التزام المؤمن بالتصريح عن تحقق الكارثة وما إليه
الالتزام بالتصريح عن تحقق الكارثة (الخطر المؤمن) وما إليه
إذ تحقق الخطر المؤمن أثناء تنفيذ العقد وتولد عن ذلك التزام شركة التأمين بالتعويض، تكون الكارثة قد وقعت، وبالتالي فإنه يقع على عاتق المؤمن التزام أساسي وهو التصريح عن الكارثة. على أنه قد تنص وثائق التأمين على التزامات اتفاقية أخرى تقع على عاتق المؤمن وتختلف باختلاف الأخطار التي تغطيها هذه الوثائق.
وسنعرض أبرز هذه الالتزامات الاتفاقية قبل أن نبحث بشكل مفصل في الالتزام بالإعلان عن تحقق الكارثة.
أولاً- اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على حقوق الشركة:
فقد نصت الفقرة الثانية من المادة الثامنة من عقد تأمين المركبات ضد المسؤولية المدنية أو الأضرار المادية للمركبة المؤمنة على التزام المتعاقد :
” باتخاذ الإجراءات الكفيلة بإثبات مسؤولية سبب الحادث وحفظ حقوق المؤسسة تجاه الغير، کمراجعة رجال الضابطة من أجل تنظیم ضبط بالحادث ومعاينة المصابين وتقدير الأضرار المادية اللاحقة بالغير والسعي على هوية المسبب والشهود وغير ذلك”.
3 – على المتعاقد أن يسلم للمؤسسة كل إعلام أو كتاب أو مذكرة قضائية توجه إليه أو إلى سائق المركبة أو تابعة بنتيجة حادث ما وذلك فور تبلغه أو تبلغهم إياها قانونا”.
ثانياً – أن يسعى إلى اتخاذ الإجراءات كافة الكفيلة بحصر الضرر وأن ينقذ ما يمكن إنقاذه من الأشياء المؤمنة وأن يحافظ على ما أنقذه منها:
وغالبا ما يرد مثل هذا الشرط في وثائق التأمين من الأضرار ولاسيما التأمين من الحريق. وكذلك وثيقة تأمين أخطار النقل البري، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة الخامسة من هذه الوثيقة على التزام المؤمن:
” ببذل الهمة المعقولة للمحافظة على البضائع المؤمنة والعمل على تلافي وقوع الأضرار بقدر الإمكان أو التقليل من الخسائر إلى أدنى حد ممكن كما لو كانت بضاعة غير مؤمنة أصلا”.
هذا بالنسبة لبعض الشروط الاتفاقية التي تفرض التزامات بعد وقوع الكارثة.
أما بالنسبة للالتزام بالتصريح عن وقوع الكارثة فهو التزام تفرضه طبيعة عقد التأمين وقد نصت عليه أغلب القوانين المتعلقة بالتأمين،
ولم يرد في القانون المدني السوري نص خاص بهذا الالتزام إلا أن سائر وثائق التأمين المعتمدة من المؤسسة العامة السورية للتأمين قد نصت على هذا الالتزام.
فقد نصت الفقرة من المادة التاسعة من وثيقة التأمين من الحريق على التزام المتعاقد:
” بأن يبلغ المؤسسة عن الحادث فور وقوعه. وعليه أن يقدم لها الوثائق التالية خلال خمسة عشر يوما من وقوع الحادث على الأكثر أو خلال مدة أطول على أن تسمح المؤسسة بذلك خطية”.
وأضافت الوثيقة في الفقرة الأخيرة من المادة نفسها على أن:
” إذا أقدم المتعاقد أو من يعمل لحسابه على تقديم بيانات احتيالية أو كاذبة أو استعمل في دعم هذه البيانات وسائل احتيالية، بغية الحصول على الضمانات المنصوص عليها في هذا العقد، أو إذا حصل الضرر نتيجة فعل المتعاقد أو بتوجيه منه…، فإن المتعاقد أو خلفاؤه في الحق يفقدون جميع الحقوق المترتبة بموجب هذا العقد”.
