مقدمة
يشكل مفهوم المنافسة غير المشروعة موضوع هذه الوحدة، وفيها سيتم إيضاح ما هي الأعمال التي يمكن اعتبارها منافسة غير مشروعة، وما هي الوسائل القانونية التي يمكن اللجوء إليها، وماهي الواجبات الملقاة على الدول في مجال مكافحة المنافسة غير المشروعة.
لقد ظهر مفهوم المنافسة غير المشروعة منذ زمن، وكان متداولا منذ العام ۱۹۰۰ في إطار حماية الملكية الصناعية عند مراجعة اتفاقية باريس في بروكسيل.
ما هي المنافسة غير المشروعة؟
تنص المادة ۱۰ ثانياً “۲” من اتفاقية باريس أنه “يعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة كل منافسة تتعارض مع العادات الشريفة في الشؤون الصناعية أو التجارية”.
أما المادة: ۱۰ ثانياً “3” فتحدد الأعمال التي يجب حظرها وهي:
- كافة الأعمال التي من طبيعتها أن توجد بأي وسيلة كانت لبسا مع منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري.
- الادعاءات المخالفة للحقيقة في مزاولة التجارة والتي من طبيعتها نزع الثقة عن منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري.
- البيانات أو الادعاءات التي يكون استعمالها في التجارة من شأنه تضليل الجمهور بالنسبة الطبيعة السلع أو طريقة تصنيعها، أو خصائصها أو صلاحيتها للاستعمال أو كميتها .
وعليه فإن المنافسة غير المشروعة في أبسط صورها هي ممارسة غير شريفة.
وبالطبع فإن تحديد مفهوم الممارسة غير الشريفة تحديدا دقيقا تكتنفه بعض الصعوبة ، ولذا لا بد من تحديده في القانون الوطني لبلد ما .
فالقوانين الوطنية هي التي توفر الإطار القانوني والتجاري وتضمن المنافسة المشروعة وهي بذلك تكمل حماية حقوق الملكية الفكرية.
الحاجة إلى الحماية:
دلت التجربة أن هناك أملا ضعيفاً في تحقيق العدالة في المنافسة عن طريق الاعتماد فقط على حرية التنافس بين قوى السوق .
نظرياً، يعود للمستهلكين أن يلعبوا دور الحكام في اللعبة الاقتصادية. إذ عليهم أن يحولوا دون لجوء المقاولين إلى وسائل المنافسة غير المشروعة وذلك من خلال مقاطعة منتجات وخدمات المقاولين غير الشرفاء وعدم شراء منتجاتهم أو خدماتهم والإقبال على منتجات المنافسين الشرفاء.
ولكن الأمر يختلف على أرض الواقع لأنه كلما ازداد الوضع الاقتصادي تعقيداً تضعف قدرة المستهلكين على لعب دور الحكم وكثيرا ما يعجزون عن اكتشاف ممارسات المنافسة غير المشروعة بأنفسهم والرد عليها بطريقة مناسبة.
ولذا فإن المستهلك ومعه المنافس الشريف هما الطرفان اللذان ينبغي حقيقة حمايتهما من المنافسة غير المشروعة.
لا يمكن ضمان العدل والإنصاف في السوق من خلال الحماية التي تؤمنها حقوق الملكية الصناعية وحدها.
فهناك مجالات واسعة للأعمال غير المشروعة كالإعلان المضلل وانتهاك أسرار التجارة وهذه لا تشملها عادة القوانين الخاصة بالملكية الصناعية.
من هنا يصبح قانون المنافسة غير المشروعة ضروريا إذ إنه يكمل القوانين الخاصة بالملكية الصناعية ويوفر نوعاً آخراً من الحماية لا توفره القوانين الأخرى.
سؤال رقم 1: ما هي العلاقة بين قوانين المنافسة غير المشروعة والقوانين المصممة لمكافحة سوء استغلال “الوضع المهيمن على السوق”؟
إن القوانين التي تمنع المنافسة غير المشروعة وتلك التي تمنع المعاملات المقيدة في الأعمال (كقانون مكافحة الاحتكار) متداخلة، وتهدف كلها إلى حسن سير اقتصاد السوق، وإن اعتمدت طرق مختلفة. فقانون مكافحة الاحتكار يعني بتحرير المنافسة من خلال مناهضة تقييد التجارة وسوء استغلال القوة الاقتصادية.
