1- إذا صدر الحكم من محكمة غير مختصة مع مراعاة أحكام المادتين (146- 147 أصول محاكمات)، فالاختصاص أربعة أنواع: ولائي ونوعي وقيمي ومحلي، والثلاثة الأولى كلها من النظام العام (م 146 أصول محاكمات)، وكذلك الاختصاص المحلي في الدعاوی العقارية (م ۸۳ أصول) والحجز الاحتياطي (م ۳۱۷/أ أصول)، ويمكن إثارتها ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، بل على المحكمة أن تثيرها من تلقاء ذاتها ولو لم تتم إثارتها في لائحة الطعن وتقضي بنقض الحكم تطبيقاً للمادة (147 أصول محاکمات)،
أما إذا كان الطعن مبنياً على أساس أن الحكم صدر عن محكمة غير ذات اختصاص محلي أي في غير الحالات الاستثنائية التي يتعلق فيها هذا الاختصاص بالنظام العام، وذلك في الدعاوی المتعلقة بمنقول، فإن محكمة النقض لا تملك نقض الحكم في حالة صحة سبب الطعن إلا بعد أن تتأكد من أن الطاعن قد سبق وتمسك بعدم الاختصاص المحلي أمام محكمة الموضوع قبل أي دفع أخر إعمالاً لحكم المادة (146 أصول محاکمات). فإذا قضت بنقض الحكم المطعون فيه لعلة عدم الاختصاص يتوجب عليها أن تعين المحكمة المختصة وتحيل الملف إليها النظر فيه عند طلب أحد طرفي الخصومة (262/أ أصول محاكمات).
۲- إذا كان الحكم مبنياً على مخالفة القانون أو خطأ في تفسيره. ومن تطبيقات هذا السبب القانوني من أسباب الطعن بالنقض إخلال محكمة الموضوع بحق الدفاع، وهو الدفاع الجوهري الذي إن صح فإنه يتغير به وجه الرأي في الدعوى، إذ يتوجب على المحكمة أن تمكن الخصم من طلبه في إثبات دفاع جوهري، أو في نفيه بوسيلة جائزة قانون ومنتجة في النزاع، أو بالرد عليه.
3- إذا لم يبن الحكم على أساس قانوني بحيث لا تسمح أسبابه المحكمة النقض أن تمارس رقابتها، كما إذا بني الحكم على أسباب مجملة مقتضبة لا تعين على فهمه، وتعجز محكمة النقض عن رقابتها في حسن تطبيق القانون.
ومن تطبيقات هذا السبب من الأسباب القانونية للطعن بطريق النقض هو القصور في التسبيب، واغفال دفاع جوهري ،
ويدخل في عمومه أيضا التناقض الذي يعيب الحكم وهو ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر فتتماحی ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى ما يقيم الحكم ويحمله ، فالأحكام ينبغي أن تكون واضحة لا لبس فيها ولا غموض حتى يمكن تنفيذها، وإن التناقض في الفقرات الحكمية – في منطوق الحكم – يوجب النقض وتثيره محكمة النقض عفوا من تلقاء ذاتها لتعلقه بالنظام العام.
كما أن تناقض منطوق الحكم مع حيثياته يستوجب نقضه ، فيتوجب أن تكون حيثيات القرار متوافقة مع منطوقه ومع الفقرة الحكمية، وألا يوجد التباس أو غموض بينهما.
4- إذا صدر الحكم نهائي خلافا لحكم أخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم من دون أن تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات الحق محلا وسيبة وحاز قوة القضية المقضية، سواء دفع بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع، أم لم يدفع به وحينئذ لا ينسب خطأ ما لقاضي الموضوع.
5- إذا أغفل الحكم الفصل في أحد المطالب أو حكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه، فإذا أغفلت المحكمة الاستئنافية مصدرة القرار المطعون فيه طلبات الطاعن بادعائه المتقابل، ولم تبحث به على الرغم من تقديمه أمام محكمة الدرجة الأولى فيكون قرارها جديرة بالنقض ، كما لو طلب التنفيذ العيني للعقد مع التعويض، فحكمت بطلب التنفيذ وأغفلت طلب التعويض، أو حكمت برصيد ثمن أكبر مما طلبه المدعي وإن يكن هو الرصيد الحقيقي، من دون أن يكون قد تقدم بطلب عارض أمام محكمة الدرجة الأولى بهذا الخصوص.
على أن إعطاء المحكمة الحق للمدعي بإقامة دعوى مستقلة بالمبلغ المدفوع من قبله زيادة عن الثمن لا يعد فقرة حكمية، إنما هو إشارة إلى جواز بحث هذا الموضوع بدعوى أخرى إن كان لذلك مقتضى قانوني، فلا يعد ذلك من قبيل الحكم للمدعي بأكثر مما طلب..
على أنه إذا كان نص القانون يوجب على المحكمة أن تحكم في الدعوى بشيء لم يطلبه الخصم فلا يكون الحكم عرضة للنقض لهذا السبب، مثال ذلك أن تكون الدعوى منصبة على المطالبة بتنفيذ عقد، ووجدت المحكمة أنه يتعين الحكم ببطلان هذا العقد لمخالفة محله أو سببة للنظام العام (م 143 مدني سوري)، فعليها أن تحكم بالبطلان وبإعادة الحال حتى لو لم يطلب منها الخصوم ذلك، ولا يكون حكمها عرضة للنقض بداعي أنها حكمت بشيء لم يطلبه أحد، لأن إعادة الحالة لما كانت عليه قبل العقد بين المتعاقدين أثر حكمي البطلان العقد الذي قررته المحكمة، ولأن التقنين المدني قد أوجب ذلك .