كما نصت الفقرة الثامنة من وثيقة التأمين من المسؤولية المدنية أو الأضرار المادية للمركبة المؤمنة على ما يلي:
“1- على المتعاقد عند وقوع حادث أن يقدم لمركز المؤسسة أو الأقرب فرع أو وكالة لها تصريحا خطية وذلك خلال أسبوع من تاريخ الحادث، وإذا وقع الحادث بمناسبة سرقة المركبة وجب على المتعاقد إبلاغ السلطة المختصة فور علمه به.. .
وفي حال عدم قيام المتعاقد بالتزاماته المبينة في هذه المادة يسقط حقه بالتأمين، ويحق للمؤسسة أن تعود عليه بكل مبلغ اضطرت لدفعه من جراء الحادث مع كافة الفوائد والمصاريف التي تكبدتها دون حاجة لأي إنذار وكذلك يسقط حق المتعاقد بالتأمين ويحق للمؤسسة أن تعود عليه بكل مبلغ دفعته إذا أبرز مستندات غير صحيحة أو أدلى بتصريحات كاذبة عن كيفية وقوع الحادث أو مدى الأضرار الحاصلة”.
أما القانون الفرنسي فقد أورد التزام المؤمن بالتصريح عن الكارثة بنص الفقرة الرابعة من المادة التشريعية 113-2 والتي تقضي بأن يقع على عاتق المؤمن:
” أن يخطر شركة التأمين بكل كارثة، يترتب عليها التزام الشركة بالتعويض، فور علمه بها وخلال خمسة أيام”.
من خلال استعراض هذه النصوص نجد أنه يقع على عاتق المؤمن التزام بالتصريح عن حدوث الكارثة وإخبار شركة التأمين بها. فما هو مضمون هذا الالتزام (المبحث الأول) وما هو جزاء الإخلال به المبحث الثاني) أي مؤيد هذا الالتزام.
مضمون الالتزام، التصريح عن الكارثة
أولاً – مبررہ:
يتوجب على المؤمن أن يصرح لشركة التأمين عن كل حادثة من شأنها أن تجعلها مسؤولة نتيجة تحقق الخطر المؤمن.
وهذا التزام بديهي، يمس حقوق شركة التأمين التي يعنيها أن تعلم بوقوع الخطر المؤمن بأقرب وقت ممكن لتتخذ كافة الاحتياطات اللازمة وفي الوقت المناسب.
حيث تتأكد من أن الخطر الذي تحقق هو فعلا من الأخطار المؤمنة، ثم تبادر إلى إجراء التحقيق اللازم، إن استدعى الأمر، لجمع الأدلة الممكنة عن ظروف وقوع الحادث وسؤال الشهود إن وجدوا، واتخاذ ما تستطيع من تدابیر تحصر الضرر في أضيق نطاق ممكن، وتبحث عن المسؤول عن تحقق الخطر لكي تعود عليه بالتعويض محل المؤمن.
ثانياً – شكله:
ويجب أن يصدر التصريح بوقوع الكارثة من المؤمن، أو من خلفه العام إذا مات أو من خلفه الخاص إذا انتقلت ملكية الشيء المؤمن إلى مالك آخر.
على أنه قد يصدر التصريح من المستفيد ولاسيما في حالة التأمين على الحياة إذا استحق هذا الأخير مبلغ التأمين. وكذلك فإنه يصح التصريح عن الكارثة إذا قام به المتضرر، في التأمين من المسؤولية، تمهيدا لاستعمال حقه في الدعوى المباشرة.
ويوجه التصريح إلى شركة التأمين، في مركز عملها إما في الإدارة العامة أو الأقرب فرع أو وكالة وذلك بموجب إخطار يتضمن البيانات كافة التي استطاع المؤمن العلم بها عند وقوع الكارثة.
ومن أبرزها: وقت وقوع الحادث والمكان الذي وقع فيه، والظروف والملابسات التي أحاطت به، وبالشهود إذا وجدوا، وبالنتائج المباشرة التي نجمت عن الحادث… وغير ذلك من البيانات التي يعلمها المؤمن وتكون ذات فائدة في تقدير الظروف التي وقع فيها الحادث، مع تقديم كافة الوثائق والمستندات التي تثبت وقوع الخطر (205).