أما قانون المنافسة غير المشروعة، فيعني بتأكيد العدالة في التنافس وذلك بإجبار كل المشاركين على اتباع القواعد ذاتها.
إن هذين القانونين يكملان بعضهما البعض ويتساويان بالأهمية وإن على درجات مختلفة.
دعنا الأن نتعرف إلى بعض الممارسات غير المشروعة بتفصيل أكثر.
أعمال المنافسة غير المشروعة
ينبغي الإقرار أن وصف المنافسة غير المشروعة بأنها أعمال تتعارض مع ” الممارسات التجارية الشريفة ” و “النية الحسنة “لا يسمح بتحديد قواعد سلوك واضحة ومقبولة عالمياً لأن هذا الوصف مطاط.
فمفاهيم المشروعية” أو “الشرف” في مجال المنافسة ما هي إلا انعكاس للمفاهيم الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية في مجتمع ما ولذا فهي تختلف من بلد إلى آخر ( وداخل البلد الواحد في بعض الأحيان) وتتغير مع الزمن.
إضافة إلى أنه هناك دائما ممارسات جديدة تظهر في مجال المنافسة غير المشروعة التي يبدو أن الابتكار فيها لا يعرف حدودا.
وقد فشلت حتى الآن كل المحاولات التي ترمي إلى إعطاء تعريف واحد لكل الأعمال الحالية والمحتملة في مجال المنافسة غير المشروعة.
فما من تعريف يستطيع أن يحدد كل الأعمال الممنوعة وأن يكون في الوقت نفسه مرنا بالقدر الذي يجعله يتكيف مع ممارسات السوق الجديدة.
إلا أنه لا يجب الاستخلاص أن أعمال المنافسة غير المشروعة لا يمكن تضمينها في تعريف عام. وأهم تلك التعريفات إحداث اللبس، ونزع الثقة عن مشروع الغير وتضليل الجمهور.
والجانب المشترك بين أمثلة المنافسة غير المشروعة هذه جميعها، وكلها مهمة ولكن بعيدة عن أن تكون شاملة، هو أنها تتميز بنية المقاول بأن ينجح في السوق دون أن يعتمد على إنجازاته الذاتية فيما يختص بنوعية وأسعار منتجاته وخدماته بل من خلال استغلاله بدون وجه حق لعمل المنافسين أو من خلال تأثيره على المستهلكين ببثه ادعاءات خاطئة أو مضللة. إن مثل هذه الممارسات مشكوك فيها لأنها لا تحترم قواعد المنافسة.
إن العنصر الهام الذي يسمح بتحديد التعامل غير الشريف في السوق مستقي من الهدف الأساسي التشريعات حول المنافسة غير المشروعة وهو : حماية رجل الأعمال الشريف.
فيما بعد تم الاعتراف بحماية المستهلك كأمر متساوي في الأهمية.
ولكن بعض البلدان تركز على حماية الجمهور بشكل عام وخاصة على الدفاع عن مصالحه في ظل حرية المنافسة.
أما التشريع الدولي حول المنافسة غير المشروعة فله ثلاثة أهداف: حماية المنافسين، حماية المستهلكين، والمحافظة على التنافس من أجل مصلحة الجمهور.
ومن ناحية أخرى، هناك قبول واسع بأن بعض الأعمال والممارسات لا يمكن التوفيق بينها وبين مفهوم المنافسة المشروعة . وهذا ما سنستعرضه بالتفصيل في ما يلي.
أنواع أعمال المنافسة غير المشروعة
في ما يلي لائحة بأكثر الأعمال والممارسات انتشارا في مجال المنافسة غير المشروعة وهي: ..
- الأعمال التي تحدث لبساً.
- الأعمال التي من شأنها التضليل.
- الأعمال التي تنزع الثقة عن الغير.
