تعريف حجز مال المدين لدى الغير
يحدث كثيراً أن يطلع الدائن أو المحكوم له، على أن للمدين أو المحكوم عليه حقاً بذمة شخص ثالثاً يتعلق بمال منقول ( نقود، أعيان ) أو أن له مالاً منقولاً موجوداً في حيازته ( وديعة، أمانة، أعيان يقوم بنقلها.. ) ويرى في حجز هذه الأموال طريقاً أسهل وأضمن وأحياناً وحيداً لاستيفاء حقه .
ويحدث أن يكون المدين أو المحكوم عليه دائناً في الوقت نفسه، للدائن أو المحكوم له، ويرغب هذا الأخير في حجز ما تحت يده لاستيفاء حقه وحتى يتم الحساب والتقاص بين المطلوبين.
وقد عالج المشرع هذا الحجز في صورتيه، وأجازه حتى ولو كانت الدين الموجودة في ذمة الغير والمطلوب حجزها مؤجلة أو معلقة على شرط، ونص على إجراءات خاصة للتنفيذ أراد بها حماية جميع الأطراف، حتى يستطيع الدائن اقتضاء حقه من المال المحجوز أو من ثمنه بعد بيعه، وقد جاء ذلك في المواد من 358 حتى المادة 375 من قانون أصول المحاكمات.
وبناءً على ما تقدم يمكن تعريف حجز ما للمدين لدى الغير على أنه:
” الحجز الذي يوقعه الدائن على حقه مدينه أو منقولاته التي في ذمة الغير (أي مدين المدين ) أو في حيازته ، بقصد منع هذا الغير من الوفاء للمدين أو تسلهمه ما في حيازته من منقولات، وذلك تمهيداً لاقتضاء حق الحاجز من المال المحجوز أو من ثمنه بعد بيعه .
ومن خلال هذا التعريف، نجد أن هذا النوع من الحجز يؤدي إلى وفاء مزدوج إذ به يسقط حق الدائن لدى المدين وحق هذا الأخير لدى الغير.
وعليه، فإنه في كل مرة يكون للمدين مال سواء أكان حقاً في الذمة أم عيناً معينه، لدى الغير وتحت حيازة هذا الأخير، فإن سبيل الحجز في الأصل ، للوصول إلى الغاية، يكون مختلفاً في عملياته واجراءاته عن حجز مال المدين الموجود تحت يد المدين نفسه. ونظراً لهذا الاختلاف، فإننا سنتناول بالبحث:
-1- شروط حجز ما للمدين لدى الغير
-2- الطبيعة القانونية للحجز
– 3 – إجراءات الحجز
شروط حجز ما للمدين لدى الغير:
تتناول شروط حجز ما للمدين لدي الغير نطاق تطبيق الحجز من حيث أطرافه و الحق الذي يحجز من أجله والأموال التي يرد عليها الحجز.
أولاً – أطرافه:
خلافاً لأنواع الحجوز الأخرى، فإن حجز ما للمدين لدى الغير يتضمن مبدئياً ثلاثة أطراف: الدائن الحاجز Le Greancier Saisissant والمدين المحجوز عليه Le Saisi والمحجوز لديه Le Tiersy saisi أي مدين المدين ال شخص الثالث الذي بحوزته مال المدين .
-1 – الحاجز:
وهو كل دائن للمحجوز عليه سواء أكان دائناً عادياً أم مرتهناً أم صاحب امتياز ، لأنه ليس من شأن الرىن أو التأمين أو الامتياز أن يحول دون ال جوء إلى حجز مال المدين لدى الغير بالنسبة للمبالغ المستحقة له في ذمة المدين ، فإذا باع المدين العقار أمكن الحجز على ثمنه لدى المشتري.
ويعود الحق في الحجز أيضاً إلى خلف الدائن أو ممثله أو وكيلله وذلك وفقاً للقواعد التي ذكرناها في معرض بحثنا للقواعد المتعلقة فيمن يحق له طلب الحجز التنفيذي .
ويشترط أن يكون الحاجز دائناً شخص ياً للمحجوز عليه، ولا فرق أن يكون المدين مديناً بصفة أصلية أو تبعية، فلامدين الأصلي و الكفيل المتضامن والكفيل العادي يعتبر كل منهم مديناً شخص ياً بالدين.
-2 المحجوزعليه:
هو كل شخص مدين للحاجز ومالك للأموال الموجودة لدى الغير أو دائن لهذا الغير. واذا كانت هذه الأموال أو الحقوق قد خرجت من نطاق أموال المدين عند الحجز، فلا يكون الحجز صحيحاً، كان يكون المدين ( المحجوز عليه ) قد تصرف بالأموال أو تنازل عن حقوقه على ألا ينال ذلك من حق الدائن في إقامة دعوى إبطال التصرفات إذا توافرت شروطها.