ويمكن أن يتم الإخطار بأي وسيلة اتصال برسالة مسجلة أو بكتاب عادي يودع في ديوان الشركة أو أحد فروعها أو وكلائها الذين أبرم العقد معهم أو بموجب برقية أو فاكس أو حتى مشافهة. إلا أنه يقع على عاتق المؤمن إثبات صدور التصريح عنه بإخطار شركة التأمين بوقوع الكارثة.
على أن وثائق التأمين السورية تشترط أن يكون التصريح بشكل خطي تحاشيا لأي تواطؤ قد يحصل بين المؤمن ومندوب الشركة من أنه أخطر هذا الأخير مشافهة بالحادث.
ثالثاً – میعاده:
أما عن ميعاد التصريح فلم يرد في القانون المدني السوري أي نص يحدد ميعادا للتصريح عن الكارثة، لذلك يجب أن يتم ذلك في وقت معقول. أما وثائق التأمين فقد نصت على ضرورة التصريح عن الكارثة فور وقوعها وخلال مدة أسبوع من تاريخ حدوثها.
فإذا تأخر المؤمن عن هذه المدة ولحق بشركة التأمين ضرر نتيجة هذا التأخير، جاز للشركة أن تخفض قيمة التعويض بمقدار ما أصابها من ضرر.
ويجب أن نلاحظ أن المهل كافة التي حددتها وثائق التأمين لا تبدأ بالسريان، وهذا طبيعي، إلا بدءا من اليوم التالي لليوم الذي علم فيه المؤمن بالحادث، وتنقضي في الساعة الأخيرة من اليوم الأخير .
ويجب أن نلاحظ أنه في حالة التأمين على الحياة، لا توجد أي مهلة محددة للتصريح عن الكارثة. صحيح أنه لابد من إبلاغ شركة التأمين بتحقق الخطر المؤمن لتنفيذ التزامها في التعويض، إلا أنه ليس هنالك من إجراءات تحفظية ضرورية يمكن أن تتخذها الشركة للحفاظ على مصالحها.
فإذا كان التأمين في حالة الحياة، فلا يوجد أي إشكال. أما إذا كان التأمين في حالة الوفاة، فإن افتراض انتحار أو قتل المؤمن على حياته من قبل المستفيد، أمر هامشي لفرض مدة إلزامية على أسرة الضحية أن تصرح خلالها عن الحادث، تحت طائلة سقوط حقوقها. يضاف إلى ذلك أن المستفيدين من هذا التأمين، لهم مصلحة طبعا، بالتصريح عن الحادث المؤمن بأسرع وقت ممكن (.
مؤيد الالتزام بالتصريح عن الكارثة
سقوط الحق”
يفهم من سقوط الحق، خسارة حق ما.
وفي مجال التأمين لابد من تحديد مفهوم سقوط الحق وشروطه وآثاره، وذلك لأن سقوط الحق كجزاء خاص لإخلال المؤمن بالتزامه بالتصريح عن الحادث أو على إخلاله بالالتزامات الاتفاقية الأخرى التي نص عليها عقد التأمين، لم يفرضه المشرع بموجب أحكام القانون المدني.
وإنما ترك تنظيمه لأطراف العقد ومع ذلك تدخل المشرع في حالات منع فيها تعسف شركة التأمين في إيراد شرط سقوط الحق في عقد التأمين .
أولاً- تعريفه
هو شرط اتفاقي بين المؤمن وشركة التأمين، ويقضي بسقوط حق المؤمن في مبلغ التأمين إذا هو أخل بالتزاماته وقت وقوع الكارثة.
من خلال هذا التعريف نجد أن شرط سقوط الحق يتمتع بالخصائص التالية:
1- إن سقوط الحق هو جزاء اتفاقي ينظمه عقد التأمين. ذلك أنه لم يرد نص في القانون يفرض جزاء سقوط الحق في حال إخلال المؤمن لالتزامه بالتصريح عن الكارثة .
