يعد محضر التبليغ سند رسمية يحوز الحجية بما دون فيه من أفعال ماديه قام بها الموظف في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن بحضوره وفق المادة (6) من قانون البينات، إلا أن ذلك لا يمنع في القوت نفسه من إقامة البرهان على إثبات عكس التصريحات التي تلقاها المحضر من ذوي الشأن،
وتختلف آثار التبليغ بحسب الغرض منه فإذا كان يتعلق برفع الدعوى فإن بعض الإجراءات لا تتم إلا بعد التبليغ، كما أن الخصومة لا تنعقد إلا به، وإذا كان يتعلق بمذكرات أو أوراق أخرى فإنها تعد غير موجودة قبل تبليغها لخصم سواء كان مدعية أو مدعى عليه، وإذا كانت تتعلق بالأحكام وطرق الطعن فيها فإن المهلة لا تبدأ إلا بعد تبليغها.
لذلك سوف نقصر أثر التبليغ على إجراءات قيد الدعوى، وأثره على انعقاد الخصومة، ومن ثم بيان الآثار المترتبة على عدم صحة الإعلان وفق الآتي:
أولاً- آثار التبليغ على إجراءات الدعوي ( تبادل اللوائح):
يظهر أثر التبليغ في إجراءات الدعوى المنظورة أمام المحكمة الابتدائية، إذ أن الأصل في هذه الدعوى أنه تكون خاضعة لتبادل اللوائح، ولا تكون بسيطة إلا بقرار من رئيس المحكمة على ذيل استدعائها، وبالتالي فإن أثر التبليغ في هذه الحالة يقتصر على انعقاد الخصومة،
أما المجرى العادي هو أن تكون خاضعة لتبادل اللوائح وبالتالي فإنه بالتبليغ تفتتح إجراءات تبادل اللوائح أو المذكرات والمستندات بين الخصوم.
فلهذا، لا يتم تحديد موعد للجلسة للنظر في الدعوى البدائية إلا بعد استنفاذ إجراءات تبادل اللوائح، وتبدأ هذه الإجراءات بعد تبليغ استدعاء الدعوى للمدعى عليه الذي عليه أن يقدم جواباً أو رداً كتابياً على الدعوى، وأن يرفق معه كافة المستندات التي يرى أنها لازمة للدفاع، وذلك خلال ثمانية أيام تبدأ من تاريخ التبليغ، وتنتهي في نهاية دوام اليوم الثامن، وأن المهلة المذكورة هي مهلة سقوط لا تقبل التوقف أو الانقطاع، ولكن يمكن أن تمتد إذا صادف اليوم الأخير يوم عطلة. كما سنبين في موضوع الميعاد . إلى أول يوم دوام بعد العطلة مهما طالت.
فإذا رد المدعى عليه خلال الفترة المذكورة، يبلغ الجواب للمدعي وفق القواعد العامة للتبليغ، وينتظر ثلاثة أيام، وهذه المهلة مفتوحة للمدعي لتقديم تعقيب على جواب المدعى عليه إذا كان يرغب بذلك، ولكن إذا انقضت مهلة الرد ولم يقم المدعى عليه بالجواب على الدعوى، وإذا انقضت مهلة الأيام الثلاثة ولم يعقب المدعي على الرد، يرفع الأمر إلى قاضي المحكمة لتعيين موعد للجلسة النظر في الدعوى يبلغ للخصوم وفق القواعد العامة، إلا أن المشرع وضع استثناء لصالح المدعي إذا لم يعقب على جواب المدعى عليه خلال ثلاثة أيام، حيث أجاز للقاضي أن يرجئ تعيين موعد للجلسة ويسمح له بتقديم رد على جواب المدعى عليه، إلا أن المشرع لم يعطي الحق ذاته للمدعى عليه من أجل التعقيب على تعقيب المدعي،
وبالتالي فإنه بعد انتهاء المهلة المحددة من قبل قاضي المحكمة يتم تحديد موعد الجلسة النظر في الدعوى في قضاء الخصومة بعد إن تم اكتمال الإجراءات في مرحلة تبادل اللوائح وتصبح الدعوى مهيأة للحكم في الموضوع في موعد الجلسة، إلا أنه ليس ما يمنع القاضي من إعادة فتح باب المرافعة في الجلسة العلنية وبالتالي يصبح من حق الخصوم تقديم كل ما لديهم من طلبات ودفوع و مستندات.
فلقد، هدف المشرع من تنظيم تبادل اللوائح اختصار وقت التقاضي وحسم المنازعات بأسرع وقت ممكن، وعدم إشغال المحاكم في مسألة أبرز واستمهل، أو بعبارة للسبب السابق الذي قد تمتد سنوات دون معرفة ما هو السبب السابق، وقد يكون هذا السبب عدم رجوع مذكرة التبليغ، أو عدم تحريرها أصلاً، أو عدم بيان الموطن، وزحمة العمل لا تسمح للقاضي بتدقيق الملف الذي يكون بين يدي كاتب المحكمة، وأن عدم تطبيق إجراءات تبادل اللوائح يعود بالدرجة الأولى إلى عدم وجود الجهاز الذي يمكنه أن يقوم بها.
ثانياً- آثار التبليغ على الخصومة:
فإذا كانت الخصومة تبدأ بقيد الدعوى إلا أنها لا تنعقد ولا تفتتح إلا إذا تم التبليغ صحيحة ووفقاً للإجراءات المحددة لذلك قانونا، فبالتبليغ تنعقد الخصومة في الدعوى وتسري إجراءات العدالة سواء حضر المطلوب تبليغه أم لم يحضر، لأنه لا يمكن ربط الإجراءات القضائية والفصل في المنازعات على إرادة الخصوم، ولأن من واجب المحكمة بعد قيد الدعوى لديها أن تتبع الأصول التي رسمها القانون وصولا إلى الفصل في الدعوى تحت طائلة إنكار العدالة.
ثالثا – آثار التبليغ الباطل:
يقضي المبدأ أنه إذا تم التبليغ دون مراعاة الإجراءات التي سبق بيانها فإنه يكون باطلاً ، وعلى الرغم من النص على البطلان لعدم التقيد بتلك الإجراءات في المادة (38) أصول محاكمات، أو لأنه شاب تلك الإجراءات عيب لم تتحقق بسببه الغاية منه، فإنه لا يحكم بالبطلان إذا ثبت للمحكمة أن الغاية منه تحققت، كما لو حضر الشخص المعني ولم يتمسك بالبطلان، وفي جميع الأحول فإن البطلان المترتب على عدم مراعاة إجراءات التبليغ هو بطلان نسبي، بحيث يزول إذا تنازل عنه من شرع لمصلحته، أو رد عليه بما يدل على أنه عده صحيحة، أو إذا أجاب على الموضوع، أو إذا رفع الطعن خلال المهلة القانونية ، وعلى هذا، فإن المحكمة لا تحكم بالبطلان من تلقاء نفسها، مالم يكن متعلق بالنظام العام، ولا يجوز أن يتمسك به إلا من شرع لمصلحته، ويجب التمسك به قبل أي دفع أخر، ولا تصح إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.