تبدأ الخصومة في الدعوى من تاريخ قيدها، إلا أنها لا تعد مكتملة ولا تنعقد إلا بعد تبليغها للخصم الآخر.
وتقوم فكرة التبليغ أو الإعلان على احترام حق الدفاع الذي يعد مقدسة في نظرية الدعوى، لأنه من المسلم من حيث المبدأ العام أنه لا يجوز أن تحكم على شخص دون إبلاغه بما هو مطالب فيه، ودون تمكينه من أن يدافع عن نفسه بالحجج التي يرى أنها كفيلة برد مطالب خصمه،
لذلك يعد إبلاغ الدعوى من الضمانات الموضوعة لمصلحة الخصوم ولمصلحة العدالة، وهو يعني تسليم استدعاء الدعوى ومرفقاتها للمدعى عليه بالطريق الذي حدده القانون، وهو الوسيلة الرسمية الوحيدة التي يبلغ بها الخصم إجراءات الخصومة في جميع مراحلها، وبذلك تترتب عليه الآثار القانونية في نظرية المحاكمة.
لذلك نعرض الأحكام المتعلقة بالتبليغ وبياناته، وللآثار التي تترتب عليه في الأجزاء الأتية:
أولاً- تعريف التبليغ:
يعرف التبليغ بأنه الوسيلة القانونية التي تثبت إجراء عمل قانوني من إجراءات الخصومة أو إجراء من إجراءات الأصول المتبعة أمام المحاكم لأنه لا يجوز إثبات حصول أي من أعمال المحاكم إلا بصورة خطية.
كما يمكن أن يعرف بأنه سند أو محضر يتم تحريره وفقا لأشكال محددة نص عليها القانون ويكون حجة في إثبات وقوع إبلاغ مضمونه للخصوم، ولا يطعن فيه بغير التزوير، وأن كل إجراء يتم من قبل المحكمة لا يعد موجودة بالنسبة للخصم في الدعوى إلا إذا ثبت علمه به من خلال الإعلان .
ثانياً- طلب التبليغ:
يقضي المبدأ أن التبليغ لا يحتاج إلى طلب من أحد بوصفه يدخل في إجراءات المحاكمة والفصل في الخصومات، وهذا من عمل المحاكم وواجباتها، وعليه فإنه يتعين على كاتب المحكمة تحرير محضر التبليغ فور وصول ملف الدعوى إليه، وأن يرسله في الحال إلى رئيس المحضرين أو إلى جهة من الجهات التي أناط بها القانون مهمة التبليغ كي تقوم بواجبها بإجرائه وفقا لأحكام القانون،
إلا أن هذا لا يمنع ذوي الشأن من القيام بتحرير محضر التبليغ على أن يقوم كاتب المحكمة بالتوقيع عليه بعد مطابقته على بيانات الدعوى، وأن يقوم هذا بدوره بتسليمه إلى قلم المحضرين ، كما لا يوجد ما يمنع قانوناً من قيام صاحب المصلحة بإرشاد المحضر إلى موطن المدعى عليه أو محل إقامته المعين في استدعاء الدعوى لاسيما مع عدم وجود الخرائط اللازمة والكافية لبيان العنوان الذي يمكن المحضر من الوصول إليه في سهولة ويسر.
كما يجري تبليغ الإنذارات وسائر الأوراق المنصوص عليها في المادة (31) من قانون الكتاب بالعدل بناء على طلب ذوي الشأن وبإحالة من الكاتب بالعدل المختص، ويتم ذلك وفقا لأحكام التبليغ الواردة في قانون أصول المحاكمات.
ثالثاً- المكلفون بالتبليغ:
يقضي المبدأ القانوني أن كل تبليغ يكون بواسطة المحضرين أو رجال الضابطة العدلية ما لم يوجد نص خاص يقضي بغير ذلك، أما رجال الجيش فيبلغون بواسطة الشرطة العسكرية، و يجوز الكاتب المحكمة أن يبلغ الخصم أو وكيله في دائرة المحكمة إذا كان معروفة منه،
ويمكن أن يتم عن طريق العاملين بالبريد إذا كان التبليغ بواسطة البطاقة البريدية أو الرسالة المسجلة مع إشعار العلم بالوصول، وعلى هذا، يتولى مهمة تبليغ استدعاء الدعوى وإجراءات المحاكم على اختلاف درجاتها وفق الأتي.