2- إن سقوط الحق يقتضي فقدان الحق بالحصول على مبلغ التأمين من شركة التأمين فإذا كان المؤمن وقت الكارثة ليس له حق بالحصول على مبلغ التأمين إما لأن الخطر المحقق مستبعد من التأمين، أو لبطلان عقد التأمين، أو لأن التأمين موقوف بسبب عدم تسديد المؤمن لبدل التأمين، فإننا لا نكون أمام سقوط الحق، وإنما أمام خطر مستبعد أو بطلان أو وقف لسريان التأمين.
إذن فسقوط الحق يفترض وقوع الكارثة بتحقق الخطر المؤمن في عقد التأمين من جهة ويترتب على ذلك التزام شركة التأمين بدفع مبلغ التأمين من جهة أخرى.
إذن فسقوط الحق يعني أن للمؤمن الحق بالحصول على مبلغ التأمين ولكنه فقد هذا الحق كجزاء لأخطار ارتكبها بعد وقوع الكارثة.
3- يعتبر سقوط الحق جزاء لإخلال المؤمن لالتزاماته بعد وقوع الكارثة. ذلك لأن حق المؤمن بالحصول على مبلغ التأمين لا يولد إلا بعد وقوع الكارثة ومن ثم يفقده هذا المؤمن.
وسقوط الحق هو مفهوم واضح ومتماسك إذا ما حدد بالنسبة للأخطاء التي يرتكبها المؤمن بعد وقوع الكارثة.
4 – إن سقوط الحق لا يعني زوال عقد التأمين، بل يبقى العقد سارية، ويبقى المؤمن ملتزمة بدفع الأقساط على الرغم من سقوط حقه بالتعويض.
ويبقى العقد سارية بالنسبة للمستقبل حيث يحق للمؤمن له أن يرجع على شركة التأمين بالتعويض عن جميع الحوادث التي تقع في المستقبل إلا إذا سقط حقه مرة أخرى بالنسبة إلى أي حادث منها .
ثانياً – شروطه
فرض المشرع شروطا شكلية معينة لصحة شرط سقوط الحق على أنه لم يتعرض إلى الشروط الموضوعية له.
أ – الشروط الموضوعية لشرط سقوط الحق:
هناك حالات يطبق فيها شرط السقوط وأخرى لا يطبق فيها.
1 – يطبق شرط سقوط الحق سواء أكان المؤمن سيء النية متعمدة الإخلال بالتزامه بالتصريح عن الخطر خلال المدة المحددة، أم كان حسن النية لم يتعمد الإخلال بالالتزام ولم ينسب إليه إلا مجرد التقصير، وسواء أصاب شركة التأمين ضرر من إخلال المؤمن بالتزامه أم لم تصب بأي ضرر من جراء ذلك. فهو شرط يراد به أن يردع المؤمن من الإخلال بالتزامه بالتصريح عن الكارثة.
2 – يفرض شرط سقوط الحق كجزاء لمختلف الالتزامات التعاقدية التي تقع على عاتق المؤمن بعد وقوع الكارثة ولا سيما تلك المتعلقة ببيان الخسائر والأضرار الناتجة من الحادث إذا كانت مقدرة بشكل مغالی به عن غش من المؤمن.
3 – يطبق شرط سقوط الحق ولو لم يلحق أي ضرر بشركة التأمين، فهو لا يقوم على أساس من المسؤولية التقصيرية. كما أنه ليس بالشرط الجزائي، ذلك أن الشرط الجزائي ليس إلا تقدير اتفاقية للتعويض عن الضرر الذي يصيب أحد التعاقدين.
4 – يعد شرط سقوط الحق باطلا ولا يطبق إن كان يقضي بسقوط حق المؤمن بالتعويض بسبب مخالفة القوانين والأنظمة، إلا إذا انطوت هذه المخالفة على جناية أو جنحة قصدية .
5- يعد شرط سقوط الحق باطلاً إذا كان جزاء لتأخر المؤمن عن التصريح بالحادث للسلطات المختصة، غير شركة التأمين، كحالة السرقة حيث يجب على المؤمن أن يتقدم بشكوى للنيابة العامة بهذه السرقة.
