الضرر لا يكون قديماً
نفي الضرر في هذه القاعدة مجازي وليس على حقيقته، فالضرر يمكن أن يكون قديماً في الحقيقة بأن لا يعرف أحد أوله ، إلا أن المنفي هنا هو الحكم بإبقائه فيكون المعنى (الضرر لا يحكم ببقائه استناداً لقدمه).
وهذه القاعدة بمنزلة القيد أو الاستثناء للتي قبلها (القديم يترك على قدمه)؛ لأن القدم إنما اعتبر لغلبة الظن بأنه ما وضع إلا بوجه شرعي، فإذا كان مضراً ففي ذلك دلالة على أنه لم يوضع بوجه شرعي. .
ولا بد من ضبط الضرر المراد بهذه القاعدة، والضابط هو القول بأن كل ضرر يباح التنازل عنه والإذن به من المتضرر يحكم ببقائه إذا كان قديماً كالأضرار التي تصيب حقوقاً خاصة للإنسان، وما لا يباح بالتراضي والإذن من الأضرار كالتي تمس بالجماعة أو بحقوق الله، فإنها لا تباح بالإذن ولا يعتد بقدمها، ولكن تُمنع مطلقاً قديمة كانت أم حادثة .
وهذا في الضرر الفاحش، أما غير الفاحش فيُراعى قدمه ويُعتبر لأنه يمكن أن يكون مستحقاً بوجه من الوجوه الشرعية وهذا التعليل يشعر بأن القديم الذي يُراعى قدمه هو الذي يمكن أن يُستحق بوجه شرعي.
ولهذا قالوا : (لا عبرة للقديم المخالف للشرع القويم).