يطلق على الإدخال مفهوم اختصام الغير أو التدخل الجبري، حيث لا يقوم هذا الغير اختيارة بطلب التدخل في دعوى مرفوعة، بل يرغم على أن يكون خصماً فيها دون إرادته بل وعلى الرغم من معارضته، وحتى أمام محكمة غير محكمته استناداً إلى نظرية الارتباط بين الدعاوی تحقيقا لفائدة الخصوم ولمصلحة العدالة منع من قيام نزاع جديد، أو لعدم الاحتجاج بالحكم الصادر بمواجهة المدخل لكونه لم يكون خصما أو طرفا فيه، أو لممارسة حق الدفاع.
أولا – أنواع الإدخال أو الاختصام:
يعد الإدخال نوعاً من الطلبات العارضة، أو شكلا من الإجراءات القضائية التي تستدعيها العدالة، وعلى ذلك، فإن الإدخال يمكن أن يكون بناء على طلب أحد الخصوم، أو بناء على أمر من المحكمة.
1- الاختصام أو الإدخال بناء على الطلب:
يقضي المبدأ القانوني أن يصح اختصام الغير عن طريق الإدخال في دعوى مرفوعة إذا كان يصح اختصامه فيها ابتداء عند رفعها، وعليه أجاز المشرع لصاحب المصلحة وذلك بمنحه رخصة سلك طريق مختصرة في أن يتقدم بطلب أو باستدعاء إلى المحكمة يعبر فيها عن إرادة جدية بمخاصمة من لم يخاصم بالدعوى عند رفعها،
وبالتالي لا يجوز طلب الإدخال الشفهي، أو بناء على الطلب على محضر الجلسة، إلا أن هذه الرخصة مشروطة بموافقة المحكمة، لأن الصفة الأصلية في المخاصمة قد تتوفر في أكثر من شخص كما لو كانت تقوم بينهم رابطة تضامن،
وقد اختار المدعي أحدهم ليقيم الدعوى عليه، كما أنه يمكن اختصام المتضامنين الأخرين بناء على طلب المدين، فقد تقام الدعوى على مرتكب الفعل الضار في حادث مروري، وقد يكون قد أجرى تأمين من المسؤولية المدنية لدى شركة التأمين.
فذلك، عندما ترفع الدعوى على المؤمن لمصلحته يكون له الحق في طلب إدخال شركة التأمين، وقد يقيم المدعي الدعوى على السائق الذي يعمل لدى رب عمل في مثل الحادث المذكور، ثم يطلب المضرور المدعي إدخال المتبوع باعتباره مسؤولاً مع المسبب في تعويض الضرر، وقد يكون الأكثر ملاءة من الناحية المالية. لذلك، يلزم في جميع الأحوال لقبول طلب الإدخال وجود ارتباط بينه وبين الدعوى الأصلية، ويتحقق هذا الارتباط عند وجود المصلحة من جهة إضافة إلى أن يكون المطلوب إدخاله من الأشخاص الذين كان يصح مخاصمتهم بالدعوى عند رفعها.
لهذا، تعد دعوى الضمان الفرعية الشكل النموذجي لإدخال الغير في دعوى منظورة، حيث يقوم مفهوم الضمان على التزام الضامن حماية المضمون بمواجهة طرف ثالث يمكن أن يقيم عليه دعوى المسؤولية بصدد حوادث معينة كما هو الحال في التزام شركات التأمين بتغطية المسؤولية الناجمة عن حوادث المرور،
وكذلك الأمر في جميع دعاوى المتعلقة بتحصيل الديون المضمونة بكفالة عينية أو شخصية، وبمقتضى ذلك فإنه كان يكون من حق المضرور في حوادث المرور، وكذلك الدائن في الدين المضمون أن يوجه الخصومة على المسؤول أو المدين مباشرة، ويمكن أن يرفعها بمواجهة الضامن بصفة دعوى أصلية، إذ صادف إن أقام المضرور أو الدائن المضمون الدعوى على المسبب المسؤول، أو على المدين، فإنه يكون من حق هذا، أن يطلب إدخال الضامن في الدعوى کي يقود الدفاع معه من جهة، ولكي يتحمل نتيجة الحكم عند خسارة الدعوى، وأن الأفضل له أن يلجأ إلى الدعوى الفرعية عن طريق الإدخال وألا ينتظر الفصل في الدعوى ثم اللجوء إلى الضامن ليطالبه بالضمان في حدود الالتزام الذي حكم عليه به.