فإذا تأخر المؤمن عن تقديم هذه الشكوى لعذر مقبول أو كان التأخر بسيطة، فإن شرط السقوط يعد باط؟ إذا ورد في عقد التأمين جزاء لمثل هذه الحالة.
على أنه يبقى من حق شركة التأمين أن ترجع على المؤمن بالتعويض عن الضرر الذي لحق بها نتيجة تأخر المؤمن في التبليغ عن الحادث للسلطات المختصة، ويكون من حقها أن تلجأ إلى التخفيض النسبي للتعويض بما يتناسب مع الضرر الذي لحق بشركة التأمين، ويقع على عاتقها إثبات الضرر الذي لحق بها من جراء تأخر المؤمن في التبليغ عن الكارثة للسلطات المختصة.
6 – يعد باطلاً أيضا شرط سقوط الحق إذا كان جزاء لتأخر المؤمن في تقديم المستندات المتعلقة بالكارثة لشركة التأمين لتتمكن من الدفاع عن مصالحها. إذا تبين أن التأخر كان لعذر مقبول.
وهنا أيضا يعد هذا الشرط باطلا للتعسف. فإذا اشترطت شركة التأمين في التأمين من الحريق على المؤمن أن يقدم لها سائر الفواتير والوثائق والبراهين والدفاتر والمخالصات التي لها علاقة بالمطالبة بالتعويض أو بأصل الحريق وسببه وما إلى ذلك من وثائق، وكان جزاء التأخر في تقديم هذه الوثائق يؤدي إلى سقوط حق المؤمن بالتعويض، ولو كان لعذر مقبول، يعد الشرط باطلا للتعسف.
على أنه يعد هذا الشرط صحيحا إذا تعمد المؤمن عدم تقديم المستندات أو تأخر في تقديمها لعذر غير مقبول. وفي جميع الأحوال وحتى لو كان شرط سقوط الحق باطلا للتعسف، فإنه يجوز لشركة التأمين، إذا أثبتت أن ضررة لحق بها من جراء التأخر في تقديم المستندات، أن تعود على المؤمن بالتعويض .
7 – وقد أضاف المشرع الفرنسي بأحكام المادة التشريعية 124-2 المتعلقة بالتأمين من المسؤولية على بطلان شرط سقوط حق المؤمن بالتعويض، إذا اعترف بمسؤوليته أو تصالح مع المتضرر دون علم شركة التأمين. على أن شرط عدم حجية الاعتراف أو المصالحة مع المتضرر، تجاه شركة التأمين يعد صحيحة .
ب – الشروط الشكلية لشرط سقوط الحق:
بما أن شروط سقوط الحق هو جزاء اتفاقي يتضمنه عقد التأمين, لذلك فقد وضع المشرع والاجتهاد القضائي بعض الشروط الشكلية لصحته من أبرزها:
1 – يجب أن يكون هناك اتفاق بين شركة التأمين والمؤمن على سقوط الحق، وأن يكون واضحة ومحددة، فشرط سقوط الحق لا يفترض، ولا يجوز التوسع في تفسيره.
ذلك لكي يعرف المؤمن بشكل صحيح ما يترتب على تخلفه في تنفيذ التزامه من نتائج. فإذا كان الشرط غامضة أو مبهمة فإنه يفسر المصلحة المؤمن، ذلك لأن شركة التأمين هي التي نظمته في عقد التأمين .
2 – يجب أن يكتب شرط سقوط الحق، إذا ورد بين الشروط العامة المطبوعة في وثيقة التأمين، بارزة بشكل ظاهر.
إما بخط غامق أو بكلمات مدونة بخط مكبر يميزه عن باقي النصوص. وهذا الشكل الظاهر يجب أن يشمل سقوط الحق والالتزام الذي يترتب عليه .
3 – يجب أن يرد شرط سقوط الحق ضمن وثيقة التأمين نفسها.
وقد عد الاجتهاد القضائي باط شرط سقوط الحق الذي يتضمنه النظام الداخلي للشركة دون أن ينص عليه عقد التأمين .
