ووفق الأصول المستعجلة وقراره في ذلك يقبل الإستئناف فقط لا الطعن بالنقض ولا تستوفى عنه سوى رسوم الدعاوى المستعجلة .
الإسناد الرسمية الأجنبية:
بالرجوع إلى نص المادة 310 من قانون أصول المحاكمات نجد أن المشرع قد أجاز تنفيذ السندات الرسمية القابلة للتنفيذ المحررة ضمن بلد أجنبي، كالأحكام، وذلك بعد التحقق بمبدأ المعاملة بالمثل، والحصول على الحكم بالتنفيذ من محكمة البداية المدنية، تقدم إليها كدعوى اكساء الحكم الأجنبي صيغة التنفيذ.
ويترتب على المحكمة أن تتحقق من توافر الشروط المطلوبة لرسمية السند وفقاً لقانون البلد الذي تـم فيه، ومن خلوه مما يخالف النظام العام والإداب العامة في سورية.
ونشير إلى أن القواعد التي نص عليها المشرع بأن تنفيذ الأحكام والأسناد التنفيذية في سورية لا يعمل بها في حال وجود معاهدات أو اتفاقيات قضائية معقودة بين سورية وغيرها من الدول ( المادة 311 أصول )، ويقتضي في حال وجودها العمل بها.
هذا وقد عقدت سورية العديد من الإتفاقيات الأجنبية في هذا الصدد منها الإتفاق القضائي المعقود بين سورية ولبنان عام 1951 و المعدل عام 1996، والإتفاق القضائي المعقود بين سورية والأردن عام 1953، واتفاقية تنفيذ الأحكام التي أقرها مجلس جامعة الدول العربية عام 1953 والمصدقة بالقانون رقم /155/ تاريخ 27/12/1955 .