الليل وتعدد السارقين
وهي حالة ممن حالات التشديد الواردة في الفقرة (أ) من المادة 628 من قانون العقوبات.
إن اجتماع ظرفي الليل وتعدد السارقين يشدد عقاب السرقة نظرا لما يمثل اجتماعهما من خطورة خاصة على المجني عليهم، أو على النظام العام.
– فظرف الليل هو ظرف مسهل لارتكاب السرقة نظرا لكون الناس يخلدون فيه للراحة والنوم، كما أنه يضعف قدرة المجني عليهم في الدفاع عن أموالهم مقارنة فيما لو ارتكبت السرقة نهاراً و المشرع السوري لم يحدد مدلول الليل بالرغم من اعتباره ظرفا مشددا للسرقة.
ولليل مدلولان، مدلول فلكي باعتباره الفترة الزمنية الواقعة بين غروب الشمس وشروقها.
ومدلول عرفي باعتباره الفترة الزمنية التي يخيم فيها الظلام.
وبالرغم من تبني محكمة النقض السورية للمفهوم الفلكي بقولها :
«الليل يشمل الفترة مابين غروب الشمس وطلوعها، فإن السرقة التي تقع في هذه الفترة يجب التشديد فيها»
إلا أننا نخالف هذا الاتجاه و نميل إلى الأخذ بالمدلول العرفي، باعتبار أن الليل هو الفترة التي يسود فيها الظلام فعلا، لأن هذه الفترة هي التي تتوافر فيها حكمة التشديد.
ذلك أن سهولة تنفيذ السرقة ترتبط بالظلام وهدوء الحياة فيه، والنوم، أكثر مما ترتبط باللحظة التي يحدد فيها الفلكيون غروب الشمس وشروقها.
ناهيك عن أنه في بعض أوقات فصل الصيف تغيب الشمس بالرغم من استمرار الضوء لفترة لا بأس بها، فلا يعقل أن نعتبر السرقة الواقعة أثناء ذلك أنها تمت في الليل استنادا للمدلول الفلكي، وذلك لتعارضه مع الحكمة من التشديد، وهو وجود الظلام الذي سهل ارتكاب السرقة، وأبرز خطورة الفاعل الذي يستغل الظلام مضمرة في الغالب العزم على استعمال العنف مستترا بالعتمة إذا اقتضت السرقة ذلك.
ولا ريب أن السرقة تعتبر واقعة في الليل و إن كانت قد بدأت في النهار إلا أنها لم تنتهي إلا ليلا، أو أنها بدأت لي ولم تنتهي إلا نهاراً.
حيث يكفي أن يرتكب أي فعل من أفعال التنفيذ ليلاً حتى تتوفر علة التشديد، وإن لم تحصل النتيجة الانهار.
– أما ظرف تعدد السارقين، فحكمة التشديد فيه واضحة أيضا فهو يسهل وقوع السرقة لخوف المجني عليه من مقاومة قد لا تجدي نفعا مع عدة أشخاص، فضلاً عن أن التعدد ينم عن خطورة كامنة في أشخاص السارقين، فتعدد المجرمين قد يعطي كل واحد منهم الجرأة لارتكاب أفعال خطيرة لا يقدم عليها لو كان بمفرده.
وتطبيقاً لذلك فإن حكمة التشديد لا تتوفر إذا لم يقم بالسرقة سوى شخص واحد مع وجود متدخلين أو محرضين، وقد كان المشرع واضح في هذا المعنى بقوله «السارق اثنان فأكثر» أي وجود السارقين مجتمعين في مكان تنفيذ الجريمة، بصفة فاعلين وشركاء.
وغني عن البيان أن تعدد السارقين يفترض وحدة الجريمة، ففي هذه الحالة فقط يمكن القول بأن مرتكبي السرقة قد تعددوا.
أما إذا ارتكب عدة أشخاص لعدة جرائم سرقة، بحيث كان لكل سرقة فاعل واحد، فليس هناك تعدد وإن جمعت بين هذه السرقات صلات وثيقة كتقارب في الزمان أو المكان ويمكننا تصور هذه الفرضية بتعرض أحد المنازل بذات الوقت للسرقة من الصين، لا يعرفان بعضهما، وإن محض الصدفة هي التي جعلتهما يسطوان على المنزل بذات الوقت.
نخلص إذا بأن اجتماع طرفي الليل مع تعدد السارقين يجعل السرقة مشددة تشديداً جنحياً.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا أضيف ظرف التقنع أو حمل السلاح لهذين الطرفين، أصبحت السرقة جنائية الوصف، ويطبق عليها التشديد الجنائي وفق المادة 626 ق.ع.
وعلى ذلك لابد لاعتبار التشديد جنحي فقط اجتماع ظرفي الليل والتعدد، وإذا أردنا توظيف الرياضيات في ظرف التشديد هذا الخلصنا إلى المعادلة التالية:
سرقة + ليل + تعدد = سرقة مشددة عقابها من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة.
التعليقات مغلقة.