اولاً : إجراءات النظر في دعوى المخاصمة والحكم فيها:
تنظر دعوى المخاصمة على مرحلتين الأولى شكلياً والثانية موضوعياً:
1- مرحلة النظر في قبول الدعوى شكلاً:
يتم تبليغ صورة الاستدعاء ومرفقاته من الوثائق إلى القاضي وممثل النيابة العامة المخاصم، وتضم إضبارة الدعوى الأصلية التي صدر فيها الحكم محل المخاصمة، وبعدها تعرض الدعوى على المحكمة المختصة، وتحكم المحكمة على وجه السرعة في غرفة المذاكرة وقبل تبليغ الخصوم الآخرين، بجواز قبول الدعوى شكلاً، بتوافر الشروط الشكلية المنصوص عليها في المادة السابقة، وبوضع إشارة الدعوى إذا كانت متعلقة بعقار، وبوقف تنفيذ الحكم المخاصم مؤقتة إذا طلب إليها ذلك، وكان يخشی من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تدارکه (م 472 أصول محاکمات).
۲- مرحلة النظر في قبول الدعوى موضوعاً :
إذا قررت المحكمة قبول دعوى المخاصمة شكلاً حددت جلسة علنية للنظر في موضوع المخاصمة والتحقيق فيه، ودعوة أطراف الدعوى للحضور بواسطة وكلائهم من المحامين الذين تنطبق عليهم الشروط المحددة في المادة 471/أ آنفة الذكر، لسماع أقوالهم ودفوعهم فيها (م 473 أصول محاكمات).
فالمحاكمة تجري علنا أمام المحكمة بحضور القاضي المخاصم وممثل طالب المخاصمة أو بغيابهما بعد دعوتهما أصولاً، وبعد التحقيق ودراسة الموضوع.
وتطبق في دعوى المخاصمة، قواعد الحضور والغياب والشطب المنصوص عليها في المواد 114 حتى 122 من قانون أصول المحاكمات.
ولا يسقط شطب دعوی المخاصمة حق المدعي بالمخاصمة، بطلب تجديدها لمرة واحدة، على أن يقدم هذا الطلب قبل انتهاء ميعاد السنوات الثلاث المنصوص عليها في الفقرة /ز/ من المادة /471. ويجوز للمدعى عليه بالمخاصمة، المحكوم له في الدعوى الأصلية، أن يتقدم بطلب عارض بالحكم على مدعي المخاصمة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه في حال الحكم برد دعوى المخاصمة موضوع (م 473 أصول).
وفي كل الأحوال لا تجوز إثارة أوجه دفاع جديدة في دعوى المخاصمة لم يسبق عرض على محكمة الموضوع أو أمام محكمة النقض، فطلب الانعدام لا يرى أمام غرفة المخاص إن لم يكن مثارة لدى الهيئة المخاصمة. وهذا يغلب جانب طبيعة الطعون في دعوى المخاص كطريق استثنائي للطعن. ولكن هل يجوز أن تثير محكمة المخاصمة أسباب من تلقاء نفسها غير التي خوصم القرار لأجلها كخطأ مهني جسيم أخر غير المذكور في أسباب دعوى المخاصمة.
الحقيقة أرى أن الانبرام يغطي عيوب البطلان، ومادام مدعي المخاصمة لم يثر هذا الخطأ المهني الجسيم فلا يجوز للمحكمة الناظرة في المخاصمة أن تثيره لأن الحكم مبرم، ولأن دعوى المخاصمة ليست طريقة استثنائياً خالصة من طرق الطعن بالأحكام، ولأنه لا يجوز إثارة سبب جديد في دعوى المخاصمة لم يكن سبباً من أسباب الطعن أمام الهيئة المخاصمة..
في كل الأحوال فإنه إذا حكمت المحكمة برد دعوى المخاصمة شكلاً أو موضوعاً حكمت على طالب المخاصمة بمصادرة التأمين كما مر.
وللمحكمة بناء على طلب القاضي المخاصم، أن تلزم المدعي بتعويض الضرر الأدبي الذي أصابه من جراء رفع دعوى المخاصمة عليه.
أما إذا حكمت بقبول دعوى المخاصمة شكلاً وموضوعأ، أي حكمت بصحة المخاصمة، فإنها تحكم على القاضي أو ممثل النيابة العامة المخاصم بالتعويض.
وبحسبان أن الدولة مسؤولة عما يحكم به من التعويض على القاضي، فإنه يحكم على الدولة ممثلة بوزير العدل بما يحكم به على القاضي مع حقها في الرجوع عليه بما تدفعه (م 467 أصول).
وتحكم أيضاً ببطلان القرار الذي أصدره القاضي المخاصم لصالح أحد الخصوم وكان السبب في دعوى المخاصمة، ولا يجوز للمحكمة أن تحكم بأن إبطال الحكم يقوم مقام التعويض (م 470 ب أصول محاكمات).
وإن إبطال حكم – محكمة النقض مثلا – بموجب دعوى المخاصمة يفيد إلغاء كل ما قضى به، ويعيد أطراف النزاع موضوع الحكم المقضي ببطلانه إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل صدور الحكم المبطل بحكم الهيئة العامة، الأمر الذي يبقى أسباب الطعن قائمة ويوجب على محكمة النقض البحث في القرار المطعون فيه في ضوء ما أثير في لائحة الطعن من أسباب تخطئة القرار.
على أنه إذا كانت الدعوى الأصلية جاهزة للفصل فيها، جاز للمحكمة التي قضت ببطلان الحكم أن تحكم فيها. وفي كل الأحوال يجب الحكم بإعادة ملف الدعوى الأصلية المضموم إلى مرجعه مرفقا به صورة عن القرار الصادر في دعوى المخاصمة (م 475 أصول محاکمات).
ثانيا ً: طرق الطعن في القرار الصادر في دعوى المخاصمة:
الحكم الصادر في دعوى المخاصمة المرفوعة أمام محكمة الاستئناف لا يجوز الطعن فيه إلا بطريق النقض (م 477 أصول محاكمات)، فإذا كان القرار صادرة عن الهيئة العامة لمحكمة النقض أو عن الغرفة المدنية فيها فلا يقبل أي طريق من طرق المراجعة.
وقد استقر الاجتهاد القضائي على أنه لا تجوز المخاصمة على المخاصمة، وبالتالي لا تجوز إقامة الدعوى أمام الهيئة العامة لمحكمة النقض على قرار صدر عن غرفة المخاصمة فيها، فاجتهاد الهيئة العامة لمحكمة النقض استقر على عدم جواز مخاصمة الغرفة المدنية بمحكمة النقض الناظرة في قضايا المخاصمة أمام الهيئة العامة لمحكمة النقض مما يستتبع بالتالي رد دعوى المخاصمة شكلا ..
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن “دعوى المخاصمة تقدم مرة واحدة ولا يجوز تقديم دعوى ثانية على القرار ذاته الذي كان قد خوصم فيه”.
شرح وملخص مخاصمة القضاة في القانون السوري pdf