أولاً – هل يعتبر هذا الحجز صورة لاستعمال الدائن حقوق مدينه ؟
يرى بعض الشراح في تحديد الطبيعة القانونية لحجز ما للمدين لدى الغير أنه صورة لاستعمال الدائن حقوق مدينه وفقاً لأحكام الدعوى غير المباشرة المنصوص عليها بأحكام المادة 236 من قانون المدني والتي تسمح ” لكل دائن ولو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين …إذا لم يستعملها المدين وكان عدم اسمتعمالها من شأنه أن يسبب إعساره أو أن يزيد في هذا الإعسار . “…
والواقع أن حجز مال المدين لدى الغير يختلف كل الاختلاف عن الدعوى غير المباشرة سواء من حيث الغرض المقصود منه أم من حيث شروطه أم من حيث آثاره.
فلاغاية من حجز مال المدين لدى الغير استيفاء حق الحاجز مباشرة من الحق المحجوز عليه، أما استعمال الدائن حقوق مدينه فلا يهدف الا مجرد إدخال الحق في أموال المدين ليكون ضماناً لسائر الدائنين ويستفيدوا منه ولو لم يتدخلوا معه.
كما أن حق الدائن في الحجز على ما لمدينه لدى الغير هو حق قائم بذاته ومستقل عن حق استعمال حقوق المدين ويتفرع مباشرة من حق الضمان العام، وعلى اعتبار أن جميع أموال المدين ضامنة للوفاء بديونه سواء أكانت هذه الأموال في يده أم كانت في يد غيره. أما استعمال الدائن حقوق مدينه فإنما يقوم على أساسين:
الأول – أن أموال المدين جميعها تدخل في الضمان العام واستعمال الدائن لها هو للمحافظة على ضمانه العام.
والثاني – نيابة الدائن عن المدين في استعمال حقوقه، وهي نيابة تختلف عن أحكام النيابة المنصوص عليها في القانون المدني.
كما أنه لا يشترط في حجز مال المدين لدى الغير ما يشترطه القانون لاستعمال حقوق المدين من أنه لا يكون قد استعمل حقه ويكون من شأن ذلك إعساره المدين أو الزيادة في إعساره.
وبحجز مال المدين لدى الغير يمتنع على المدين التصرف فيما له في ذمة الغير، كما يمتنع على الغير الوفاء له بمطلوبه، أما إذا استعمل الدائن حقوق مدينه ، فلا يمتنع على المدين التصرف في حقه ولا على الغير ” مدين المدين ” الوفاء له بمطلوبه.
وبناء على ما تقدم نجد أن حق الدائن في الحجز على ما لمدينه لدى الغير هو حق قائم بذاته، مستقل عن حق استعمال حقوق المدين
ثأنها- هل هو حجز تنفيذي أم احتياطي ؟
يذهب بعض الشراح المصريين إلى اعتبار ” أن حجز مال المدين لدى الغير يعتبر دائماً في بدايته احتياطياً لأن الدائن لا يتخذه في مواجهة مدينه مباشرة وعلى أمواله، وانما هو يحجز بمقتضاه على ما يعتقد أن يكون لمدينه لدى الغير من حقوق أو منقولات،
ومن هنا تتأتى الصفة الاحتياطية للحجز وان كان بيد الحاجز سند تنفيذي، ولهذا إذا رضي حائز المنقولات ” المحجوز لديه ” توقيع الحجز عليها فوراً و ضبطها في منزله فإن الحجز يعتبر تنفيذياً .
ويرى آخرون أن حجز مال المدين لدى الغير يمر بمرحلتين:
الأولى – ذات صفة احتياطية وبموجبها يمنع الغير من التصرف بأموال المدين المحجوزعليه والموجودة تحت يده.
والثانية – ذات صفة تنفيذية وفيها يصار إلى اقتضاء حق الدائن الحاجز من هذه الأموال إذا كانت من النقود أو من قيمتها بعد بيعها بالمزاد العلني إذا لم تكن من النقود .
وخلاصة القول: أن حجز ما للمدين لدى الغير يصح أن يعتبر نوعاً خاصاً من الحجوز، له وضعه الخاص وأحكامه الخاصة، ويتصل بالنوعين معاً الحجز الاحتياطي والحجز التنفيذي على حد سواء. وقد أطلق عليه بالفرنسية الحجز التوقيفي Saisie – Arret باعتباره يمنع كلا من المدين والمحجوز لديه من التصرف بالمال المحجوز ريثما تتم مقتضيات التنفيذ.
لقراءة وتحميل البحث كاملاً حول ” حجز مال المدين لدى الغير ” يرجى الضغط هنا