إن المقصود بالعارية التي أشارت إليها المادة 656 هي عارية الاستعمال وليس عارية الاستهلاك أو القرض.
و عارية الاستعمال هي عقد يلتزم بمقتضاه المعير أن يسلم المستعير شيئاً ليستعمله بلا عوض لمدة معينة أو في غرض معين على أن يرده عيناً بعد الاستعمال ( المادة 602 من القانون المدني ).
ورد الشيء عينة أو بذاته في عارية الاستعمال يفيد أن هذا الشيء غير قابل للاستهلاك، فإذا استولى عليه المستعير يعتبر مسيئاً للائتمان.
أما إذا كان هذا الشيء قابلا للاستهلاك أو مما ترد قيمته أو مثله فإن تسليمه للمستعير لا يعد عارية استعمال بل عارية استهلاك أو قرض لا تقوم بها جريمة إساءة الائتمان لأنهما ليسا من عقودها.
وعقد القرض مرادف لعارية الاستهلاك لأن تسليم الشيء بناء عليه يتضمن نقلا للحيازة التامة، فاستهلاك ذلك الشيء لا يعد جريمة ولو لم يرد مثله وكان المقترض سيء النية معتزماً عدم الرد وقت تسليم الشيء.
و عارية الاستعمال ترد على مال قيمي لا يهلك بالاستعمال، وتظل ملكية المعير له قائماً، بينما ترد عارية الاستهلاك على مال مثلي تنتقل ملكيته إلى المستعير، ويلتزم هذا بأن يرد مقداراً يماثله نوعاً وصفة.
بيد أنه وإن كان الأصل أن عارية الاستعمال ترد على مال قيمي، فليس هناك ما يحول دون ورودها على مال مثلي إذا انصرفت إرادة المتعاقدين إلى الالتزام بالرد عينة.
ومثال ذلك أن يعير شخص لأخر نقودا نادرة لعرضها في معرض، أو يعيره سندات لحاملها كي يستعملها المستعير في ضمان دين معين، على أن يرها عيناً، فإذا رفض المستعير الرد اعتبر مسيئا للائتمان.
ويرتكب المستعير إساءة الائتمان عندما يستغل وجود الشيء في حيازته فيستولي عليه ناكرة ملكية المعير له ومخ بالتزامه برده بالذات.
أما إخلاله بأي التزام أخر غير الاستيلاء على الشيء فلا تقوم به جريمة إساءة الائتمان، إذ لا يكفي لقيامها إهماله أو تقصيره في المحافظة عليه مما أدى لهلاکه، أو خروجه في استعماله له عن الوجه المنصوص عليه في العقد أو المستفاد من العرف.
وغني عن البيان أنه لا قيام الإساءة الائتمان إلا إذا كان موضوع عارية الاستعمال منقولا فاستولى عليه المستعير .
أما إذا كان موضوع العارية عقارا فإن الاستيلاء عليه لا يشكل إساءة ائتمان، بل نزاعا مدنية، يستطيع مالك العقار أن يسترد عقاره بدعوى استرداد الحيازة