تؤسس الشركة المساهمة لتبقى مدة طويلة، ولا يعقل أن ينتظر المساهمون حتى انتهائها الاقتسام ما قد ينتج عن نشاط الشركة من ربح أو خسارة، لذلك يتم وضع حساب ختامي في كل سنة تسمى سنة مالية يدل على ما إذا كانت الشركة قد حققت أرباحاً يمكن توزيعها على المساهمين.
ومن البديهي أن التوزيع لا يتم إلا بعد عمل اقتطاعات يحددها القانون والنظام الأساسي تسمی بالاحتياطيات.
كما قد تقرر الشركة المساهمة تعديل رأسمالها بزيادته أو تخفيضه وفقا لحاجاتها ونشاطها.
وعليه لابد لمعرفة الهيكل المالي للشركة المساهمة من دراسة الحساب الختامي السنوي، والمال الاحتياطي، والأرباح القابلة للتوزيع تحت عنوان مالية الشركة المساهمة في مبحث أول وتعديل رأس مال الشركة في مبحث ثان.
مالية الشركة المساهمة:
ونعرض فيه الحساب الختامي السنوي والمال الاحتياطي والأرباح الصافية القابلة للتوزيع.
الحساب الختامي السنوي
يدل الحساب الختامي لكل سنة مالية من حياة الشركة ما إذا كانت الشركة قد حققت أرباحا ًيمكن توزيعها على المساهمين من عدمه.
والسنة المالية للشركة تتبع السنة الميلادية.
ويجوز أن يحدد النظام الأساسي بدءها وانتهاءها في أي شهر كان ويستثنى من ذلك السنة المالية الأولى فإنها تعتبر من تاريخ صدور القرار بتأسيس الشركة حتى آخر الشهر المعين لنهاية السنة المالية التالية (مادة 194شركات).
ويجب على الشركة تنظيم حساباتها وتدقيقها وحفظ سجلاتها ودفاترها وفق معايير المحاسبة والتدقيق الدولية (مادة 195 شركات).
ويضم الحساب الختامي الجرد، والميزانية وحساب الأرباح والخسائر.
ويجب أن تعبر هذه الوثائق عن المركز المالي الحقيقي للشركة، نظرا لأهمية ذلك بالنسبة للمساهمين ودائني الشركة، على حد سواء.
ويجب أن ينتهي مجلس الإدارة من إعداد الميزانية في موعد يسمح بعقد الهيئة العامة للمساهمين خلال مدة لا تتجاوز مئة وعشرين يوماً من انتهاء السنة المالية المنقضية.
ويجب على المجلس بعد إعداد الميزانية وضعها تحت أيدي مفتشي الحسابات قبل انعقاد الهيئة العامة ليبدوا مقترحاتهم حولها.
ونظرا لأهمية الميزانية، لاسيما إذا كانت بياناتها صحيحة وصادقة، بالنسبة للشركة، والمساهمين، والدائنين على السواء، لأنه يمكن معرفة المركز المالي الحقيقي للشركة، فقد فرض المشرع على مجلس الإدارة نشر ميزانية الشركة في صحيفتين يوميتين قبل موعد اجتماع الهيئة العامة بخمسة عشر يوماً على الأقل تحت طائلة بطلان الاجتماع (مادة 196 شركات).
المال الاحتياطي:
قد لا يكفي رأسمال الشركة، الضامن الأول لدائنيها، لتحمل الخسائر التي قد تصيب الشركة في إحدى السنوات، كما قد تحتاج الشركة للمال لقضاء حاجات تبدو في المستقبل أو لتقوية ائتمانها؛ لذلك فإنه يكون من الضروري عدم توزيع الأرباح كلها على المساهمين واقتطاع نسبة معينة منها كل سنة لتكوين مال احتياطي لاستخدامه لأغراض محددة.
والمال الاحتياطي إما أن يكون قانونياً يفرضه القانون، وإما أن يكون نظامياً يشترطه النظام الأساسي، وإما أن يكون اختيارياً تقرره الهيئة العامة، وإما أن يكون احتياطي الاستهلاك.
أولا – الاحتياطي القانوني:
وهو الاحتياطي الإجباري الذي يفرضه القانون على كل شركة مساهمة. فقد نصت المادة 197 من قانون الشركات على أنه ” على الشركة أن تقتطع كل سنة 10% من أرباحها الصافية التكوين احتياطي إجباري، ولها أن توقف هذا الاقتطاع إذا بلغ هذا الاحتياطي ربع رأس المال؛ إلا أنه يجوز، بموافقة الهيئة العامة للشركة الاستمرار في اقتطاع هذه النسبة حتى يبلغ مجموع الاقتطاعات لهذا الاحتياطي كامل رأسمال الشركة “.
وعليه لا يجوز بحال من الأحوال توزيع أرباح على المساهمين قبل أن يستقطع منها النسبة التي حددها القانون لتكوين الاحتياطي، وإلا اعتبر هذا التوزيع توزيعة لأرباح صورية.
ويعد الاحتياطي الإجباري أو القانوني ضماناً إضافياً لدائني الشركة إلى جانب رأس المال.
لذلك لا يجوز للشركة التصرف فيه.
