جاء النص على هذا العذر المشترك بين السرقة والاحتيال وإساءة الائتمان في المادة 660 كما يلي:
” إن مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في الفصول السابقة يقضى عليهم بالعقوبة المنصوص عليها في القانون مخفضاً منها الثلثان إذا كان المجني عليهم من أصولهم أو فروعهم أو أزواجهم أو من ذوي الولاية الشرعية أو الفعلية عليهم ويعفون من العقاب إذا أزالوا الضرر الذي أحدثوه”
بتحليل هذا النص نلاحظ أن المشرع راعی مابين أفراد الأسرة الواحدة من روابط، وارتأى ضرورة الحفاظ على صلات الود والمحبة بين أفرادها، تلك الروابط التي تمزقها الملاحقة الجزائية ومن ثم العقوبة أكثر مما تمزقها السرقة ذاتها.
لذلك اعتبر المشرع السرقة بين الأصول والفروع والأزواج وذوي الولاية الشرعية أو الفعلية عذرة يخفف العقوبة المحددة للسرقة إلى ثلثها.
وفي حالة إزالة الضرر الذي حدث، أي إعادة المال المسروق أو قيمته نقدا عند استحالة رده عينا، يستفيد الفاعل من عذر محل من العقاب.
وقد اعتبرت محكمة النقض السورية أن إسقاط القريب لدعواه موجباً للإعفاء من العقوبة كما توجبه إزالة الضرر الذي أحدثه الجرم”.
وقد وسع المشرع من نطاق عذر القرابة فجعله شاملاً لجميع جرائم السرقة الجنحية والجنائية.
وإذا قام المجرم، الذي استفاد من عذر محل أو مخفف، بتكرار السرقة خلال خمس سنوات من تاريخ ارتكابه للسرقة الأولى فيبقى مستفيداً من العذر المخفف إذا أعاد المال المسروق أو قيمته نقدا، ولكن لا يستفيد من ذات التخفيف السابق بل يخفف عنه ثلث العقوبة فقط.
إلا أنه لو أعاد المال المسروق فلا يستفيد هنا من العذر المحل.
وقد قضت محكمة النقض السورية بأن
” اعتياد الابن على سرقة أموال أبيه يحرمه من حق الإعفاء من العقوبة”.
ويشترط للاستفادة من عذر القرابة أن يكون المال المسروق مملوكاً لمن تتوافر فيهم صفات القرابة التي حددها النص.
فإذا كانت ملكية هذا المال مشتركة بين أحدهم وشخص أخر من غير المذكورين في النص فلا يطبق العذر .
و العبرة بحقيقة ملكية المال لا بما يتوهم السارق على سبيل الخطأ.
فإذا اعتقد الزوج أن المال الذي سرقه غير مملوك لزوجته مثلا ثم تبين أنه مملوكاً لها استفاد من العذر .
وعذر القرابة له طابع شخصي يقتصر فقط على من تتوافر فيه إحدى صفات القرابة المحددة بالنص، فلا يسري بالنسبة لغيرهم من المساهمين في الجريمة شركاء كانوا أم متدخلين أم محرضين.
أما الأشخاص الذين يستفيدون من العذر فلقد حددهم النص بالأصول والفروع والأزواج وذوي الولاية الشرعية أو الفعلية.
وقد ورد ذكر هؤلاء الأشخاص على سبيل الحصر، بالتالي فالعذر لا يشمل السرقة بين الأخوة والأخوات أو الأعمام والعمات أو الأخوال والخالات.
أما الأصول والفروع فيشمل جميع الأصول وإن علو وجميع الفروع وإن نزلوا.
أما الأزواج فيشمل الزوج والزوجة أثناء قيام الرابطة الزوجية.
والطلاق الرجعي لا يقطع هذه الرابطة حتى تنتهي العدة.
أما الطلاق البائن فيقطعها.
بالتالي فسرقة أحد الزوجين للأخر يشمله العذر إذا تمت السرقة أثناء قيام رابطة الزوجية، أو إذا وقعت أثناء عدة الطلاق الرجعي.
أما إذا أصبح الطلاق بائناً فلا مجال للاستفادة من العذر.
أما ذوي الولاية الشرعية فتشمل الولاية والوصاية في حال غياب الولي الشرعي وهو الأب أو الجد العصبي.
أما الولاية الفعلية فمثالها زوج الأم على أولادها من زوج سابق إذا كانوا يعيشون تحت رعايته.
وتجدر الملاحظة أن المشرع علق حق الملاحقة في جنح السرقة بين الأقارب على شكوى الفريق المتضرر في المادة 661، بقولها
“لا تلاحق إلا بناء على شكوى الفريق المتضرر… الجنح المنصوص عليها في المواد 660 و …”
وهذا يعني خروجاً على الأصل العام الذي يقضي بتخويل النيابة العامة السلطة في تحريك هذه الدعوى بمجرد علمها باقتراف الجريمة وتقديرها ملائمة ذلك دون انتظار شكوى أو طلب أو إذن.
وتعليقها على شكوى يعني أنه لا يجوز للنيابة العامة تحريكها ما لم تتلقى شكوى من الفريق المتضرر.
وبمجرد تقديم الشكوى تستعيد النيابة العامة حريتها في تحريك الدعوى العامة .
وإن إسقاط المتضرر لدعواه يسقط دعوى الحق العام، وإذا تأخر الإسقاط إلى ما بعد الحكم فهو يوقف تنفيذ العقوبة.