رأينا أن الشركة عقد يبرم بين شخصين أو أكثر وبالتالي فإن تعدد الشركاء أمر ضروري القيام الشركة، ذلك لأن تدخل عدة أشخاص ضروري لتحقيق الغرض الاقتصادي من العقد وهو جمع الأموال والقيام بالمشروع المشترك. ولابد في الشركة من شخصين على الأقل، على أنه في الشركة المساهمة يجب ألا يقل عدد المؤسسين عن ثلاثة ويشكلون فيما بينهم لجنة المؤسسين (مادة 1/98 شركات)، أما الشركات الأخرى فيكتفى فيها بشريكين على الأقل.
وركن تعدد الشركاء لازم ليس فحسب لقيام الشركة بل وكذلك لبقائها، وعليه فإن الشركة تعد منحلة إذا اجتمعت حصصها أو أسهمها كلها في يد شريك واحد في كافة الشركات وشريكين في الشركة المساهمة.
ومع ذلك إذا نقص عدد الشركاء عن الحد الأدنى المحدد قانونا، فإن قانون الشركات الجديد قد جاء بحكم جديد اعتبر فيه الشركة منحلة إن لم تبادر خلال ستة أشهر من تاريخ الإنذار الذي توجهه الوزارة لاستكمال النصاب المذكور (مادة 7/18/ شركات)، ويكون من يبقى من الشركاء مسؤولا في جميع أمواله عن التزامات الشركة، إذ يمتنع أن تستمر الشركة مع شخص بمفرده.
شركة الشخص الواحد أو مشروع الشخص محدود المسؤولية أجازت بعض التشريعات، كالتشريع الإنكليزي والتشريع الألماني، وكذلك الفرنسي الذي أقر بالقانون رقم 697-85 الصادر في 11 تموز 1985، أجازت أن يؤلف شخص شركة بمفرده وأن يخصص لها جزءاً من أمواله وتسمى هذه الشركة: شركة الشخص الواحد أو ما يطلق عليه المشروع الفردي محدود المسؤولية.
وبموجب أحكام هذه الشركة فإن حقوق الدائنين لا تتعلق إلا بأموال الشركة أي بالأموال المخصصة لها دون غيرها من الأموال.
ويهدف هذا النوع من الشركات إلى تحديد مسؤولية الشخص.
أما المشرع السوري وبموجب قانون الشركات رقم /3/ لعام 2008 استبعد أحكام شركة الشخص الواحد من مشروع قانون الشركات الذي تقدمت به وزارة الاقتصاد، لعدة مبررات كان أبرزها أن فكرة تخصيص الذمة المالية غير جائز في القانون السوري الذي يقوم أساساً على مبدأ وحدة الذمة المالية ومقتضاه أن أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه.
وإذا أراد تاجر في سورية أن يخصص جزءاً من أمواله لضمان عملياته التجارية، فلن يستطيع ذلك إلا إذا اتفق مع آخرين على إنشاء شركة من الشركات التي تتحدد فيها مسؤوليته بمقدار حصته كالشركة محدودة المسؤولية.
أما أن يقوم بمفرده بإنشاء شركة وتحديد مسؤوليته عن المشروع الذي يهدف إلى تحقيقه فهذا غير جائز وفقا لأحكام قانون الشركات.
وقد خرج المشرع السوري على مبدأ تعدد الشركاء، فأجاز للمؤسسات العامة وللدولة أن تؤسس شركة تمتلك جميع حصصها أو تؤول إليها جميع الحصص أو الأسهم في شركة قائمة بمفردها، دون أن يشترك معها أشخاص آخرون.
وتجلى ذلك في أحكام المرسوم التشريعي رقم 18 العام 1974 وتعديلاته الذي نظم أحكام القطاع العام الاقتصادي، ومع ذلك فإن هذا الاستثناء الوارد على مبدأ تعدد الشركاء يقتصر على القطاع العام، وإن كان يتعارض والفكرة التقليدية للشركة التي ترى في الشركة عقد بين شخصين أو أكثر، إلا أنه لا يتعارض مع الفكر النظامي الحديث الذي ينكر على الشركة صبغة التعاقدية ويرى أنها نظام قانوني يستقل القانون بأمر تحديده .
ويرى البعض أنه كان من الأفضل الأخذ بنظام شركة الشخص الواحد أو نظام المشروع الفردي محدود المسؤولية الذي يأخذ به التشريع الفرنسي، ذلك أنه يحقق فائدة عملية كبيرة سواء بالنسبة لصاحب التجارة نفسه أو للغير.
فما من شك أن الشخص قد يفضل على الأقل في بداية عهده بالتجارة أن يلجأ إلى تحديد مسؤوليته بقدر معين في ذمته المالية. كما وأن الغير لن يضار بذلك نظرا لأنه يعلم مسبقاً من خلال شهر الشركة بتسجيلها في السجل التجاري مدي مسؤولية صاحب الشركة أو المشروع الفردي، ورأس المال المخصص للتجارة بوصفه الضمان العام للدائنين.
وإذا اعتبر هذا خروجاً على مبدأ وحدة الذمة المالية الذي تؤمن به تشريعاتنا، فإنه يمكن التدخل تشريعية للأخذ به كما هو الحال وفقا للتشريع الفرنسي”.
وقد يكون تعدد الشركاء صوريأ، عندما يهيمن شريك واحد على الشركة فيستأثر بمعظم الحصص مستعيناً بشركاء صوريين لا دور لهم في الشركة سوى لاستكمال الشروط الشكلية للشركة دون أن يتاح لهم القيام بدور فعال فيها، في مثل هذه الحالة يمكن المطالبة ببطلان الشركة الافتقارها إلى ركن أساسي من أركانها، وهو تعدد الشركاء، وذلك عملا بالقواعد العامة للصورية (مادة 245 مدني)، ومع ذلك لا يجوز لهؤلاء الشركاء الصوريين التمسك ببطلانها حيال الغير.