ويطبق نفس الحكم إذا لم يحصل المؤمن من شركة التأمين إلا على مذكرة التغطية التي تستند إلى الشروط العامة لوثيقة التأمين التي لم تسلم بعد للمؤمن .
ثالثاً- آثار شرط سقوط الحق
إن الأثر الأساسي لسقوط الحق هو حجب مبلغ التأمين عن المؤمن الذي لولا أن أخل بالتزامه بعد وقوع الكارثة لكان من حقه قبضه. على أن الاحتجاج بسقوط الحق تجاه المؤمن يختلف عنه تجاه الغير.
أ- الاحتجاج بسقوط الحق في علاقة شركة التأمين بالمؤمن:
1 – إن الأثر الأساسي لسقوط الحق بالنسبة للمؤمن هو فقده لحقه بمبلغ التأمين الذي منحه إياه عقد التأمين. ويقتصر ذلك على الكارثة التي أخل المؤمن بعدها تنفيذ التزامه. أما بالنسبة لباقي شروط العقد، فيبقى العقد نافذا ويلتزم المؤمن بدفع أقساط التأمين. وتلتزم شركة التأمين بالتعويض عن الحوادث التي قد تقع بعد هذه الكارثة.
ويقع على عاتق المؤمن إثبات أنه قد نفذ التزاماته بعد وقوع الكارثة، وبالمقابل يقع على عاتق شركة التأمين، إذا تمسكت بسقوط الحق، أن تثبت خطأ المؤمن في تنفيذ التزامه بالتصريح عن الكارثة.
2 – ومع ذلك يحق للمؤمن أن يدفع بعدم تطبيق شرط سقوط الحق في حالات ثلاث:
الحالة الأولى: إذا تنازلت شركة التأمين عن المطالبة بسقوط حق المؤمن، ويجب أن يكون هذا التنازل واضحة لا لبس فيه ولا غموض.
وقد أعطى الاجتهاد القضائي أمثلة عن هذا التنازل، حيث يستخلص من تصرفات شركة التأمين، مشاركة شركة التأمين في تعيين خبراء لتقدير قيمة الخسائر التي نجمت عن الكارثة .
ومثل ذلك أيضا أن تعرض شركة التأمين على المؤمن أو على المتضرر مبلغ على سبيل التعويض .
من خلال هذه الأمثلة نجد أن تنازل شركة التأمين عن المطالبة بسقوط الحق وإن لم يكن صريحا، فهو تنازل واضح لا لبس فيه.
الحالة الثانية: يمكن للمؤمن أن يتمسك بالقوة القاهرة، كسبب لإخلاله بالتزاماته بعد وقوع الكارثة، والتي منعته من تنفيذها، ويقع على عاتقه عبء إثباتها.
وقد تشدد الاجتهاد القضائي في قبول القوة القاهرة، وافترض انه لا يمكن للمؤمن، في التأمين من الإصابات، أن يتمسك بإصابته التي جعلته عاجزة عن القيام بالتزامه في إخطار شركة التأمين بوقوع الحادث في الميعاد المحدد، وذلك إذا تبين من ظروف الحال أن باستطاعته أن يكلف شخصا آخر بالقيام بهذا الإخطار .
كما أن جهل المستفيد بوجود التأمين لصالحه لا يعد من قبيل القوة القاهرة، وبخاصة إذا صرحت وثيقة التأمين بأن جهل المستفيد لا يعد عذرة، وكان على المؤمن أن يخبر المستفيد بالتأمين وبالشروط الواردة فيه .
وكذلك لا يكون نجهل المستفيد قوة قاهرة، إذا كان هو المسؤول عن ذلك الجهل أو التأخر في التصريح عن الكارثة .
الحالة الثالثة: يمكن للمؤمن أن يستبعد تطبيق شرط سقوط الحق إذا ما أصلح الخطأ الذي ارتكبه، قبل أن تتمسك شركة التأمين بسقوط الحق.