1- محضرو المحاكم :
يقوم محضرو المحاكم في المناطق الإدارية التي يوجد فيها تعيين مثل هؤلاء الموظفين بمهمة تبليغ محاضر التبليغ إلى ذوي الشأن على وجه الحصر، ولا يصح أن يقوم بهذه المهمة في المناطق المذكورة غيرهم مع الأخذ بالحسبان الفقرات الأتية.
2- كاتب المحكمة:
يمكن أن يقوم بمهمة التبليغ للأوراق القضائية التي تصدر من المحكمة كاتب الضبط فيها وفي دائرة عمل المحكمة ( مقر المحكمة ) أثناء الدوام الرسمي، وبشرط أن يكون الشخص المطلوب تبليغه أو وكيله معروفين تماما من قبل الكاتب المذكور.
3- رجال الضابطة العدلية:
يقصد برجال الضابطة العدلية أفراد الشرطة والدرك، وكل من سمي لهذه الوظيفة من رجال مكافحة في الضابطة الجمركية، أو مأموري الحراج، إلا أن مذكرات تبلیغ سندات المحاكم فتوجه إلى مدراء المناطق والنواحي ورؤساء مخافر الشرطة ليقوموا بتبليغها وإعادتها إلى المحكمة قبل موعد الجلسة كي تنتج مفاعيلها القانونية، ولا يصح توجيه محاضر التبليغ إلى أقسام الشرطة لتبليغها إلا في المناطق التي لا يوجد فيها محضرون.
4- رجال الشرطة العسكرية :
يعد رجال الشرطة العسكرية من الضابطة العدلية التي تنحصر مهمتها في المسائل المتعلقة بالجيش والعاملين في الوحدات العسكرية، وبالتالي فإن تبليغ أفراد الجيش والقوات المسلحة أينما كانوا، وفي أي موقع حلوا لا يكون إلا عن طريق الشرطة العسكرية،
وبالتالي لا يصح تبليغهم عن طريق المحضرين أو الشرطة المدنية أو من قبل كاتب المحكمة، أما إذا قاموا بتوكيل أحد المحامين للحضور عنهم أمام المحاكم عندئذ يتم تبليغ الوكيل وفق الأصل من قبل المحضرين أو كاتب المحكمة.
5- موظفو البريد :
يقوم موظفو البريد بالتبليغ إذا قررت المحكمة المختصة الموافقة على التبليغ بالبريد المضمون مع إشعار بالوصول، وهذا يكون في الحالات الآتية:
أ- إذا كان المطلوب تبليغه مقيماً في بلد أجنبي، و كان موطنه فيه معروفاً.
ب- إذا كان المطلوب تبليغه مقيماً في سورية و رأى القاضي تبليغه بهذه الطريقة.
ج- في جميع الأحوال التي ينص القانون على التبليغ بهذه الطريقة.
6- التبليغ بالطريق الرسمي :
يمكن أن يتم التبليغ بالطريق الرسمي، حيث ترسل الوثائق والأوراق القضائية وغير القضائية المتعلقة بالقضايا المدنية والتجارية والإدارية وقضايا الأحوال الشخصية المطلوب إعلانها أو تبليغها إلى أشخاص مقيمين لدى إحدى الدول العربية مباشرة من المحكمة المختصة أو الموظف القضائي المختص إلى المحكمة التي يقيم المطلوب إعلانه أو تبليغه في دائرتها، ويعتبر الاعلان أو التبليغ الحاصل في تلك الدولة كأنه قد تم في دولة طالب الاعلان أو التبليغ،
وفي الحالات جميعها التي يكون فيها التبليغ عن طريق المحضرين إذا كان مكان التبليغ خارج الاختصاص المحلي للمحكمة الناظرة في الدعوى يتم إرسال الأوراق التي يراد تبليغها من رئيس هذه المحكمة إلى رئيس المحكمة التي يطلب التبليغ في منطقتها من أجل الإيعاز للمحضرين بالتبليغ والإعادة أما إذا كان التبليغ عن غير طريق المحضرين فإن رئيس المحكمة أو رئيس الديوان المختص يقوم بمخاطبة الجهة المعنية بالتبليغ مباشرة لإجراء المقتضى القانوني.
