أولاً: الأحكام القطعية وغير القطعية والمؤقتة:
1- الحكم القطعي:
هو الذي يحسم النزاع في موضوع الدعوى أو في أحد أجزائه، أو في مسالة متفرعة عنه سواء تعلقت هذه المسألة بالقانون أم بالوقائع، وهذا التعريف يقتضي أنه ليس من الضروري أن يكون الحكم في موضوع الدعوى ذاته، فالمحكمة عندما تبني حكمها على الفصل في مسألة قانونية هي جواز أو عدم جواز الإثبات بطريق معينة من طرق الإثبات، تكون قد أصدرت حكمة قطعية.
٢- الحكم المؤقت:
هو الذي يصدر في طلب مؤقت، ويكون الغرض منه الأمر بإجراء تحفظي أو تحديد مركز الخصوم بالنسبة لموضوع النزاع تحديداً مؤقتاً إلى أن يتم الفصل في الخصومة بحكم يصدر في موضوعها.
والحكم المؤقت يصدر في طلبات تقوم على ظروف ووقائع متغيرة بطبيعتها أو بمقتضى نص القانون، ومن ثم فهو قضاء يفصل – بصفة قطعية لمدة مؤقتة – في طلبات قائمة على ظروف متغيرة، فهو يقبل التغيير والتعديل بتغير ملابسات الخصومة ووفقاً لمركز الخصوم.
3 – أهمية التمييز بين القرارات القطعية والقرارات المؤقتة:
أ- من حيث حجيتها:
إن القرار القطعي كالذي يقضي برفض طريق من طرق الإثبات لا يمكن للمحكمة أن تعود وتقضي بعد ذلك بالقبول، لأن حكمها في ذلك تكون له حجية الشيء المحكوم به، ويصبح حق مكتسبة للخصم الذي صدر لمصلحته، وإن قواعد الأصول لا تجيز للمحكمة الرجوع عن قرار قرينة أصدرته، لأن إصلاحه على فرض وجود خطأ فيه يعود إلى المحكمة الأعلى، فحجية الشيء المحكوم فيه وصف يخص الأحكام القطعية دون المؤقتة،
ويرى بعضهم أن الأحكام المؤقتة تحوز حجية الشيء المحكوم فيه كالقطعية ما دامت لم تتغير الظروف والوقائع التي بنيت عليها، فإن تغير مركز الخصوم أو تغيرت الظروف التي قام عليها الحكم المؤقت أمكن تعديله وفق الظروف الجديدة، ويكون أساس إعادة النظر فيه هو اختلال أحد شروط حجية الشيء المحكوم به، إنما يتعين نقض الحكم إذا بدا لمحكمة النقض أن محكمة الموضوع قد بنت أسباب تعديل الحكم المؤقت على ظروف ووقائع كانت موجودة وقت صدوره.
بكل الأحوال ليس للحكم المستعجل أي حجية عند قاضي الموضوع لدى نظره الدعوى الموضوعية بأصل الحق، ويمكن إثبات خلافه بوسائل الإثبات المقبولة قانونا كالخبرة أمام محكمة الموضوع.
فالحكم بتعيين أحد الخصوم حارساً قضائياً على العين المتنازع على ملكيتها لا يمنع من الحكم عليه في دعوى الملكية، والحكم لأحد الخصوم بإثبات حالة منقول أو عقار لا يمنع من الحكم برفض دعوى المسؤولية التي أقامها.
ب- من حيث تأثير شطب الدعوى عليها :
الحكم الصادر بشطب استدعاء الدعوى عملاً بالمادة (119 أصول) يترتب عليه سقوط الأحكام المؤقتة الصادرة فيها، فشطب الدعوى يبطل استدعاءها وما بني عليه من قرار حجز، ولو لم ينفذ قرار الشطب في السجل العقاري لرفع إشارة الحجز، وإن عدم تنفيذ الشطب في السجل العقاري لا يبيح للقاضي أن يقرر استمرار الحجز قبل الشطب.
إنما لا يترتب على قرار الشطب سقوط الحق في أصل الدعوى، كما لا تسقط الأحكام القطعية الصادرة فيها، فتحليف اليمين الذي يحسم النزاع لا تبطل آثاره ولا يسقط الحق بالتمسك به بمجرد شطب الدعوى وإبطال استدعائها”.
ثانياً : الأحكام التمهيدية والأحكام التحضيرية:
هي القرارات الإعدادية التي تصدرها المحكمة وتتعلق بإثبات الدعوى أو تتعلق بسير الخصومة.
ويميز شراح قانون الأصول في الأحكام أو القرارات الإعدادية غير المنتهية للخصومة التي تتعلق بإثبات الدعوي أو تتعلق بسير الخصومة، بين قرارات القرينة، وأخرى ليست قرينة.
وقرارات القرينة هي التي تشف عن اتجاه رأي القاضي في الموضوع، ولا يجوز للقاضي الذي أصدره في المرحلة البدائية أن يشترك في إصدار الحكم بالدرجة الثانية أو الهيئة الأعلى، مراعاة لمبدأ حياد القاضي، وينعقد إجماع الشراح والمحاكم في فرنسا ومصر على حكم القاعدة الآتية:
وهي أن القاضي لا يتقيد بما شف عنه الحكم التمهيدي من اتجاه الرأي في موضوع الدعوى، فالقاضي لا يتقيد بالاعتبارات التي أدت به إلى إصدار حكمة التمهيدي، لأن الحجية إنما تكون للحكم ولا تكون لمجرد اتجاه الرأي.