ويشترط أن يكون المحجوز عليه، مسؤولاً عن الدين، ومالكاً للأموال التي يراد حجزها لدى الغير، أو دائناً للمحجوز لديه وقت الحجز سواء أكان هذا الدين مستحقاً أم مؤجلاً أم معلقاً على شرط.
-3 – المحجوز لديه:
هو شخص مدين للمحجوز عليه أي للمدين الأصلي للدائن ، لا علاقة له بالنزاع القائم بين الحاجز والمحجوز عليه. وبما أنه يشترط في المحجوز لديه أن يكون مديناً فلا يقبل الحجز بالتالي إذا لم يكن كذلك ، ولا يهم أن يكون مديناً بدين أو بتسلهم مال.
ويعد من الغير كل شخص يحتفظ باستقاله و شخص يته بالنسبة للمدين، إذا كان لهذا الشخص الثالث سلطة بين المدين والشيء المطلوب الحجز عليه، بحيث إن المدين لا يستطيع الإتصال بالشيء الا عن طريق هذا ال شخص ، كالحارس والمستأجر، والمودع لديه والناقل ووكيل التفليسة …الخ. ولا يؤثر أن تكون سيطرة الغير قائمة على أساس قانوني أو بدون هذا الأساس، كما لا يهم أن تكون سيطرته عليه هادئة أم محل منازعة من المدين .
وبناء عليه، لا يجوز حجز الأموال المودعة في الخزانة الحديدية في أحد المصارف لأن الخزانة مؤجرة للعميل من قبل المصرف، لذا فإن الحجز الذي يمكن إيقاعه على الخزانة هو الحجز تحت يد المدين وليس حجز مال المدين لدى الغير
ثأنياً- شروط الحق الذي يحجز من أجله:
لإمكانية حجز مال المدين لدى الغير يجب أن تتهافر في حق الدائن ( الحاجز) الشروط التي ينبغي تهافرها عند إلقاء الحجز الاحتياطي. أي أن يكون حق الدائن في ذمة المحجوز عليه مستحق الأداء وغير معلق على شرط، الا إذا توافرت إحدى الحالات التي يجوز فيها إلقاء الحجز الاحتياطي المنصوص عنها في المادة من قانون 312 أصول المحاكمات، حتى ولو لم يكن الدين مستحق الأداء أو كان معلقاً على شرط وذلك إذا لم يكن للمدين موطن مستقر في سورية أو خشي الدائن فرار مدينه وكانت لذلك أسباب جدية …الخ .
أما بالنسبة لحق المحجوز عليه في ذمة المحجوز لديه فلا يشترط أن يكون مستحق الأداء إذا كان ديناً بل يكفي أن يكون ثابتاً من حيث وجوده، ولا حاجة لأن يكون معين المقدار بل يكفي أن يكون قابلاً للتقدير بصورة مؤقتة، ويجري التقدير من قبل القاضي أو من قبل الدائن. على أنه إذا كان الحجز تنفيذياً وجب أن يكون حق الدائن في ذمة المدين المحجوز عليه مستحق الأداء وثابتاً بسند تنفيذي.
ثالثاً- الأموال التي يرد عليها الحجز:
تنص المادة 358 من قانون أصول المحاكمات المدنية على أن:
” للدائن أن يوقع الحجز على ما يكون لمدينه من الأعيان المنقولة لدى الغير أو من المبالغ أو الديون ولو كانت مؤجلة أو معلقة على شرط “.
يتضح من هذا النص، أن الحجز يتناول حق الدائنية الذي للمدين في ذمة الغير و المنقولات المادية التي له في حيازة الغير أيضاً شريطة ألا تكون هذه الأموال مما لا يجوز التنفيذ عليها، كما ويتناول الحصة الشائعة للمدين في هذه الأموال. ولا يتناول هذا الحجز العقارات بطبيعتها أو العقارات بالتخصيص، لأن لها أحكاماً خاصة سنتناولها في البحث لاحقاً.
ومن الأموال التي يشملها الحجز المنقولات المودعة لدى شركة أو شخص أو منقول اشتراه المدين المحجوز عليه غير أنه لم يستلمه بعد من البائع، أو المنقول الذي قدمه مالكه تأميناً للدين الذي حصل عليه من الدائن. وقد تم إلقاء الحجز على البضائع التي أودعها المدين لدى شركة النقل بغية نقليا إلى مشترٍ سيسدد قيمتها عند وصولها ، وألزمت محكمة استئناف حلب شركة النقل بتسلهم البضائع لدائرة التنفيذ ليصار إلى بيعها ، وذلك بعد مضي المدة التي كانت يتهجب على شركة النقل خلالها التقرير فيها .
لقراءة وتحميل البحث كاملاً حول ” حجز مال المدين لدى الغير ” يرجى الضغط هنا