شركة التضامن
تعد شركة التضامن من أبسط الشركات التجارية، وهي شكل قديم من أشكال الشركات، ونموذج شركة الأشخاص القائمة على الاعتبار الشخصي.
وقد عرف قانون الشركات شركة التضامن بأنها:
“شركة تعمل تحت عنوان معين تتألف من شريكين أو أكثر يكونون مسؤولين بصفة شخصية وبوجه التضامن في جميع أموالهم عن التزامات وديون الشركة”. (مادة 1/29 شركات)).
وقد أبرز هذا التعريف الخاصة الجوهرية لشركة التضامن، وهي مسؤولية الشركاء الشخصية والتضامنية عن ديون الشركة، كما أكد أن الشركة تعمل تحت عنوان معين وهو ما يبرز تأثر الشركة بشخصية الشركاء أو أحدهم، وفي الواقع يعد عنوان الشركة من طبيعة شركة التضامن إلا أنه ليس من مستلزماتها، أي ليس شرطاً جوهرياً لوجود شركة التضامن، وإن كانت هذه الشركة تتخذ على الغالب عنواناً خاصاً بها.
وقد أكدت الفقرة الثانية من المادة 29 من قانون الشركات على اكتساب الشريك في شركة التضامن صفة التاجر ويعتبر كأنه يتعاطى التجارة بنفسه تحت عنوان الشركة.
عنوان الشركة
لشركة التضامن عنوان يميزها عن غيرها، يتفق الشركاء على إعطائه للشخص الاعتباري ليظهر به أمام الجمهور، وتوقع به التعهدات التي تتم لحساب الشركة.
ويتألف عنوان الشركة من أسماء الشركاء، حتى يتسنى للغير العلم بشخصية الشركاء الذين يكمل انتمائهم ائتمان الشركة وتكون أموالهم ضامنة للوفاء بديونها، استناداً لمسؤوليتهم الشخصية والتضامنية عن التزامات وديون الشركة، كما سنرى.
وليس من الضروري ذكر أسماء جميع الشركاء خاصة إذا كان عددهم كبيرة، بل يكفي ذكر اسم واحد أو أكثر من الشركاء مع إضافة كلمة أوشركاؤهم” أو بما معناها وذلك للدلالة على شخصية الشركة المستقلة عن شخصية الشركاء والإعلام الغير بوجود شركاء غيره في الشركة التي يتعاملون معها.
ويكون الاسم المذكور وحده في العنوان هو اسم أهم الشركاء، عادة، وأكثرهم جذبا للائتمان.
ويجب أن يتوافق عنوان الشركة مع أسماء الشركاء الحاليين فيها (مادة 2/30شركات).
وبالتالي يجب رفع اسم الشريك من عنوان الشركة وذلك في حالة وفاته أو انسحابه أو خروجه من الشركة، إذا لم يرد في عقد الشركة نص يقضي عليها في مثل هذه الأحوال.
غير أنه يحق للشركاء أو لورثتهم في حال وفاة جميع الشركاء أو بعضهم الطلب من أمين سجل التجارة الإبقاء على اسم الشركاء المتوفين في عنوان الشركة، إذا كان هذا الاسم قد اكتسب شهرة تجارية، شرط أن تتم الإشارة إلى ما يفيد استخلاف اسم هذه الشركة، كإضافة عبارة “خلفاء فلان” مثلا.
ومبرر ذلك الاستفادة من الشهرة التجارية لعنوان الشركة، ولكي لا يعتقد الغير بقيام شركة جديدة بدلا من الشركة القديمة.
ولا يجوز أن يتضمن عنوان الشركة إلا أسماء الشركاء، فإذا تضمن اسم شخص أجنبي عن الشركة مع علمه بذلك، أي أن يرضى عن علم بإدراج اسمه في عنوان الشركة، كان هذا الشخص مسؤولا على وجه التضامن عن ديونها.
وفي ذلك تنص الفقرة الثالثة من المادة 30 من قانون الشركات بأن:
“3- كل شخص أجنبي عن الشركة يرضى عن علم بإدراج اسمه في عنوان شركة يصبح مسؤولاً بصفته الشخصية وبوجه التضامن عن ديونها تجاه أي شخص ينخدع بذلك”.
وطبقا لهذا النص يكون الشخص الأجنبي الذي أدرج اسمه في عنوان الشركة مسؤولاً عن دیونها مسؤولية شخصية تضامنية.
إلا أن هذا الحكم ليس مطلقا وإنما اشترط القانون لتطبيقه توافر شرطين:
1– أن يكون الشخص الأجنبي عالما بإدراج اسمه في عنوان الشركة، فهو بذلك قد رضي بمعاملة الشريك المتضامن في الشركة.
أما إذا كان صاحب الاسم يجهل إدراج الشركاء لاسمه في عنوان الشركة، فإنه لا يجوز إلزامه بديون الشركة.
2– أن ينخدع الغير من إدراج اسم الشخص الأجنبي في عنوان الشركة.
ويعني ذلك اعتقاد الغير بحسن نية أن الشخص المدرج اسمه في عنوان الشركة إنما هو شريك فيها، أو بعبارة أخرى أن الغير يجهل بأن صاحب الاسم ليس في الحقيقة شريكاً في الشركة.
وأساس ذلك وجوب حماية الغير حسن النية الذي اعتمد بالأوضاع الظاهرة وتعامل مع الشركة باعتبار الشخص الوارد اسمه في عنوان الشركة شريكا فيها.
إلا أن الاعتداد بالأوضاع الظاهرة في هذا المقام رهن بخطأ يرتكبه صاحب الاسم الذي يرضى عن علم بإدراج اسمه في عنوان الشركة ولا يعارض في ذلك ويطالب بإزالة اسمه من عنوان الشركة.
وذلك لأنه في الفرض العكسي يجب حماية صاحب الاسم الذي يجهل بالواقعة، ولا يمكن بالتالي نسبة ثمة خطأ إليه.
ويكون عبء الإثبات واقعاً على عاتق الشخص الذي يدرج اسمه في عنوان الشركة، إذ يتوجب عليه أن يثبت أنه كان يجهل بواقعة إضافة اسمه إلى العنوان أو أنه عارض بشكل ثابت هذا الإدراج، أو إثبات سوء نية الغير وعلمه بأن صاحب الاسم ليس شريكاً في شركة التضامن: ويمكن إثبات ذلك بكافة وسائل الإثبات لأنها مسألة تتعلق بالواقع.
وتجدر الإشارة إلى أن القانون لم يتعرض لصفة هذا الشخص الأجنبي، ونلاحظ أنه لم يعده شريكاً كسائر الشركاء الحقيقيين في الشركة، فلا يجوز بالتالي منحه صفة التاجر.
واقتصر الحكم على اعتباره مسؤولاً عن ديون الشركة بصفته الشخصية وبوجه التضامن.
وقد تتخذ شركة التضامن تسمية مبتكرة لها وهي عبارة يراعى فيها الطرافة أو الابتكار، وتضيفها إلى عنوانها، مثل “سيدتي الجميلة، لكن لا يجوز التوقيع على تعهدات الشركة بهذه التسمية، وإنما يجب أن يتم التوقيع بعنوان الشركة.