- الأعمال التي تفشي معلومات سرية.
- الأعمال التي تنتفع من إنجازات الغير (كالركوب بالمجان أو التطفل).
سوف نتناول كل من هذه الأعمال تباعة.
إحداث اللبس
تفرض معاهدة باريس المادة ۱۰ (ثانيا) البند الثالث (۱) على الدول الأعضاء حظر كافة الأعمال التي من طبيعتها أن توجد بأية وسيلة كانت لبسا مع منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري”.
إن نطاق هذه المادة واسع جدا، فهي تغطي كل الأعمال التجارية التي تتناول العلامات التجارية، الإشارات، الرموز، الشعارات التجارية، تغليف المنتج، شكل المنتج ولونه، وكل إشارة مميزة يستعملها رجل الأعمال.
وعليه فإنه يجب الأخذ بالاعتبار في مجال منع الأعمال التي من شأنها إحداث اللبس، ليس فقط البيانات التي تستعمل من أجل تمييز المنتجات أو الخدمات أو الشركات، بل أيضا تلك التي تتناول المظهر الخارجي للمنتجات وطريقة عرض المنتجات والخدمات.
وغالبا ما ينشأ اللبس في مجالين هما بيانات الأصل التجاري من جهة، ومظهر المنتجات من جهة أخرى. على أن هذا لا يعيق أو يحد إطلاقا من حماية بعض المظاهر والإنجازات الأخرى.
من الأمثلة عن النوع الأول لإحداث اللبس شركة مستقلة تماما عن الشركة التي تبيع الألعاب المسوقة تحت العلامة التجارية المعروفة Toys Embed Pbrush تبدأ ببيع ألعاب تطلق عليها اسم
(Games Embed Pbrush).
سؤال رقم ۲: باختصار ، كيف يمكن حماية الرسوم والنماذج الصناعية؟
مثل هذا التشريع يمنع عادة استعمال مظهر مطابق أو مشابه على منتجات متطابقة أو متشابهة. ولكن، وكما هي الحال بالنسبة إلى التشريعات المتعلقة بالعلامات التجارية، فإن الحماية التي تمنحها القوانين الخاصة بالرسوم والنماذج الصناعية محدودة جدا وتختلف من بلد إلى آخر.
وكما هي الحال بالنسبة إلى قوانين العلامات فإن التقييدات يمكن أن تماثل الإمكانيات العامة لتطبيق قانون الرسوم والنماذج الصناعية على بعض طرق عرض المنتجات كما يمكن أن تماثل الحماية نفسها التي تمنحها القوانين الخاصة بالرسوم والنماذج الصناعية.
تنحصر حماية الرسم أو النموذج الصناعي على المنتجات التي صمم وسجل من أجلها. أما حماية هذا الرسم أو النموذج الصناعي من التقليد والاستعمال على منتجات أخرى مختلفة فيمكن أن تتم بواسطة التشريعات المتعلقة بالمنافسة غير المشروعة وذلك في حال كان الرسم أو النموذج الصناعي المقلد يؤدي إلى التضليل أو يثير الالتباس حول أصله التجاري.
التضليل
يمكن تعريف تضليل الجمهور بأنه العمل الذي من شأنه أن يعطي المستهلك انطباعا خاطئاً عن منتجات المنافسين الأخرين.
ولعل هذا الشكل هو أكثر أشكال المنافسة غير المشروعة شيوعاً.
ولا ينبغي التقليل من حجم الضرر الذي ينتج عن هذا التضليل الذي يمكن أن تكون نتائجه وخيمة بالنسبة إلى المستهلك والمنافس الشريف: فالمستهلك، وبناء على معلومات غير صحيحة وصلته يمكن أن يتكبد خسائر مالية ( أو أضرارا أخرى أكبر).
أما المنافس الشريف فيفقد الزبائن. ونتيجة التضليل أيضا تتلاشی شفافية السوق مما يؤدي إلى نتائج عكسية على الاقتصاد ككل وعلى الرفاهية الاقتصادية.
