شرح القاعدة الفقهية: يضاف الفعل إلى الفاعل لا إلى الأمر ما لم يكن مجبراً 

محامي

أي ينسب حكم الفعل إلى الفاعل إذا كان عاقلاً بالغاً؛ لأنه هو العلة للفعل، ولا ينسب الفعل إلى الآمر به لأن الأمر بالتصرف في ملك الغير باطل ومتى بطل الأمر لم يضمن الأمر، والأصل في المعلولات أن تضاف إلى عللها لأنها المؤثرة فيها، لا إلى أسبابها الموصلة إليها دون تأثير .

ونسبة حكم الفعل إلى الفاعل دون الأمر ما لم يكن الأمر مكرهاً للفاعل على الفعل؛ لأن الفاعل بالإكراه يصير كالآلة  في يد المكره وحينئذٍ ينسب حكم الفعل إليه .  .

ويقتصر حكم الفعل على الفاعل إذا كان عاقلاً بالغاً لأنه إذا لم يكن كذلك بأن كان غير عاقل أو كان صبياً فإنهم يضمنون الضرر الناشئ من فعلهم ويرجعون بما ضمنوا على الأمر إذا كان أمره معتبراً بأن كان عاقلاً بالغاً، فإن كان الأمر قاصراً أيضاً فلا رجوع عليه ويستقر الضمان على العاقل منهما.  ؛ لأن أمر الكبير العاقل للقاصر في حكم الإكراه.

والتقييد بعدم الإجبار والإكراه لإخراج ما لا يمكن نسبته إلى المكره من الأحكام بما لا يصلح أن يكون المكره آلة للمكره كالتكلم حيث إن المكره في حق الإتلاف يصلح أن يكون آلة ولا يصلح أن يكون كذلك في حق التكلم ، والإكراه الذي يضيف الفعل إلى الأمر قد يكون حكمياً تقديرياً كما لو كان الآمر سلطاناً فإن أمره إكراه ومثل الإكراه ،التغرير، فلو قال لآخر: احفر لي جداري هذا وكان الجدار لغيره والمأمور به لا يعلم فإنه يضمن ويرجع على الأمر. .

ولهذا فقد اقترح الأستاذ مصطفى الزرقا ضبط هذه القاعدة بضابط آخر يجعلها أكثر شمولاً لمدلولاتها فتصبح : (يضاف الفعل إلى الفاعل لا إلى الأمر ما لم يكن مغرراً أو مجبراً)، وأيضاً أضاف الدكتور أحمد الحجي الكردي ضابطاً آخر يجعلها أكثر وضوحاً لتصبح : (يضاف الفعل… ما لم يكن مغرراً أو مجبراً حقيقيةً أو حكماً).

والفروع الفقهية تدل على أن القاعدة مقيدة بأن لا يكون المأمور به لمصلحة الأمر، وإلا كان الأمر في حكم الوكالة يقوم فيها المأمور مقام الأمر في حدود الأمر وينفذ عليه تصرفه وكل موطن يضاف فيه الفعل إلى الأمر فإن الخصومة القضائية في الضمان تكون على المأمور فيضمن المأمور أولاً لأنه مباشر ثم يرجع إلى الأمر. .

من فروع هذه القاعدة : لو أمر أحد أحداً بالإنفاق على نفسه ففعل رجع عليه في ذلك؛ لأن ما أنفقه المأمور كان لقاء ما أدخله بواسطة إنفاقه في ملك الأمر من الطعام والكسوة وغير ذلك.

 ومنها : لو حلف بطلاق زوجته ألا يدخل دار فلان فأمر غيره فحمله وأدخله حنث لأن الفعل يضاف للآمر لا للفاعل إذا كان الفعل يقبل الاستنابة، وآثار الفعل تتعلق بالأمر لا بالفاعل .

Scroll to Top