عرف قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني الدفع الموضوعي بأنه
((كل سبب يرمي به الخصم إلى رد طلب خصمه لعدم صحته بعد بحث الحق في الموضوع)) .
فالدفوع الموضوعية هي تلك التي تنصب على الإثبات أو الحق ذاته، ويكون من شأنها إهدار الدليل أو إسقاط الحق، ولا توجد لائحة محددة لهذه الدفوع بل هي متروكة للخصوم أو للمحامين الذين يبحثون عن أفضل الوسائل التي تحول دون الحكم عليهم وفق الطلب كلاً أو جزءأ، وهي في مجملها مستمدة من نظرية الحق أو نظرية الإثبات،
وإن الفصل في هذه الدفوع هو فصل للدعوى، لذلك لا يفصل بها على وجه الاستقلال، ومن أمثلة الدفوع الموضوعية الدفع بالتقادم إلا أنه يجوز التمسك به بالاستئناف مالم يكن قد تنازل عنه، والدفع ببطلان الحوالة، والدفع بترجيح البينات، والدفع باعتماد الخبرة الفنية، وتقدير الخطر الموجب للحراسة القضائية، والدفع ببطلان العقد، والدفع بانقضاء الدين للوفاء به، والدفع بعدم التنفيذ، والدفع باكتساب المكية بالتقادم. لذلك تشترك الدفوع الموضوعية بالأحكام الآتية:
1- يجوز التمسك بالدفوع الموضوعية في أية حالة تكون عليها الدعوى.
فلا يسقط حق في دفع موضوعي مالم يتنازل عنه صاحب الحق فيه، أو مالم تمحيه دفوع أخرى، فمن دفع بالتزوير ثم دفع ببراءة الذمة يعني أن الدفع بالتزوير سقط بدفع براءة الذمة، إلا أن الدفع الموضوعي يمكن التمسك به أمام محاكم الأساس أي أمام محاكم الصلح والمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف إلا أنه لا يجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض
2- يعد الحكم الصادر في الدفع الموضوعي حكما فاص” في موضوع الدعوى:
فلو دفع الخصم بانقضاء الدين وأخذت المحكمة بهذا الدفع لم يعد جائزة من حق الدائن إعادة طرح من جديد أمام القضاء
3- يستنفذ الحكم الصادر في الدفع الموضوعي سلطة محاكم الدرجة الأولى بالنسبة لموضوع الدعوى، لذلك فإذا طعن بالحكم المتضمن الأخذ بالدفع الموضوعي وألغته محكمة الاستئناف فلا تعيد الدعوى إلى محاكم الدرجة الأولى بل عليها أن تفصل في الموضوع .
4- إذا كانت الحقوق تسقط بالتقادم فإن الحق بالدفع لا يسقط بالتقادم عملا بقاعدة أبدية الدفوع
لذا، تجدر الإشارة إلى أن محكمة الدرجة الثانية من محاكم الموضوع ويتوجب عليها الرد على جميع الدفوع المثارة أمامها إضافة إلى الدفوع المثارة أمام محكمة الدرجة الأولى، ويمكن أن نشير إلى بعض المبادئ الذي أقرتها محكمة النقض السورية المتعلقة بالدفوع وفق الآتي:
1-لا تلزم المحكمة بتوجيه الخصوم إلى ما يؤيد دفوعهم وأقوالهم. وعلى من يدفع الدفع أو يقول القول أن يقدم الدليل على دفعه وقوله، ولا يجوز لمحكمة النقض أن تبحث في وقائع غير مثارة أمام محكمة الموضوع .
2- إن إبداء دفوع جديدة ابتداء أمام محكمة النقض يستلزم الالتفات عنها وذلك لأنه لا يجوز أمام محكمة النقض إبداء أوجه دفوع لم يسبق أن تمسك بها الطعن ما لم تكن متعلقة بالنظام العام 3- إذا فتح باب المرافعة بعد ختامها يتعين على القاضي فسح المجال للطرفين في إبداء دفوعهما في الواقعة الجديدة .
4-التقديم والتأخير في ترتيب الدفوع لا يسقط الحق في التمسك بها، ولا يعتبر تأخير ترتيب الطعن في التبليغ عن الطعون الأخرى تنازلا ضمنيا عن.
5- على المحكمة أن تفسح المجال لإثبات دفوع الطاعن والرد عليها .
6-لا يجوز أمام محكمة النقض الإحالة على الدفوع أو أسباب الاستئناف واعتبارها أسبابا للطعن بالنقض
7- إن التفات المحكمة عن الدفوع المنتجة و التي بحثت ربما تغير النتيجة القانونية يجعل القرار مشوبة بالخطأ المهني الجسيم .
8- لئن كان ليس للخصوم تقديم طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف إلا أن لهم تقديم أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة لأن الاستئناف يعتبر امتدادا للخصومة، وتتميز وسائل الدفاع عن الطلبات الجديدة بأنها لا تغير موضوع ولا صفة الخصوم وإنما تتناول إيراد حجج أو مستندات جديدة لتأييد المزاعم والدفوع أو دحضها .
9- إن إحالة الدعوى من محكمة مدنية إلى محكمة مدنية أخرى لا يعني إبطال دفوع المدعى عليه السابقة للإحالة بما في ذلك الدفع بعدم الاختصاص المحلي و يمكن إحالة الدعوى مجدداً إلى محكمة مدنية ثالثة حتى و لو أثار المدعى عليه دفوعة جديدة طالما أنه سبق وأثار موضوع الاختصاص بتاريخ سابق للإحالة الأولى.
10- إن نقض الحكم يعيد الدعوى إلى ما كانت عليه قبل الحكم مما يفسح المجال أمام الخصوم لإبداء دفوع لم يسبق لهم أن أبدوها قبل النقض ما لم يسقط حقهم بإبدائها .