ثمة إجماع على أن مفهوم التضليل لا يقتصر فقط على الإفادات المخالفة للحقيقة في حد ذاتها أو على الإفادات التي تعطي المستهلك انطباعا خاطئاً عن واقع ما، بل يكفي أن يكون من شأن الإفادة أن تنطوي على آثار مضللة.
فحتى الإفادة المطابقة تماما للحقيقة يمكن أن تكون خادعة (إذا كانت، مثلا، تعطي انطباعا خاطئا بأن ما يعلن عنه يخرج عن المألوف).
مثلا: يمنع عادة أن يحتوي الخبز على مكونات كيميائية ولذا فإن محاكم كثيرة تعتبر الإعلان بأن الخبز لا يحتوي على مكونات كيميائية إعلانا مضللا، لأن المعلومة وإن كانت صحيحة فإن الإعلان عنها يعطي انطباعا خاطئا بأن ما يروج له خارج عن المألوف.
كذلك ليس من الضروري أن يكون المنتج المعني ذات نوعية أقل لكي تعتبر البيانات أو الادعاءات الخاصة بها مؤثرة على خيار المستهلك.
فإذا كان الجمهور مثلا يفضل البضائع المحلية على البضائع الأجنبية، فإن الإعلان الزائف بأن البضائع المستوردة هي بضائع محلية هو إعلان مضلل حتى وإن كانت البضائع المستوردة من نوع رفيع.
سؤال رقم 3: هل يختلف مفهوم التضليل من بلد إلى آخر؟
بشكل عام، يختلف مفهوم التضليل من بلد إلى آخر، وهذا الاختلاف يظهر بشكل واضح في ما يختص بالمعاملة الوطنية لمفهوم “المغالاة”.
فبالرغم من أن المغالاة الواضحة (حتى ولو كانت حرفيا غير صحيحة) لا تعتبر خدعة في معظم البلدان، ذلك لأنه يسهل إدراك أنها مجرد “كلام حشو للبيع” ، فإن مسألة التمييز بين ما يمكن اعتباره “حشو للبيع” وما يجب أخذه بمحمل الجد تختلف من بلد إلى آخر.
ففي بعض البلدان ومنها ألمانيا مثلا، يطبق النظام الصارم فيؤخذ بموجبه مضمون الإعلان كله بمحمل الجد انطلاقا من مبدأ أن المستهلك يثق بكل ما يقال له ولاسيما العبارات التي تؤكد أن المنتج هو الأفضل والأجود والأحسن والأول … الخ.
وبعض البلدان الأخرى كإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية تطبق عکس هذا النظام وتسمح بالتعميمات ولاسيما تلك التي تعتبر المنتج فريدة من نوعه.
وعليه فإن المحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية لا تتدخل إلا متى كانت نوعية المنتج المعلن عنه على أنه الأفضل أقل نوعية من غيره.
نزع الثقة عن مشروع الغير
يحدد العمل الذي من شأنه نزع الثقة عن الغير بأنه كل ادعاء مخالف للحقيقة من شأنه أن يضر بسمعة المنافس التجارية.
وعلى غرار التضليل، يرمي نزع الثقة إلى التأثير في المستهلكين عن طريق إيصال معلومات خاطئة إليهم. على أن وجه الاختلاف بين التضليل ونزع الثقة هو أن من ينزع الثقة لا يستعين بالإفادات المخالفة للحقيقة أو الخادعة عن منتجات المشروع أو خدماته وإنما يوصل معلومات غير صحيحة تتعلق بالمنافس وبمنتجاته وخدماته.
ويتميز نزع الثقة دائما بالتهجم المباشر على رجل أعمال معين أو مجموعة من المنافسين وغالبا ما تتجاوز النتائج الهدف إذ يتضرر المستهلك أيضا من المعلومات الخاطئة التي أطلقت على الغير وعلى منتجاته.
سؤال رقم 4 : هل يختلف مفهوم “تزع الثقة” من بلد لآخر”؟
قد تعتبر بعض الدول منافسة غير مشروعة الادعاءات غير المخالفة تماما لحقيقة المنافس، وذلك في ظل ظروف محددة كالإفراط في التهجم أو استخدام عبارات تنال من سمعة الغير.
