تعريف المداولة:
المداولة هي: التشاور بين أعضاء المحكمة مجتمعين في منطوق الحكم وأسبابه بعد انتهاء المرافعة وقبل النطق به، وينبغي أن تحصل سراً بأن لا يشترك فيها ولا يستمع إليها غير قضاة المحكمة، فلا يجوز أن يحضرها كاتب المحكمة أو النائب العام تحت طائلة البطلان (م 1 / ۱۹۰ أصول)، وذلك ضمانا لحرية رأي القضاة واستقلالهم ، وإذا أفشي أحد أعضاء المحكمة سر المداولة تعرض للجزاءات التأديبية دون أن ينتج من ذلك بطلان الحكم، لأن الإفشاء لا يمس في ذاته حقوق الخصوم.
الأحكام القانونية للمداولة:
1- لا يجوز أن تحصل المداولة قبل انتهاء المرافعة، ضمانا لإحاطة القاضي إحاطة كاملة بكل وقائع القضية وظروفها.
2- نبغي تحت طائلة البطلان أن تتم المداولة بين جميع قضاة المحكمة التي سمعت المرافعة، فلا يكفي أن يحضرها الأغلبية وإن كانت هذه الأغلبية كافية لصدور الحكم، لأن التشاور بين جميع القضاة يقصد به استجلاء غموض القضية على الوجه الأكمل، فالمداولة في الأحكام ينبغي أن تكون بين القضاة مجتمعين سراً، وإن خلو مسودة الحكم من توقيع أحد المستشارين يستدل منه على أنه لم يشترك في المداولة، مما يجعل إجراءات إصدار الحكم باطلة ويكون الحكم معدومة.
كما أنه لا يجوز أن يشترك فيها قاض لم يسمع المرافعة، كما لو توفي أحد القضاة أو استقال أو تقل أو غزل أو تم رده.
على أنه لا يوجد نص في القانون يوجب تلاوة الضبط السابق، أو ضبوط جلسات المحاكمة، أو تلاوة أوراق الدعوى عند تبدل رئيس أو أعضاء الهيئة الحاكمة، إذ يفترض اطلاع القاضي الجديد على كل ما حوته الإضبارة عندما يشارك في أي قرار .
3- يكفي في الأحكام أن تصدر بأكثرية الآراء، فإذا تشعبت الآراء لأكثر من رأيين، فالفريق الأقل عدداً أو الذي يضم أحدث القضاة، يجب أن ينضم إلى أحد الرأيين الصادرين وذلك بعد أخذ الأراء مرة ثانية (م ۱۹۷ أصول) ويجمع الرئيس الأراء فيبدأ بأحدث القضاة ثم يدلي برأيه (م ۲ / ۱۹۰)، ويجوز لكل قاض إلى ما قبل النطق بالحكم أن يعدل عن رأيه، وإذا لم يجب رئيس الغرفة القاضي إلى طلبه إعادة المداولة كان الحكم باط، لأنه لا يجوز حرمان العدالة من إعادة المداولة.
4- يجب أن يحتفظ القاضي بصفته حتى صدور الحكم، فإذا توفي أو زالت صفته قبل النطق بالحكم ولو بعد تمام المداولة، وجب فتح باب المرافعة من جديد، فزوال صفة القاضي قبل النطق بالحكم تؤدي إلى انعدامه لا بطلانه، لأنه يعد صادرة ممن ليست له ولاية القضاء. والعبرة في إجراءات التقاضي، لما يحرر في ضبوط جلسات المحاكمة من وقوعات وأقوال صادرة عن الطرفين، أو ما يأمر رئيس المحكمة كاتب الضبط بتدوينه، لأن محضر المحاكمة سند رسمي بما دون فيه حسبما تقضي بذلك أحكام المادة ۱۳۸ أصول محاكمات.
5- لا يجوز للمحكمة في أثناء المداولة أن تسمع أحد الخصوم أو وكيله إلا بحضور خصمه (م 196 أصول) وذلك ضمانا لحقوق الدفاع، وقد تقدم أنه إذا قدمت مذكرات أو مستندات في أثناء حجز القضية للحكم فلا تلتزم المحكمة الرد عليها، ولو بلغت للخصم الأخر، ولا يلزم المحكمة بيان أسباب الاستبعاد، إنما إذا قررت فتح باب المرافعة، فإنه ينبغي أن تعرض للدفاع الوارد بها.