1- ماهية الحكم الباطل والحكم المعدوم:
إذا فقد الحكم ركن من أركانه الأساسية، أو شابه عيب جوهري أصاب كيانه، فإنه يفقد صفة الحكم ويكون معدوماً ، إنما إذا كان العيب الذي شابه لم يمتد إلى انعقاده وبالتالي لم يفقد طبيعته كحكم إنما أثر في صحته فإنه يعد باطلاً وليس معدوماً، فالانعدام درجة أشد من البطلان، لأن الحكم الباطل موجود ومنتج لآثاره القانونية إلى أن يحكم ببطلانه قانوناً.
۲- أمثلة تطبيقية عن الحكم الباطل والحكم المعدوم:
إذا صدر الحكم من شخص لا يعد قاضياً، أو من قاض لما يحلف بعد اليمين القانونية، أو من قاضي زالت عنه ولاية القضاء بسبب العزل أو التقاعد أو الاستقالة أو الوقف مؤقتاً عن العمل، أو من قاض جاء تعيينه باطلاً ومخالفاً للقانون بصورة صريحة أو فاضحة، فهو حكم معدوم، وكذا إذا صدر قرار بالحجر على القاضي، فجميع ما يصدره من أحكام يعد معدوماً من وقت توقيع الحجر عليه .
وإذا صدر الحكم من قاضيين في محكمة مشكلة من ثلاثة قضاة فإنه يكون معدوماً، في حين أنه يعد باطلاً إن صدر من أربعة قضاة.
ويعد باطلاً وليس معدوماً الحكم الصادر في قضية لم تمثل فيها النيابة العامة، على الرغم من أن القانون يوجب تمثيلها (م۱۲۳/ب أصول).
ويعد معدوماً في رأي، وباطلاً في رأي آخر، الحكم الذي يصدر من جهة قضائية غير مختصة ولائية أي وظيفية، كأن يصدر من محكمة قضاء إداري في مسألة هي من اختصاص القضاء العادي.
خلاف ذلك الحكم الصادر من جهة قضاء أو محكمة استثنائية خارج حدود اختصاصها، فإنها لن تكون لها ولاية القضاء خارج هذه الحدود، ويعد الحكم في مثل هذه الحالة كما لو كان صادراً من شخص ليس قاضياَ وبالتالي يكون معدوماً .
أما الحكم الصادر من محكمة غير مختصة نوعياً أو محلياً فهو يتمتع بكامل حجيته وتسري آثاره كافة، إنما يجوز الطعن فيه بطريق الطعن المناسب وفي ميعاده، ومتى انقضت مواعيد الطعن فيه أصبح باتاً ، وبما أن الخصومة لا تتعقد إلا بين أطراف أحياء، فإن الحكم الصادر على شخص توفي أو فقد أهليته بالجنون قبل رفع الدعوى عليه بعد معدومأ .
أما صدور الحكم على من توفي بعد رفع الدعوى عليه فهو حكم باطل لمصلحة من شرع انقطاع الخصومة لحمايته، وهم ورثته الذين لم يمثلوا في الخصومة ولم يبلغوا بقيامها في هذه الحالة، ولا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، كما يعد الحكم معدوماً إذا صدر على شخص لم يبلغ إطلاقاً بصحيفة الدعوى، وكذا الحكم الصادر على من تم إعلانه بإجراء معدوم،
كما لو بلغ بمحضر تبليغ ثبت تزويره قضاء، وذلك لأن الخصومة لم تتعقد أساساً ، أما إذا كان التبليغ مبنية على إجراء باطل فإن الحكم يكون باطلاً.
ولا يعدم الحكم ولا يفقده أركانه الأساسية صدوره في دعوى رفعت على غير ذي صفة.
وقد مر ما يعدم الحكم أو يبطله فقط بالنسبة إلى ما ينبغي أن ينطوي عليه من بيانات .. ويكون الحكم باطلاً قابلاً للإلغاء، وإن كان صحيحاً من حيث الشكل وعلى حق من حيث الموضوع إذا بني على إجراء باطل.
3- أهمية التمييز بين الحكم الباطل والحكم المعدوم:
أ- إن إبرام الحكم يغطي كل عيب أو خطأ في تطبيق القانون أو تأويله، مادام العيب لا يرقى
إلى درجة الانعدام، والحكم الباطل يبقى قائماً ومرتباً أثاره القانونية إلى أن يحكم ببطلانه بطريق الطعن المناسب، وإن إبرامه يغطي كل حالات البطلان.
أما الحكم المعدوم فلا وجود له ولا يرتب أي أثر قانوني، ويكفي إنكاره وتجاهله عند التمسك بما اشتمل عليه من قضاء، من دون الحاجة إلى ولوج طريق الطعن فيه لتقرير انعدامه، إنما يجوز رفع دعوى مبتدئة بطلب انعدامه، على أنه ولئن كانت الأحكام المعدومة تعد غير موجودة قانونا وهي لا تستلزم الطعن فيها ولا رفع دعوى عادية ضدها التقرير انعدامها وبطلان آثارها، وإنما يكفي التمسك بعدم وجودها حتى لا يكون لها أي أثر، إلا أنه ليس ثمة ما يحرم على الخصوم مراجعة طرق الطعن فيها الإعلان بطلانها.
ب- إن بطلان الحكم يزول بالرد عليه بما يدل على عده صحيحاً، ما لم يتعلق البطلان بالنظام العام (م 41 أصول محاکمات)، أما الحكم المعدوم فلا تزول حالة انعدامه بالرد عليه بما يفيد عده صحيحاً ، لأن النزول عن التمسك بالانعدام لا يمنح للحكم ركنه الأساسي الذي يفقده، وإن صلح النزول إقرارة من الخصم بالحق الثابت لخصمه في الحكم المعدوم، فالانعدام لا يصحح بالحضور ولا يصحح مهما طال عليه الأجل، ويثبت متی فقد الإجراء ركنا أساسياً من أركان انعقاده، أي لا تلحقه الإجازة .
4- المحكمة المختصة بطلب انعدام الحكم:
لا تستنفذ المحكمة ولايتها بالنسبة إلى النزاع بصدور حکم معدوم عنها، إنما بصدور حکم صحيح أو باطل على الأقل، واذا كانت الخصومة معدومة كانت هي والحكم الصادر في حكم
العدم، ومن ثم فالدعوى بطلب انعدام حكم ترفع أمام ذات المحكمة التي أصدرته، بالأوضاع المعتادة بطلب سحبه واعادة النظر في الموضوع.
فإذا كانت محكمة الاستئناف هي التي أصدرت الحكم المعدوم، ومحكمة النقض لم تحكم بالدعوى كمحكمة موضوع، وإنما قامت بتصديقه، فهذا يعني أن محكمة النقض لم تفصل في النزاع، وتبقى محكمة الاستئناف التي أبرم حكمها من محكمة النقض هي صاحبة الاختصاص في النظر بدعوى الانعدام.
5- الطبيعة القانونية لدعوى الانعدام:
تعد دعوى الانعدام طريقة من طرق الطعن غير العادية، ولا يصح – بهذه المنزلة – أن يكون للحكم الصادر فيها طريقة للطعن أكثر من الحكم الصادر في الدعوى الأصلية المطلوب انعدام قرارها، لأن الفرع يتبع الأصل ولا يملك أكثر منه، فإذ ا كان القرار الأصلي يصدر مبرماً فإن القرار في دعوى الانعدام يكون مبرماً أيضاً..
وفيما يلي نموذج دعوى انعدام قرار لإقامتها على ميت – الرجاء الضغط هنا