أورد المشرع هذه السرقة المشددة في المادة 623 ونصها:
“1- إذا وقعت السرقة على الطريق العام أو في القطار الحديدي مستجمعة حالتين من الحالات المعنية في المادة السابقة يقضي بالأشغال الشاقة من خمس عشرة إلى عشرين سنة.
2- وإذا لم تتوفر في هذه السرقة إلا إحدى تلك الحالات كان العقاب الأشغال الشاقة المؤقتة سبع سنوات على الأقل.
3- وفي الحالات الأخرى تكون العقوبة الأشغال الشاقة من ثلاث إلى عشر سنوات”.
بتحليل هذا النص نلاحظ أن تشدید عقاب السرقة في هذه الحالات مرده الظرف المكاني.
فلقد اعتبر المشرع أن السرقة الواقعة على الطريق العام تعكس خطورة السارق وجرأته، وتسهل له ارتكاب جريمته نتيجة لانعزال المكان الذي اختاره للسرقة، فجريمة قطع الطريق تعتبر من أخطر الجرائم وغالبا ما ترتكب من عدة أشخاص مسلحين.
أما السرقة في القطار فهي أيضاً تعكس جرأة وخطورة السارق لاختياره مكانة متحركة ومغلقة لتنفيذ سرقته.
فسير القطار وضيق مساحته يحول دون إمكانية هرب السارق بما سرقه، لهذا فلا يبقى لديه خيار إذا اكتشف أمره سوي مواجهة كافة الركاب الذين يتواجدون داخل القطار، وبالتالي كي يستطيع إحكام سيطرته فلا بد له من اللجوء إلى العنف، مما يضفي على جريمته خطورة مضاعفة.
وباعتبار أن التشديد في هذه السرقة يتناول ظرف المكان الذي حدده المشرع بالطريق العام و القطار، لذلك لابد من تحديد مدلول كل منهما:
1- الطريق العام
الطريق العام هو الطريق البري الذي يرتاده الناس ويصل بين المدن والقرى ويقع خارج حدود هذه المدن والقرى، ويباح فيه المرور في كل وقت و بدون قيد وترجع خطورة السرقة في الطريق العام وفق هذا المعنى إلى امتداد الطريق في مناطق بعيدة عن العمران والتجمعات السكنية بالإضافة إلى صعوبة تواجد سلطات الأمن على امتداد الطريق.
ولقد عرفت محكمة النقض السورية المقصود بالطريق العام بكونه
“الطريق الواقع خارج المدن والموصل بين بلدتين لا داخلها، لأن الغاية من تشديد العقوبة للسرقات الواقعة فيه هو حماية المسافرين في الأمكنة حيث لا يوجد فيها من يسعفهم وأما في المدن المكتظة فالمسافرين لا يحتاجون إلى هذه الحماية لأنهم محاطون بمن ينجدهم عند الضرورة “.
واستنادا لهذا المدلول للطريق العام، فإن الشوارع والساحات الواقعة داخل المدن أو القرى تخرج عن مفهوم الطريق العام، وبالتالي لا يشدد جرم السرقة الواقع فيها حتى ولو وقعت في وقت كان فيه أي من هذه الأماكن خالية من المارة، وذلك لأن حكمة التشديد في هذه الحالة تكون منتفية.
2- القطار الحديدي
إن مدلول القطار الحديدي واضح لا يحتاج إلى تفسير.
فهو وسيلة النقل بين المدن والقرى التي تسير على قضبان حديدية.
وكل ما يشترط في هذا الظرف أن يكون القطار مسافراً أو على أهبة السفر لا متوقف بصورة ثابتة في إحدى المحطات .
والملاحظ أن النص اقتصر في التشديد على القطار دون غيره من وسائل النقل البرية أو البحرية.
والملفت بهذا الصدد التناقض الذي وقع به المشرع السوري في إطار تشدید عقاب السرقة في القطارات.
فلقد رأينا في معرض شرح المادة 629 أن المشرع شدد عقاب السرقة تشديدة جنحية، وهو الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، إذا وقعت في وسائل النقل العامة، وذكر من بينها القطارات، ثم عاد وشدد عقاب السرقة تشديداً جنائياً في صلب المادة 623 إذا وقعت في القطار الحديدي، معتبراً في الفقرة الثالثة من ذات المادة أن السرقة في القطار دون أن يرافقها أي ظرف مشدد جرماً جنائي الوصف عقابه الأشغال الشاقة من ثلاث إلى عشر سنوات.
وأمام هذا التناقض الواضح بين نصي المادتين 629 و 623 اللتان لا يمكن التوفيق بينهما نرى ضرورة تدخل المشرع السوري لرفع هذا التناقض واعتبار التشديد إما جنحياً بحذف عبارة «القطار الحديدي» من نص المادة 623 و إما تشديدة جنائية بحذف عبارة «القطارات» من نص المادة 629 من قانون العقوبات.
وإلى أن يتم تدخل المشرع لرفع التناقض الذي وقع به، يثور التساؤل التالي :
أي من النصين واجب التطبيق؟
إن النصوص الجزائية في حالة الغموض يجب تفسيرها لمصلحة المتهم، فالعبرة عند التطبيق إذن بالنص الأصلح للمتهم، وهو في حالتنا هذه هو نص المادة 629، باعتبار أن التشديد الجنحي أصلح للمتهم من التشديد الجنائي.
أما بالنسبة لتشديد العقاب على السرقة على الطريق العام أو في القطار الحديدي فلقد تضمن نص المادة 623 ثلاث درجات من التشديد :
1- إذا لم يترافق مع السرقة أي حالة من الحالات الواردة في المادة 622، فالعقوبة تشدد إلى الأشغال الشاقة من ثلاث إلى عشر سنوات .
ومثالها قيام شخص واحد غیر مسلح بالسرقة نهاراً في الطريق العام أو في القطار الحديدي.
2- إذا ترافق مع الطريق العام أو القطار الحديدي حالة واحدة فقط من الحالات الواردة في المادة 622، فالعقوبة تشدد إلى الأشغال الشاقة من سبع سنوات إلى خمس عشرة سنة (فقرة ثانية).
ومثالها قيام مجموعة أشخاص بالسرقة نهارا في الطريق العام، أو قيام شخص واحد بالسرقة ليلا في القطار الحديدي .
3- إذا ترافق مع الطريق العام أو القطار الحديدي حالتين من الحالات الواردة في المادة 622، تشدد العقوبة إلى الأشغال الشاقة من خمس عشرة إلى عشرين سنة (فقرة أولى).
ومثالها قيام عدة أشخاص بالسرقة ليلا في الطريق العام أو في القطارات.