كما لو قدم المؤمن لشركة التأمين بيانا مغالى فيه وغشأ منه عن الخسائر التي نجمت عن الحادث. فإذا ندم المؤمن على فعلته، وبادر من تلقاء نفسه، وقبل أن تتمسك شركة التأمين بهذا الغش، إلى إصلاح خطئه وقدم بيان صحيحة عن الخسائر، فأزال بذلك كل أثر يمكن أن يترتب على البيان المغالى فيه، فإن إخلاله بالتزامه في بداية الأمر يمحوه ما فعله بعد ذلك من إصلاح لهذا الخطأ، فترفع عنه عقوبة سقوط الحق.
ويجب أن نلاحظ بأنه لا يكون الإخلال بالالتزام قابلا للإصلاح، إذا كان تنفيذ الالتزام واجبة في ميعاد محدد وانقضى هذا الميعاد، كما لو تخلف المؤمن على تنفيذ التزامه بالتصريح عن الكارثة ومضت المدة المحددة لهذا التصريح .
ب- الاحتجاج بسقوط الحق بالنسبة للغير:
يختلف أثر الاحتجاج بسقوط الحق بالتأمين بالنسبة للغير حسب صفة هذا الغير وحسب نوع التأمين.
1 – فبالنسبة للمستفيد من التأمين، يحق لشركة التأمين أن تتمسك بسقوط الحق ليس فقط تجاه طالب التأمين، وإنما أيضا تجاه المستفيد الذي اشترط التأمين لمصلحته. كما لو كان مستفيدة من تأمين في حالة الوفاة .
2 – أما في التأمين من المسؤولية، فلا يحق لشركة التأمين أن تحتج بسقوط الحق، تجاه المتضررين.
هذا ما استقر عليه الاجتهاد القضائي، ذلك لأن حق المتضرر في إقامة الدعوى المباشرة للمطالبة بالتعويض قد نشأ من لحظة وقوع الكارثة، ولا يتأثر هذا الحق بتخلف المؤمن عن تنفيذ التزاماته بعد وقوع الكارثة .
وهذا ما أكدته المادة 207 من قانون السير رقم 19 لعام 1974 المتعلق بالتأمين الإلزامي على المركبات الآلية، التي نصت على ما يلي:
” أ- يعطي عقد التأمين الإلزامي للمتضرر حقة مباشرة تجاه شركة التأمين ولا تسري بحق الدفوع التي يجوز لشركة التأمين أن تتمسك بها قبل المؤمن له..”.
3 – عدم حجية شرط سقوط الحق تجاه الدائنين المرتهنين أو صاحبي حق امتیاز على الشيء المؤمن.
وهذا ما قضت به محكمة النقض الفرنسية التي أقرت لمصلحة الدائن إذا كان له حق رهن أو حق امتیاز على الشيء المؤمن، فانتقل حقه بعد وقوع الكارثة إلى مبلغ التأمين، فلا تستطيع شركة التأمين أن تحتج بسقوط حق المؤمن على الدائن المرتهن أو الدائن صاحب حق الامتياز، ورجع هؤلاء الدائنون عليها بمبلغ التأمين، على أنه يحق لشركة التأمين أن ترجع بدورها على المؤمن بما دفعته للدائنين، فهي بمثابة الكفيل الذي وفي دين من كفله.
وقد جاءت المادة 736 من القانون المدني السوري بما يدعم هذه الفكرة بنصها على أنه:
“1- إذا كان الشيء المؤمن عليها مثقلا برهن أو تأمين أو غير ذلك من التأمينات العينية انتقلت هذه الحقوق إلى التعويض المستحق للمدين بمقتضى عقد التأمين.
2 – فإذا شهرت هذه الحقوق أو أبلغت إلى المؤمن (شركة التأمين) ولو بكتاب مضمون، فلا يجوز له أن يدفع ما في ذمته للمؤمن له إلا برضاء الدائنين”.
وتطبيق هذا النص يقتضي أن يكون هناك عقد تأمين على الأشياء وأن يكون للدائن حق خاص بالشيء المؤمن وأن يعلن عن هذا الحق خاصة لشركة التأمين إما برسالة مسجلة أو بتسجيله أصولا على صحيفة الشيء المؤمن (السجل العقاري مثلا) .