وفي المقابل، تحصر بعض الدول مفهوم نزع الثقة بالادعاءات المخالفة للحقيقة أو بتلك المضللة على الأقل.
ومرد هذا الاختلاف يعود إلى التفاوت في كيفية النظر إلى السمعة التجارية.
ففي حين يستمد قانون المنافسة غير المشروعة جذوره من حماية السمعة التجارية لرجال الأعمال، كما هي الحال في الدول الأوروبية، حيث ظهر تعريف النوع خاص من الأضرار في مجال التجارة تنطبق عليه قواعد أكثر صرامة من تلك التي تنطبق على الادعاءات المشوهة لسمعة الغير خارج نطاق المنافسة والتي تنطبق عليها المبادئ الدستورية كتلك المتعلقة بحرية التعبير، فإن الوضع يختلف تماماً في بعض البلدان الأخرى ولاسيما تلك التي لم تضع نظاما شاملا للحماية من المنافسة غير المشروعة.
فهذه البلدان تعتبر أنه ومن أجل تشجيع المنافسة لا بد من السماح بالتهجم على المنافسين شرط ألا يكون هذا التهجم مبنيا على ادعاءات كاذبة.
وفي هذه البلدان يقع عادة عبء إثبات زيف الإدعاء على المدعي. مما يجعل مثل هذا الإدعاء في بعض الأحيان أمرا مستحيلاً.
الكشف عن معلومات سرية :
يرتكز جزء كبير وهام من القدرة التنافسية لمشروع ما على المعلومات التي حصل عليها وخزنها هذا المشروع أو أفراده.
فلوائح المستهلكين الحاليين والمحتملين مثلا تعطي مشروعاً ما ميزة على منافسيه الذين لا يملكون تلك اللوائح. ومن الأمثلة الأخرى مشروع طور طريقة صناعية سرية تؤهله من صنع منتجات ذات نوعية أفضل وبيعها بأسعار أقل.
ولعلك موافق على أن أيا من هاتين المعلومتين لو سربت لمنافس ما دون إذن المالك سينتج عنها منافسة غير مشروعة.
وبالحقيقة، فإن اتفاقية تريبس التي تفرض على أعضاء منظمة التجارة الدولية حماية المعلومات السرية وغير المكشوف عنها تعتبر الكشف عن المعلومات السرية عملا من أعمال المنافسة غير المشروعة. وقد تضمنت اتفاقية تريبس وصفاً دقيقاً للمعلومات غير المكشوف عنها بغية حماية أصحابها من المنافسة غير المشروعة، وتحديدا في البند الثاني من المادة 39 من الاتفاقية والتي تنص أن:
للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين حق منع الإفصاح عن معلومات تكون تحت رقابتهم بصورة قانونية الآخرين أو حصولهم عليها أو استخدامهم لها دون الحصول على موافقة منهم، بأسلوب يخالف الممارسات التجارية النزيهة طالما كانت تلك المعلومات:
- سرية من حيث أنها ليست، بمجموعها أو في الشكل والتجميع الدقيقين لمكوناتها، معروفة عادة أو سهلة الحصول عليها من قبل أشخاص في أوساط المتعاملين عادة في النوع المعنى من المعلومات.
- ذات قيمة تجارية نظرا لكونها سرية،
- أخضعت لإجراءات معقولة في إطار الأوضاع الراهنة من قبل الشخص الذي يقوم بالرقابة عليها من الناحية القانونية بغية الحفاظ على سريتها.
سؤال رقم 5 : لماذا لا يمكن حماية هذه المعلومات السرية بواسطة براءة الاختراع؟
تعتمد القدرة التنافسية عموماً على السمات الابتكارية للتقنيات وعلى الدراية العملية المصاحبة في المجال الصناعي أو التجاري.
ولكن هذه التقنيات وهذه الدراية العملية لا يمكن حمايتها دائما بواسطة قانون البراءات.
فالبراءات، أولاً تمنح للاختراعات في المجالات التقنية ولا تمنح للابتكارات كابتكار طريقة جديدة لإدارة الأعمال مثلا.
