هذه الحالة تفترض توفر ظرفي تشديد، أحدهما زماني وهو الليل، والأخر مكاني، وهو المسكن أو المعبد، بشرط أن يكون السارق شخصاً واحداً.
والظرف الزماني، أي الليل، تم سبق شرحه.
أما الظرف المكاني فيجب أن تقع السرقة إما في مكان سكنى الناس أو في معبد”.
والحكمة من تشدید عقاب السرقة الواقعة في هذين المكانين تتمثل في انتهاك حرمة المسكن أو المعبد، والاعتداء على حق الملكية، إضافة إلى أن المجني عليه فيهما لا يتوقع في المجرى العادي للأمور أن يتعرض لاعتداء، كونه يخلد لراحته في منزله، أو يخشع لربه أثناء صلاته، أو لكون المعبد يتمتع بقدسية خاصة، لذلك فهو يتخلى عن وسائل الحيطة التي يتخذها عادة عند تواجده في غير هذه الأماكن، مما يسهل على السارق ارتكاب جريمته، ومما يعكس أيضا خطورة المجرم الذي يدخل المسكن أو المعبد وهو يتوقع أن يلقى مقاومة، فيضمر في نفسه إحباطها وردها بالعنف عند اللزوم.
– مكان سكنى الناس.
إن عبارة “مكان سكنى الناس” الواردة في النص غير واضحة المدلول.
فهل تعني المكان المسكون فعلا، أو المعد للسكن أو المستخدم للسكن أو المخصص للسكن؟
إن الترجمة الدقيقة المقابلة لعبارة مكان سكنى الناس في الأصل الفرنسي تعني مكان يستخدم للسكن “.
وهذه العبارة تعطي دلالة واسعة بحيث تشمل المكان المسكون و المكان المعد للسكن.
– والمكان المسكون هو المكان المستعمل بالفعل للسكن، أي للإقامة ليلا أو نهارا، لمدة طويلة أو قصيرة، سواء كان معد أصلا ليكون مسكناً، كالبيت والفندق والملجئ و المستشفى، أو لم يكن معداً لذلك ابتداء ولكنه استخدم فعلا للسكن، كالمصنع أو المدرسة أو المحل التجاري، حين يقيم فيه حارساً أو بواباً، أي يتخذ فيه مكاناً لسكنه بمفرده أو مع أفراد عائلته.
أما إذا كانت هذه الأماكن غير مسكونة إطلاقاً من حارس أو بواب، فلا تعتبر مسكناً بالمعنى المطلوب للتشديد .
والمقصود بالسكن الإقامة، أي تخصيص المكان لمظاهر الحياة التي يحرص فيها الإنسان على أن يكون في عزلة حين يباشرها، كالخلود للراحة والنوم، والاستحمام وقضاء حاجاته الخاصة.
ولا يشترط في المكان المسكون شكل معين، فقد يكون ثابتاً، کمنزل، أو متحركاً، كعربة أو زورق، وقد يكون كوخاً أو خيمة، أو غرفة في فندق.
إذا ما يهم في اعتبار المكان المسكون ليس صفته أو شكله، بل تخصيصه فعلا للسكن، باتخاذه مقرا يخلد إليه الإنسان للراحة والنوم وقضاء حاجاته، حتى ولو كان المكان مؤسسة عامة أو خاصة يرتادها الناس بكثرة ثم ينصرفون، فما دام يقيم فيها حارس أو بواب فهي تأخذ حكم المسكن إذا تعرضت للسرقة.
– أما المكان المعد للسكن، فهو المكان المهيأ للسكن ولكن صاحبه لا يقيم فيه إلا مؤقتا، کمنزل في مصيف أو في مشتی، أو شاليه على البحر، فتشدد عقوبة سارق هذا المكان ولو في غيبة مالكه.
وتشديد العقاب لا يقتصر على السرقة التي ترتكب في المكان المسكون أو المعد للسكن بل يشمل أيضا ملحقات المكان المخصصة لمنفعته ومتصلة به مباشرة، كالحديقة و المستودع و المرآب .
ويستوي في تشديد عقاب سرقة الأماكن المسكونة أو المعدة للسكن أو ملحقاتها أن يكون السارق غريباً عن المسكن أو واحداً ممن يقيمون فيه كخادم أو ضيف .
بل أن التشديد يتحقق إذا كان صاحب البيت هو مرتكب السرقة، كما لو سرق مال ضيفه أو خادمه.
فالتشديد يعتمد على مكان السرقة فحسب، فكل من يوجد فيه ويتعرض للسرقة يجب أن يكون له نصيبا في التمتع بحرمة المسكن.
– المعبد
المعبد هو كل مكان مخصص لإقامة شعائر دين من الأديان التي تقرها الدولة. ويستوي في الحماية المعبد المفتوح للجمهور والمعبد الخاص، كالمعابد الملحقة بدور التعليم أو المستشفيات.
ويستوي أن تقع السرقة على مال من أموال المعبد نفسه، كسرقة أحد محتوياته، أو أن تقع السرقة على مال أحد الموجودين فيه.
ويستوي كذلك أن يكون السارق غريباً عن مكان العبادة أو أحد العاملين فيه.
ولا عبرة بدين المجني عليه ولا بسبب وجوده في المكان.
فقد يكون أحد المصلين في جامع أو كنيسة، وقد يكون من دين أخر ويتواجد في المعبد لغير العبادة.
ولهذا تشدد عقوبة السرقة إذا ارتكبت في مسجد أثري، كالجامع الأموي مثلا، على سائح أجنبي غیر مسلم، وكان وجوده في الجامع للزيارة أو للدراسة.
فلدور العبادة قدسية وحرمة يجب أن لا تدنس بارتكاب السرقات فيها.
و بتوظيف الرياضيات في ظرف التشديد هذا نخلص إلى المعادلة التالية:
السارق واحد + الليل + مسكن أو مكان عبادة = سرقة مشددة عقابها الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة.
التعليقات مغلقة.