رابعاً- بيانات محضر (سند) التبليغ:
يجب أن يتضمن محضر التبليغ مجموعة من البيانات كي يكون صحيحا سليما منتجاً لآثاره القانونية هي:
- اسم المحكمة التي صدر محضر التبليغ عن دائرتها بشكل واضح يمنع الالتباس أو الغموض ، وإذا كانت المحكمة مشكلة من عدة غرف أو دوائر يجب تحديدها.
2- الاسم الكامل للمدعي ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه والاسم الثلاثي لمن يمثله وقبيلته أو لقبه ومهنته أو وظيفته وصفته وموطنه. وذكر الممثل وصفته مسألة مهمة في عملية التبليغ، فلا يجوز أن يذكر أن طالب التبليغ هو المحامي (فلان) دون أن يذكر اسم الخصم الذي يمثله.
3- الاسم الكامل للمدعى عليه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه، واسم من يمثله قانوناً إذا كان
لا يملك أهلية التقاضي.
- – موضوع التبليغ : ويقصد بموضوع التبليغ سببه. فهل هو استدعاء دعوى تتضمن مطالبة
بدين أو أي حق مالي أخر، أم هو مجرد مذكرة دفاع؟.
- – الاسم الكامل لمن سلمت إليه صورة محضر التبليغ وصفته مع توقيعه أو بصمته على
النسخة الأصلية لمحضر التبليغ بما يفيد باستلام الصورة، مع تثبيت الامتناع عن الاستلام في حال حصوله.
- التاريخ: يجب أن يذكر التاريخ الذي تم فيه التبليغ باليوم والشهر والسنة والساعة وذلك
المعرفة بدء سريان المواعيد بحق المعلن إليه، والوقوف على زمن إجراء الإعلان لبيان فيما إذا وقع خلال الفترة المسموح بها قانونا أم لا.
- الاسم الثلاثي للمحضر الذي قام بالتبليغ مع توقيعه على أصل السند وصورته المسلمة اللمبلغ إليه، مع الإشارة إلى أن حجية سند التبليغ أو محضر الإعلان ورسميته تستمد أصلاً من توقيع المحضر وتوقيع أو بصمة مستلمه.
لهذا، يجب التنويه إلى أن التبليغ يكون صحيحاً إذا احتوى على توقيع أو بصمة حية (أصلية) لكل من المستلم والمحضر، ولو كان مخضر التبليغ صورة ضوئية، أما إذا كان مجرد صورة ضوئية، فلا يعتد به قانوناً ولا يرتب الآثار القانونية للتبليغ الصحيح،
كما يجب أن نشير إلى أنه يتوجب دائماً إرفاق صورة عن مستندات التبليغ كافة مع محضر الإعلان حتى لا يكون رفض استلامه من الموجه إليه مسوغ قانون .
خامساً – أوقات التبليغ:
يقضي المبدأ القانوني أنه لا يجوز إجراء أي تبليغ قبل الساعة السابعة صباحا ولا بعد الساعة السادسة مساء ولا في أيام العطلة الرسمية لأن الأشخاص يكونون في مثل هذه الأوقات في حالة راحة إضافة إلى أن الجهات العامة في الدولة تكون في حالة عطلة،
ومع ذلك فقد أجاز المشرع التبليغ في حالات الضرورة، وبإذن كتابي من رئيس المحكمة لأن تلك الأوقات ليست مقدسة إذا كان ليس هناك من فرصة سانحة للتبليغ إلا خارج أوقات الدوام الرسمي أو في أوقات الحظر، وإن عدم التبليغ قد يلحق الضرر بالشخص المطلوب تبليغه، وفي الأحوال جميعها فإن عدم ذكر ساعة التبليغ لا يوجب بطلانه مادام المبلغ إليه لم يدع أن التبليغ جرى في ساعة لا يجوز فيها.
التعليقات مغلقة.