وكذلك، فإن بعض الاكتشافات الفنية أو بعض المعلومات التقنية، وإن كانت مفيدة جدا على الصعيد التجاري يمكن أن تفتقر إلى عنصر الجدة والخطوة الابتكارية المطلوبين من أجل منح براءة اختراع. وإضافة إلى ذلك، فإنه طالما أن طلب البراءة قيد الفحص والمعلومات التي يتضمنها هذا الطلب لم يتم نشرها للجمهور، فإن ينبغي حماية صاحب المعلومات موضوع طلب البراءة من كل نشر غير شرعي يقوم به الغير، سواء أحصل الطلب في النهاية على براءة أو لم يحصل.
الاستفادة بصورة غير ملائمة من إنجازات الغير
إن مفهوم “الركوب بالمجان” أو “التطفل” يتضمن بعض الخصائص المشتركة مع الأعمال التي من شأنها أن تحدث لبساً أو تلك التي تضلل الجمهور.
والركوب بالمجان يمكن اعتباره من أوسع أنواع المنافسة عن طريق التقليد.
فوفقاً للقواعد التي ترعی حرية المنافسة إن استغلال إنجازات الغير أو الاستيلاء عليها لا تعتبر أعمالاً غير مشروعة إلا في حالات محددة.
ولكن الأعمال التي من شأنها إحداث اللبس أو تضليل الجمهور تفترض عادة أنه تم التطفل على إنجازات الغير وهي تعتبر دائما أعمالا غير مشروعة.
هناك أنواع عديدة من “الركوب بالمجان” أو “التطفل” منها إضعاف الصفة المميزة أو قيمة علامة تجارية منافسة.
وهذا يحدث عادة عندما تستعمل علامة مشابهة لتمييز منتجات وخدمات غير مشابهة.
الإعلان المقارن
قد يتخذ الإعلان المقارن شكلين: فإما أن يكون إشارة إيجابية لمنتج المنافس كالقول مثلا إن المنتج يتساوى بالجودة مع المنتج المشهور، أو يكون إشارة سلبية كالقول إن المنتج المنافس أقل جودة.
في الحالة الأولى، حيث منتج المنافس مشهوراً جداً ، السؤال الذي يطرح هو هل بالإمكان استغلال شهرة المنافس بصورة غير شرعية.
أما في الحالة الثانية حيث يتم انتقاد منتج المنافس فالسؤال الذي يطرح هو هل يمكن الانتقاص من قيمة المنتج المنافس.
مهما يكن، فهذان النوعان من المقارنة يفترضان الإشارة من دون إذن للمنافس.
ولا فرق إذا كانت هذه الإشارة اسمية أو ضمنية طالما أنها تؤدي إلى التعرف إليه من قبل المستهلكين.
من المفيد التذكير بأن ثمة اختلاف في تقييم مفهومي “تضليل الجمهور” و ” نزع الثقة عن مشروع الغير.
فكما سبق وذكرنا، إن بعض الدول تعتبر البيانات التي تدعي التقوق أو التفرد ( مثل “الأحسن ” الخ…) مضللة ألا إذا كان بالإمكان إثبات صحتها، في حين أن دولا أخرى تعتبرها مغالاة غير ضارة. أما الاختلاف في تقييم “تزع الثقة عن مشروع الغير” أو “سوء الاستغلال” فيحتل أهمية أكبر.
فالدول المتسامحة نسبياً فيما يختص بالادعاءات الصحيحة ولو كانت حاطة تسمح بالإعلان المقارن. فطالما أن الذي يقال صحيح، فإن المحاكم لا تتدخل حتى ولو أن الإشارة إلى المنافس أو منتجه إشارة حاطة أو تستغل سمعته التجارية.
أما في الدول التي تركز بصورة تقليدية على حماية رجل الأعمال “الشريف” وسمعته، فإن الإعلان المقارن أما أن يكون ممنوعا كلياً أو مقيدة بصورة قاسية.
في بعض الأحيان يكفي ذكر المنافس دون إرادته حتى يعتبر هذا العمل من باب نزع الثقة وبالتالي تكون الحالة حالة منافسة غير مشروعة.