على أن المشرع أجاز استعمال الاحتياطي الإجباري من قبل مجلس الإدارة لتأمين الحد الأدنى للربح المحدد في النظام الأساسي للشركة، وذلك في السنوات التي لا تسمح فيها أرباح الشركة بتأمين هذا الحد، كما أجاز المشرع استعمال الاحتياطي الإجباري لمواجهة الظروف الاستثنائية وغير المنتظرة (مادة 2/197 شركات).
ثانياً – الاحتياطي النظامي:
يجوز أن ينص النظام الأساسي على تكوين احتياطي آخر إلى جانب الاحتياطي الإجباري، وذلك عن طريق تجنيب نسبة معينة من الأرباح الصافية، في كل سنة، يحددها النظام. كما يعين النظام الأساسي الحد الأدنى الذي يجب أن يقف عنده التجنيب.
وتكون الحكمة من إنشاء هذا الاحتياطي دعم مركز الشركة أثناء حياتها.
ويجوز إلغاء هذا الاحتياطي أو تعديل نسبته بقرار من الهيئة العامة غير العادية، لأن لا يعدو أن يكون تعديلا لأحد بنود النظام الأساسي.
ثالثاً – الاحتياطي الاختياري:
الاحتياطي الاختياري أو الحر وهو الذي تقرره الهيئة العامة للشركة المساهمة، دون أن يفرضه القانون أو نظام الشركة، بشرط ألا يحظره النظام الأساسي.
وعليه، يكون للهيئة العامة للشركة أن تقرر سنويا اقتطاع مالا يزيد عن 20% من أرباحها الصافية عن تلك السنة لحساب الاحتياطي الاختياري.
ويستعمل الاحتياطي الاختياري وفقا لما يقرره مجلس الإدارة أو الهيئة العامة لمواجهة نفقات استثنائية أو لتجديد معدات تستخدمها الشركة.
كما يحق للهيئة العامة أن تقرر توزيع الجزء غير المستعمل من الاحتياطي الاختياري أو أي جزء منه كأرباح على المساهمين .(المادة 198 شركات).
رابعاً – احتياطي الاستهلاك:
قد تكون موجودات الشركة مما يهلك مع الزمن، كأن تكون معداتها أو منشآتها مما يهلك مع الزمن. لذلك أجاز المشرع للشركة المساهمة أن تقرر سنويا اقتطاع جزء من الأرباح غير الصافية باسم ” احتياطي استهلاك موجودات الشركة ” على ألا يتجاوز هذا المبلغ النسب المقبولة محاسبياً. وتستعمل هذه الأموال لشراء المواد والآلات والمنشآت المستهلكة أو لإصلاحها ولا يجوز توزيع تلك الأموال كأرباح على المساهمين (مادة 199 شركات).
كما لا يجوز التصرف بهذه الأموال إلا في الأوجه التي خصصت لأجلها.
توزيع الأرباح
يشكل الفارق بين مجموع الإيرادات المتحققة في أي سنة مالية من جهة ومجموع المصروفات والاستهلاك في تلك السنة من جهة أخرى وقبل تنزيل المبلغ المخصص لضريبة الدخل، الأرباح الصافية للشركة.
وبسبب ما يفرضه القانون أو نظام الشركة أو قرار الهيئة العامة من تكوين المال الاحتياطي، لا يتم توزيع الأرباح الصافية.
فالأرباح القابلة للتوزيع هي الأرباح الصافية بعد اقتطاع المبالغ اللازمة لتكوين الاحتياطيات المختلفة وكذلك المبلغ المخصص لضريبة الدخل.
ولا يحق للشركة المساهمة توزيع أي ربح على المساهمين إلا بعد تغطية الخسائر المدورة من سنوات سابقة (مادة 201 شركات).
وتتولى الهيئة العامة العادية تحديد أنصبة الأرباح التي يتم توزيعها على المساهمين، بناء على اقتراح مجلس إدارة الشركة ومفتشي الحسابات.
وتوزع الأرباح طبقا لأحكام نظام الشركة، مع مراعاة وجوب التمييز بين الأسهم العادية وأسهم الأفضلية أو الامتياز.
وينشأ حق المساهم في تقاضي الأرباح السنوية بصدور قرار الهيئة العامة للشركة المساهمة بتوزيعها.
ومتى اتخذ قرار توزيع الأرباح بعد تحديد أنصبتها يصبح المساهم دائنة للشركة بنصيبه في الأرباح. فإذا ما أفلست الشركة بعد ذلك جاز للمساهم التقدم في تفليسة الشركة بوصفه دائناً في الأرباح. كما يحق لدائنيه أن يحجزوا على نصيبه من الأرباح المقررة، بين يدي الشركة وفقا القواعد حجز ما للمدين لدى الغير.
ويلتزم مجلس إدارة الشركة بالقيام بكافة الإجراءات اللازمة لتسليم الأرباح المقرر توزيعها على المساهمين خلال ثلاثين يوماً من تاریخ اجتماع الهيئة العامة الذي تقرر فيه توزيع الأرباح.
ويتم الإعلان عن توزيع الأرباح في صحيفتين يوميتين وعلى مرتين (مادة 202 شركات).