كما أنه من مصلحة المتبوع ومن مصلحة الضامن إذا رفعت عليه الدعوى استنادا إلى عقود الضمان أن يطلب إدخال المسؤول أو المدين في الدعوى عن طريق دعوى الضمان الفرعية التي تخوله الحق بالرجوع على المضمون في بعض الحالات وكل ذلك دون الحاجة إلى دعوى جديدة، وإن جرت العادة أن الذي يستعمل دعوى الضمان الفرعية هو المدعى عليه وليس المدعي، ويتعين على المحكمة أن تفصل في الدعوى الأصلية وفي طلب الضمان بحكم واحد كلما أمكن ذلك.
2- الاختصام أو الإدخال بناء على أمر المحكمة:
إن إدخال أشخاص غي مختصمين في الدعوى بناء على أمر من المحكمة مجانية لمبدأ حرية التقاضي وحرية الأطراف في اختيار من يخاصمون ومن لا يخاصمون بحسبان أن الخصومة هي ملك أطرافها. إلا أن المشرع على الرغم من وجاهة هذا الأمر أخذ بإمكانية إدخال الغير أو اختصامهم في دعوى مرفوعة، وذلك لمصلحة العدالة، أو من أجل إظهار الحقيقة،
وهذا يتمشى مع الدور الإيجابي التي يتولاه القاضي في إدارة دفة القضاء بما يؤدي إلى العدالة. فالمحكمة تأمر بإدخال طرف ثالث في الدعوى لمصلحة العدالة عندما يكون الهدف من الإدخال هو صدور الحكم بمواجهته كي يكون حجة له أو عليه تفادياً لتناقض الأحكام ومنعاً من إثارة نزاعات جديدة أمام القضاء، لوجود ارتباط بن الإدخال وبين موضوع المطروح في الدعوى، أو لحماية الغير من ضرر يلحق به من احتمال قیام تواطؤ بين الخصوم الأصلين في الدعوى المنظورة،
كما لو أقيمت دعوى تثبيت مبيع عقار بين شخصين وكان يوجد على صحيفة العقار إشارة لصلح أحد الأشخاص ترجح أن له حقاً على العقار محل البيع، وكذلك حق المدعى عليه في إدخال البائع السابق للعقار والذي أعطاه حق الانتفاع بالعقار للرجوع عليه بما سيحكم به للمدعي باعتباره ضامنة، واختصام الغير بناء على أمر من المحكمة لا يستلزم بالضرورة قيام رابطة بين الإدخال والدعوى، بل يمكن أن يكون بناء على ملاحظة المحكمة أن أحد الأشخاص كان مختصمين في الدعوى في مرحلة سابقة، أو لأن المحكمة ترى أن مصلحة العدالة تتحقق بوجود مصلحة للمدخل لأن الطلبات المقدمة في الدعوى قد تمس حقوقه،
وعلى هذا لا يصح اختصام الغير سواء بناء على طلب الخصوم، أو بأمر من المحكمة إلا أمام محاكم الدرجة الأولى. كما يكون الإدخال بناء على أمر من المحكمة لإظهار الحقيقة، كما لو قررت المحكمة إدخال طرف ثالث فيها لإبراز ورقة أو سند موجود تحت يديه، ومن شأنه أن يظهر حقوق الخصوم فيها،
والإدخال لإظهار الحقيقة جائر أمام محاكم الأساس سواء منها محاكم الدرجة الأولى أو محاكم الاستئناف بعكس الإدخال المصلحة العدالة الذي لا يجوز إلا أمام محاكم الدرجة الأولى، وإن مصطلح إظهار الحقيقة مرن بحيث يسمح للمحكمة استعماله في ضوء وقائع كل نزاع، وبذلك يتم رسم حدود العدالة التي تقتضي المصلحة بيانها، وإن كان هذا الأمر يمارس في أضيق الحدود.
ثانيا- إجراءات الإدخال :
للخصم أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها، ويقدم طلب الإدخال باستدعاء أو بمذكرة، ولا يصح تقديمه بطلب عارض على محضر الجلسة،
ويجب أن يبلغ من يطلب إدخاله صورة الطلب ويدعى للمحاكمة في الموعد المحدد لذلك مع مراعاة مواعيد الحضور ومهل المسافة، وإن طلب إدخال خصم في الدعوى ممن يصح اختصامهم فيها بصورة مستقلة ملزم للمحكمة وليس لها سلطة جوازيه في ذلك،
ويتوجب في حال تقرير إدخال خصم بالدعوى عدم فصلها قبل اكتمال الخصومة بمواجهة المدخل، وإن عدم معالجة صحة إجراءات التقاضي في المرحلة الثانية من التقاضي بالرغم من إثارتها في لائحة الاستئناف يجعل الحكم الصادر سابق لأوانه ومستوجب للنقض،
ويجوز بعد نقض الحكم إدخال من كان يصح اختصامه فيها عند رفع الدعوى المادة (151أصول)، ولا محل لتطبيق المادة (239) أصول المتعلقة بطلبات الإدخال أمام محكمة الاستئناف حصرا.