وعملاً بالقاعدة التي تقول بأنه لرجل الأعمال الحق في ألا يذكر، فإن بعض التشريعات تمنع أي مقارنة تنكر المنافس بصورة غير ضرورية.
وهذا السبب ذاته هو الذي دفع بالمحاكم في البلدان الأخرى إلى اعتبار، بطريقة شبه تلقائية، الإعلان المقارن مخالفاً للقواعد التجارية المتعارف عليها وبالتالي مخالفاً للمبادئ العامة التي ترعى المنافسة غير المشروعة.
ومع أن عدداً كبيراً من الدول يعتبر جازماً أن الإعلان المقارن هو ممارسة غير مشروعة، فقد ظهر اتجاه في السنوات الأخيرة يخفف من سلبية هذا الرأي.
إذ تزايد الاعتراف بأن المقارنات الصادقة بين الحقائق لا تقلل من تكاليف المستهلك في بحثه عن المعلومات فحسب بل لها آثار إيجابية على الاقتصاد عامة لأنها تزيد من شفافية السوق.
إن محاكم الدول التي تعتبر الإعلان المقارن حاطا قد خففت تدريجيا منعها الصارم لكل التعابير التي تذكر منافسأ ما .
فمثلا: يمكن السماح بمقارنة الأسعار إذا ارتكزت المقارنة على إثباتات لا شك في صحتها.
وبشكل عام، ثمة اتجاه حاليا للسماح بالإعلان المقارن إذا كان يرتكز على حقائق لا شك بمصداقيتها.
أعمال المنافسة غير المشروعة الأخرى:
لعلك تقدر الآن أن مجال المنافسة غير المشروعة مجال كبير وأن تعامل الدول يختلف من دولة إلى أخرى.
لذا ومن أجل أن تكون لائحة أعمال المنافسة غير المشروعة على أكبر قدر ممكن من الشمولية فإنه لا بد من الأمثلة التالية:
الإعلان المزعج . أي الإعلان الذي يستغل خوف المستهلك بهدف حضه على الشراء.
استعمال وسائل ترويج المبيعات كاليانصيب والهدايا والإكراميات.
هذه عادة يتم تنظيمها بهدف حماية المستهلك ومنعه من التهافت على الشراء.
الأعمال التي تعيق أنشطة السوق كتكسير الزجاجات المرتجعة لمشروب غازي منافس.
ملخص المنافسة غير المشروعة
لقد ظهر مفهوم المنافسة غير المشروعة منذ زمن وكان متداولا منذ العام ۱۹۰۰ في إطار حماية الملكية الصناعية عند مراجعة اتفاقية باريس في بروكسيل.
ويمكن تعريف المنافسة غير المشروعة بأنها مجموع الممارسات التي تعيق نظام حماية الملكية الفكرية ولاسيما ما يوفره هذا النظام من عوائد مالية.
وأعمال المنافسة غير المشروعة هي أعمال منافسة مخالفة للعادات الشريفة في المسائل التجارية والصناعية.
في ما يلي بعض الأمثلة عما يجب منعه:
كافة الأعمال التي من طبيعتها أن توجد وبأي وسيلة كانت لبساً ما مع منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري.
الادعاءات المخالفة للحقيقة في مزاولة التجارة والتي من طبيعتها أن تنزع الثقة عن منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري.
البيانات أو الادعاءات التي يكون استعمالها في التجارة من شأنه أن يضلل الجمهور بالنسبة إلى طبيعة السلع أو طريقة تصنيعها، أو خصائصها أو صلاحيتها للاستعمال أو كميتها .
هناك أنواع مختلفة للمنافسة غير المشروعة وهي تشمل :
- الأعمال التي تحدث لبسا۔
- الأعمال التي من شأنها التضليل.
- الأعمال التي تنزع الثقة عن الغير.
- الأعمال التي تفشي عن معلومات سرية.
- الأعمال التي تنتفع من إنجازات الغير (الركوب بالمجان أو التطفل). الإعلان المقارن.
النصوص التشريعية
اتفاقية تريبس اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية.