ينص قانون المخدرات على جريمة زراعة المواد المخدرة في البناد الثالث من الفقرة أ من المادة 39 حيث عاقبت هذه المادة بالإعادام كل من زرع نباتاً من النباتات الواردة في الجدول رقم 4 الملحق بقانون المخدرات وذلك في غير الأحوال المرخص بها في هذا القانون.
أولا: محل جريمة زراعة المواد المخدرة:
يشترط وفقاً للمادة 39 أن يتم فعل الزراعة على إحدى النباتات المعددة في الجدول رقام 4 الملحق بقانون المخدرات .
وعلى ذلك أكدت أيضا المادة 30 من قانون المخدرات : ييحظر على أي شخص أن يزرع أو يستورد أو يصدر أو ينقل أو يملك أو يحرز أو يشتري أو يبيع أو يتبادل أو يسلم أو يتسلم أو يتنازل عن النباتات المبينة في الجدول رقم 4 الملحق بهذا القانون في جميع أطوار نموها وكذلك بذورها، وتستثنى من ذلك أجزاء النباتات المبينة بالجدول رقم 5 الملحق بهذا القانون .
ثانياً: أركان الجريمة:
إن النموذج القانوني في جرم زراعة المواد المخدرة يتألف من الأركان التالية:
-
الركن المادي:
تعتبر زراعة النباتات التي تستخلص منها المواد المخدرة أهم مرحلة من مراحل إنتاج المخدرات لأن عمليات صناعة تمك المواد أو تركيبها إنما يتوقف على زراعتها .
ووفقاً لذلك فإن قانون المخدرات يجارم صنع المواد المخدرة مستقلاً عن زرع النبات الذي تستخرج منه.
وأما مفهوم الزلاع فقد ترك المشرع أمر تحديدها للفقه والقضاء.
وقد دأب الفقه في إعطاء تعريف واسع لها ذا الفعل. فالزراعة تتناول كل العلميات التي تستهدف إنبات المخدراتبادء من وضع البذور وغرس الشتلات في الأرض مروراً بأفعل الري والتسميد وصولاً الى قلع النبات وحصاده. وان فعل
الزراعة في حد ذاته جريمة و به تقع الجريمة كاملة سواء نبت الزرع أو جفت شجيراته ، وسواء تحقق إنتاج المواد المخدرة أو لم يتحقق لأي سبب كان .
فزراعة النباتات المخدرة لا تشمل إلقاء البذور في جوف الأرض أو غرس شتلات النبات في تربتها فحسب،
بل تمتد أيضاً لتشمل كل أفعال التعهد اللازمة للزرع، سواء انصبت هذه الأفعال عليها مباشرة كأفعال التسميد والتقلميم،
أو وقعت على الأرض ذاتها كأعمال الري واستئصال النباتات الطفيلية.
فقد يتناوب على زراعة النباتات المخدرة عدة أشخاص يتولى أحدهم وضع البذور في التربة ويتولى
الثاني تنظيف التربة من الأعشاب الطفيلية والثالث سقاية النبات والراباع قمع الغراس وتجفيفها. فهؤلاء جميعاً يعتبرون شركاء في زراعة النباتات المخدرة.
وقد يعترض على هذا التوسع في مفهوم الزراعة لأن القاعدة في تفسير نصوص التجريم هي
الالتزام بالتفسير الضيق وهو يقتضي قصر الزراعة على وضع البذور أو الشتلات في الأرض، ولكن يرد على ذلك أنه لو أراد المشرع أن يقتصر التجريم على عمليات وضع بذور النبات أو شتلاته في الأرض لاكتفى بالنص الذي يجرم حيازة أو إحراز النبات أو البذور لأن هذا الفعل يدخل في معنى الحيازة أو الإحراز لذلك فإن حرص المشرع في النص على تجريم الزراعة استقلالاً عن الحيازة لا يمكان أن يفسر إلا رغبة المشرع في تجريم كل فعل يدخل في نطاق الزراعة في المعنى الواسع ابتداء من بذر الباذور في الأرض ومروراً بتعهد النبات بالري والتسميد والرعاية حتى تمام نضجه وقلعه .
ويشترط وفقا للمادة 39 أن يتم فعل الزراعة على إحدى النباتات المعددة في الجدول رقم 4. وعلى ذلك أكدت أيضا المادة 30 من قانون المخدرات :
( يحظر على أي شخص أن يزرع أو يستورد أو يصدر أو ينقل أو يملك أو يحرز أو يشتري أو يبيع أو يتبادل أو يسلم أو يتسلم أو يتنازل عن النباتات المبينة في الجدول رقم 4 الملحق بهذا القانون في جميع أطوار نموها، وكاذلك بذورها وتستثنى من ذلك أجزاء النباتات المبينة بالجدول رقم 5 الملحق بهذا القانون )
ويمكن لوزير الصحة الترخيص لمؤسسات الدولة والمعاهد العلمية ومراكز البحث العلمي المعترف بها بزراعة أي نبات من النباتات الممنوع زراعتها، وذلك للأغراض الطبية أو العلمية وبالشروط التي يضعها لذلك .
2- الركن المعنوي:
يكفي لتحقق الركن المعنوي في جريمة زراعة المواد الخدرة توافر القصد الجرمي العام. أي أن يتوافر لدى الفاعل العلم بأنه يقوم بالاتصال غير المشروع مع المادة المخدرة، وأن تتوافر لديه إرادة القيام بذلك.
فلا يكفي مثلاً لإدانة مالك الأرض الزراعية وجود النبات مزروعاً في أرضه، إنما يتعين على الحكم أن يورد الدليل على أنه زرع تمك النباتات بنفسه أو بواسطة غيره، وأن يعين بجلاء علمه بماهية هذه المزروعات أو مباشرة العناية بها.
فإذا وجد النبات المخدر في أرض زراعية يملكها المتهم وقد ثبت من أقوال جيرانه بأنه مريض وأن أولاده هم الذين يقومون بزراعتها او أنهم لم يشاهىدوا المتهم بأرضه أطلاقاً ،
كما أكد المسؤول عن حصر الأراضي في الدولة أن أرض المتهم تقع ضمن الأراضي الخاضعة لإشرافه وأن أولاد المتهم هم الذين يقومون بزراعتها وبالتالي يكون من المستحيل إسناد زراعة الأرض الى المتهم.
في المقابل إذا ضبط المتهم يروي الأرض ويعتني بها وثبت سبق جنيه لثمارها فهذا دليل كاف على توافر علمه بزراعة النبات المخدر المضبوط في أرضه ولا عبرة لادعائه بأنه قد تم دس نبات الخشخاش في أرضه .
كما لا يؤخاذ بادعاء المتهم المزارع الخبير بأمور الزراعة بأنه قد طمب منه زراعة الخشخاش على أنه نبات من فصيلة الزهور و أنه لا يستطيع التمييز بين النباتين،
وذلك لأن هناك اختلافاً كبيراً بين النوعين مما يقطع بعلم المتهم بأن النبات المزروع هو نبات الخشخاش وخاصة أنه قام بزراعتها وسط الأرض الملوكة له والواضع يده عليها وأحاطها من الخارج بزراعة الفول.
كما لا عبرة لادعاء المتهم بأن النبات المخدر قد نما عفوياً ودون قصد فقد ثبت أن أرض المتهم لم تترك ليمتد بها ما شاء من النباتات المختلفة لأنه لم يثبت بها سوى النباتات النافعة والمثمرة علاوة على النباتات المخدرة، وليس بها أي نباتات مجهولة أخرى .
فلذلك لا يمكن القول بأن النباتات النافعة قد زرعت قصدا أما النباتات المخدرة فقد نبتت بشكل عفوي وعرضي بفعل الطبيعة إذ ما يسري على الأولى يسري على الثانية من حيث تعمد زراعتها وانباتها ورعايتها حتى تمام النضج .
فالمعروف أن الأرض لا ينمو فيها إلا ما يقوم صاحبها بزراعته ويعلم مدى نفعها له وبالتالي ما نما فيها على غير رغبته مصيره الإزالة فنماء نبات الحشيش وبقائه بها حتى نضجه دليل قاطع على أن المتهم عالم وقاصد زراعة الحشيش .
ثالثاً: المؤيد الجزائي ل جرم زراعة المواد المخدرة :
عاقب المشرع السوري على ارتكاب جرم زراعة المواد المخدرة المنصوص عليها في المادة 39 من قانون المخدرات بعقوبة الإعدام. وتقضي المحكمة فضلا عن ذلك بالغرامة المقررة في قانون الجمارك.
إلا أن الفقرة ب من المادة 39 أجازت للمحكمة إذا وجدت أسباب مخففة أن تبدل عقوبة الإعدام الى الاعتقال المؤبد أو الاعتقال المؤقت لمدة لا تقل عن عشرين سنة وبغرامة من مليون الى خمسة ملايين ليرة سورية في كلتا العقوبتين.
ولكن لا يجوز منح الأسباب المخففة في الحالات التالية:
- التكرار لإحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة 39 والمادة 40 من قانون المخدرات.
وتراعى في إثبات التكرار الأحكام القضائية الأجنبية الصادرة بالإدانة في جرائم مماثلة لهذه
الجرائم.
- ارتكاب الجريمة من أحد العاممين في الدولة المنوط بهم مكافحة جرائم المخدرات .
- استخدام قاصر في ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في المادة 39 من قانون المخدرات .
- اشتراك الجاني في إحدى العصابات الدولية لتهريب المواد المخدرة أو عمله لحسابها أو
تعاونه معها.
- استغلال الجاني، في ارتكاب إحدى الجرائم المنصاوص عليها في المادة 39 من قانون
المخدرات أو في تسهيلها، السلطة المخولة له بمقتضى وظيفته أو عمله أو الحصانة
المقررة له طبقا للقانون .
رابعاً : خصائص المعاقبة في جرم زراعة المواد المخدرة :
نقصد بخصائص المعاقبة القواعد القانونية المرتبطة بمعاقبة مرتكبي جرائم المخدرات من حيث العقاب على الشروع في ارتكابها أوالتقادم الذي تخضع له .
1 – الشروع:
يعاقب على الشروع في الجريمة المنصوص عليها في المادة 39 بعقوبة الجريمة التامة سواء أكان الشروع شروعاً تاماً أم شروعاً ناقصاً .
ولابد لمعقاب على الشروع من ارتكاب الفاعل أفعال تدل على البدء بتنفيذ الجريمة. فإذا كان وضع البذور في التربة من أجل إنباتها يعتبر جريمة تامة فإن الأفعال التي تسبق وضعها تبقي الفعل في حيزالشروع.
وبالتالي فتيهئة الأرض للزراعة بفلاحتها وتسميدها وتحديد خطوط الزراعة فيها هي أفعال
تحضيرية للزراعة ولا يدخل الفعل حيز الشروع إلا إذا تم البدء بنقل البذور إلى الأرض لغرسها في التراب.
2 – التقادم :
نصت المادة 66 من قانون المخدرات على أن تضاعف مدة التقادم المنصوص عليها في القوانين النافذة بالنسبة للجرائم والعقوبات المنصوص عليها في المادة 39 من قانون المخدرات .
وبالتالي تصبح مدد التقادم على الشكل التالي:
- التقادم على دعو الحق العام هو عشرين سنة.
- التقادم على عقوبة الإعدام والاعتقال المؤبد والأشغال الشاقة المؤبدة خمسون سنة.
- إذا كانت العقوبة الجنائية مؤقتة فإنها تتقادم بضعف مدة العقوبة المحكوم بها على أن لا
تزيد عن أربعين سنة ولا تنقص عن عشرين سنة.
- تخفض إلى النصف مدة التقادم بالنسبة للأحداث.