نظرية تعادل الأسباب
هذه النظرية تعتبر أن جميع العوامل التي ساهمت في حصول النتيجة الجرمية متساوية و متعادلة، بحيث يمكن اعتبار كل واحد منها سبباً في وقوعها على السواء.
ويتطبيق ذلك على جرم القتل يمكن القول بأن علاقة السببية تقوم بين الاعتداء والوفاة إذا ثبت أن هذا الاعتداء ساهم في إحداث الوفاة، ولو كانت مساهمة محدودة، وكانت مساهمة العوامل الأخرى أكثر أهمية منه في إحداث الوفاة.
فلو ساهمت مع الاعتداء عوامل طبيعية كمرض سابق كان المجني عليه يعاني منه، فالرابطة السيبية تبقى قائمة بين الاعتداء والوفاة.
وإذا ساهمت في إحداث الوفاة أفعال أخرى فعلاقة السيبية تبقى قائمة.
فلو دس أحدهم السم لزيد بقصد قتله، وقبل أن يسري السم في جسده ويقتله، يأتي شخص ثالث ويرديه قتيلاً بعيار ناري، فالقتل بالعيار الناري لا يقطع العلاقة السببية بين دس السم والوفاة. ويبقى من دس السم مسؤولاً عن الوفاة التي حصلت.
كما أن العوامل التي تتدخل بعد ارتكاب الاعتداء فتزيد من جسامته و تقود إلى حدوث الوفاة لا تنفي العلاقة السيبية بين الاعتداء و النتيجة.
فخطأ الطبيب المعالج، وان كان جسيماً، أو إصابة المجني عليه بمرض لاحق، أو احتراقه في المستشفى الذي نقل إليه للعلاج، كل ذلك لا ينفي علاقة السببية بين الاعتداء والوفاة.
إذ لولا الجرح أو الأذى الذي أحدثه الفاعل بالمجني عليه لما تفاقمت إصابته واضطر للعلاج في المستشفى، ولما قصر الطبيب في علاجه، ولما وجد في المستشفى ساعة الحريق، وبالتالي لما حصلت الوفاة.
الواضح أن هذه النظرية توسع كثيراً من نطاق السيبية، بحيث يصبح الشخص مسؤولاً عن نتائج لم يكن باستطاعته توقعها أو تلافيها.
وبالتالي يفضى الأخذ بهذه النظرية إلى نتائج لا يمكن التسليم بها .
فلو كان لدى شخص سلاح وأهمل حفظه، فسرقه شخص آخر وارتكب به جريمة قتل، يكون صاحب السلاح مسؤولاً عن جريمة القتل أسوة بالقاتل ! لأنه تبعا لهذه النظرية هناك سببان في إحداث الوفاة: فعل القتل بالمسدس، وإهمال مالك المسدس بالحفاظ عليه.
فالوفاة ما كانت لتقع لو لم يطلق الشخص العيار الناري، وكذلك لو لم يهمل صاحب السلاح في إخفائه فيسرق منه.
فالعاملان متكافئان في إحداث الوفاة، وكل منهما يعتبر سبباً في وفاة الضحية.
التعليقات مغلقة.