إن المقصود بالرهن الذي أشارت إليه المادة 656 هو الرهن الحيازي الذي يضع به المدين منقولا في حيازة دائنه، أو حيازة شخص ثالث اتفق عليه المتعاقدان، ضمانا للدين.
وهو يختلف عن الرهن التأميني الذي لا يقع إلا على عقار ولا يتضمن نقلا للحيازة إلى الدائن المرتهن.
ويرتكب الدائن المرتهن إساءة الائتمان عندما يستغل وجود الشيء المنقول المرهون في حيازته فيستولي عليه مدعية ملكيته له و ناکرا ملكية المدين الراهن له.
وعدم وفاء الراهن لدينه للمرتهن لا يبيح للأخير الاستيلاء على المال المرهون والتصرف به، فإن فعل فهو مسيء اللائتمان.
ذلك أن سلطة المرتهن مقتصرة على حبس الشيء لحين استيفاء دينه بالتراضي، فإن لم يحصل فله أن يستوفي حقه من ثمن هذا الشيء، عن طريق مراجعة القضاء، بالتقدم والأولوية على أي دائن آخر للراهن .
وذلك يعني أنه لا يجوز له التصرف بالمرهون أو تملكه ما لم يراجع القضاء، أما إذا استولى على المال المرهون دون الرجوع للقضاء قام في حقه جرم إساءة الائتمان.
يبني على ذلك أن أي إخلال بشروط العقد من قبل المرتهن، لا يتضمن نكراناً لملكية الراهن للمال، لا تقوم به جريمة إساءة الائتمان، كما لو استعمل الشيء المرهون بدون موافقة الراهن، أو أساء استعماله إذا كان هناك موافقة، أو قصر في المحافظة عليه مما أدى لهلاکه.
والأصل أن يقع الرهن الحيازي على المنقول، إلا أن ذلك لا يحول دون وقوعه أيضاً على العقار .
ويمكننا تصور إساءة الائتمان في حالة الرهن الحيازي على عقار إذا قام المرتهن بالاستيلاء على بعض أجزاء هذا العقار سواء المخصصة لخدمته أو المتصلة به، تلك الأجزاء التي تعتبر موضوعا للتسليم الذي تقوم به جريمة إساءة الائتمان باعتبارها منقولات وفق مفهوم القانون الجزائي الواسع للمنقول.
والأصل في الرهن الحيازي أن يكون المال المرهون مملوكاً للمدين.
إلا أنه يجوز أن يكون المرهون ملكا لغير المدين، فيقدم شخص ما يملكه ضماناً لدين شخص أخر.
فإذا قام المرتهن بالاستيلاء على هذا المال قام في حقه جرم إساءة الائتمان.
وقد يتفق المتعاقدان على أن تكون حيازة المرهون لشخص ثالث، ففي هذه الحالة يرتكب الشخص الثالث إساءة الائتمان إذا اختلس المال المرهون باعتباره وديعة لديه، أما المرتهن فلا يتصور ارتكابه لإساءة الائتمان في هذه الحالة، باعتبار أن المال ليس في حيازته.
والأصل أن يكون محل الرهن ما قيمياً حتى يتصور الالتزام برده عيناً.
ولكن يجوز أن يكون محله مالا مثلياً إذا اتجهت نية الطرفين إلى اعتباره قيمياً ورده عيناً، فتقوم جريمة إساءة الائتمان بحق المرتهن إذا استولى على هذا المال المثلي.
وتطبيقا لهذا يرتكب إساءة ائتمان رب العمل الذي يختلس النقود التي دفعها إليه مستخدموا المحل على سبيل التأمين عند دخولهم الخدمة لضمان حسن قيامهم بالعمل، متى كان من المتفق عليه رد الضمان بعينه و عدم التصرف فيه.