عاقب المشرع في الفقرة ب من المادة 22 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على استعمال بطاقة دفع مزورة أو مسروقة أو مفقودة بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية.
وسنتناول الركن المادي والركن المعنوي لهذه الجريمة فيما يلي:
أ- الركن المادي:
تفترض جريمة استعمال بطاقة الدفع المزورة، سبق وجود بطاقة مزورة، وقد جعل المشرع السوري من جريمة استعمال البطاقات المزورة جريمة مستقلة عن جريمة تزويرها، وعليه فلا يشترط أن يكون مستعمل البطاقة هو من قام بتزويرها، بل يكفي أن يكون عالما بأن البطاقة التي يقوم باستعمالها مقلدة أو مزورة.
وجوهر الركن المادي هنا هو فعل الاستعمال ويقصد به التمسك بالبطاقة المزورة أو الاحتجاج بها على أساس أنها صحيحة، وهذا يعني أن يصدر عن الجاني عمل إيجابي في معرض استعماله لهذه البطاقة، فمجرد وجود البطاقة المزورة في حيازة شخص دون إبرازها أو تقديمها لا يقوم به فعل الاستعمال، وبالتالي يجب القيام جريمة الاستعمال أن يقوم الجاني بإبراز البطاقة والاحتجاج بها على أنها صحيحة .
ويترتب على استقلال جريمة التزوير عن جريمة استعمال المزور، أن فعل التزوير معاقب عليه ولو لم يستعمل الجاني البطاقة المزورة، كما لو قام الجاني بتزوير بطاقة دفع ثم باعها للغير، فإنه يعاقب على التزوير ولو أصبح استعمال البطاقة المزورة مستحيلاً نتيجة إدراجها على قائمة البطاقات المزورة.
ويترتب أيضاً على قاعدة الاستقلال، أنه من الممكن أن تترتب مسؤولية مستعمل المزور دون أن تترتب مسؤولية المزور، كما لو قام شخص بتقليد بطاقة دفع ووضعها على واجهة محله كنوع من الدعاية، فانتزعها شخص آخر واستعملها وهو يعلم بتزويرها، فهنا تقوم جريمة استعمال المزور في حق مستعمل البطاقة رغم عدم قيامها في حق المزور لانتفاء القصد الجرمي.
وقد ساوى المشرع من حيث العقاب بين استعمال البطاقة المزورة واستعمال البطاقة المسروقة أو المفقودة، فقد يحدث أن تتم سرقة البطاقة أو تتعرض للضياع ومعها الرقم السري وغالباً ما يقوم المصرف بإلزام عميله في حالة السرقة أو الضياع بأن يبلغ عن الحادثة فورا الإيقاف العمل بالبطاقة.
ومما لا شك فيه، فإن مسؤولية الحامل الشرعي تنتفي من اللحظة التي يتم فيها الإبلاغ عن سرقة أو فقدان البيانات السرية البطاقة الدفع، فلا يسأل عن استعمال البطاقة احتيالية.
ويجب على المصرف المصدر للبطاقة أن يوقف التعامل بها فوراً، وإلا كان مسؤولاً عن العمليات المالية التي تتم بواسطتها .
وحتى يتخلص المصرف من المشاكل المتعلقة بموعد الإبلاغ، فقد تم إنشاء نظام تأمين للتعويض عن سرقة البطاقات أو ضياعها إذا ما تم استعمالها في السحب أو الوفاء، ويحدد المبلغ القابل للتعويض في العقد المبرم بين المصرف والعميل.
كما تمت برمجة أجهزة التوزيع الآلي للنقود على افتراض وجود محاولات يقوم بها الجاني لتجربة بعض الأرقام حتى يتوصل إلى الرقم السري، فبعد إجراء ثلاث محاولات مثلا، يقوم الجهاز بسحب البطاقة ولا يعيدها له، فإذا كان هو حاملها الشرعي فيستطيع استردادها عن طريق المصرف المصدر لها .
ولم يشترط المشرع في جريمة الاستعمال أن يحصل الجاني على مال المجني عليه نتيجة هذا الاستعمال، وبالتالي فتتحقق هذه الجريمة ولو كان حساب المجنى عليه فارغاً مثلا،
أما إذا استطاع الجاني أن يستولي على مال المجني عليه فنكون هنا أما حالة اجتماع جرائم معنوي لأن فعله ينطبق عليه وصف الاستعمال ووصف الاحتيال.
ب- الركن المعنوي:
جريمة استعمال بطاقة مزورة أو مسروقة أو مفقودة، جريمة مقصودة، ومن ثم تتطلب القيام الركن المعنوي توفر القصد الجرمي العام بعنصرية العلم والإرادة،
وعليه يجب أن يكون المدعى عليه عالما بأن البطاقة مزورة أو مسروقة أو مفقودة، وأن تتجه إرادته إلى إبرازها واستعمالها، وبالتالي فإن جريمة الاستعمال تنتفي إذا ثبت أن المدعى عليه كان يجهل بأن البطاقة مزورة أو مسروقة أو مفقودة.
وفي إحدى القضايا التي عرضت على قضائنا السوري، أنه في عام 2011 قام مجموعة من الأشخاص بتزوير بطاقات الدفع واستعمالها بسحب النقود، وذلك عن طريق قيام أحد أفراد هذه العصابة بالوقوف أمام أجهزة الصراف الآلي وانتحاله صفة موظف مسؤول عن أمن الصراف، وقيامه بطلب البطاقات من أصحابها لفحصها على جهاز إلكتروني موجود في حوزته للتأكد من سلامتها، وبعد قيام المجني عليهم بتسليمه بطاقاتهم يقوم بتمريرها على جهاز ماسح إلكتروني لنسخ بياناتها ومعلوماتها، ثم يتم تزوير بطاقات تحمل ذات البيانات الحقيقية، و من ثم يتم سحب مبالغ من أجهزة الصراف الآلي داخل القطر وخارجه، وقد تم ملاحقة هذه العصابة بجريمة الاحتيال وفق المادة 641 عقوبات كونها ارتكبت قبل صدور قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، وصدر قرار بالظن بهذه الجريمة من قاضي التحقيق المختص .
وفي قضية أخرى عرضت على قضائنا أيضا، أنه في عام 2009 قام مستخدم بإحدى المصارف بسرقة بطاقة دفع مع رقمها السري أثناء عمله بتنظيف إحدى الغرف، ثم قام بسحب مبالغ مالية وصلت إلى مائتين وثمانية وعشرون ألف ليرة سورية من حساب هذه البطاقة المسروقة، وقد تم اكتشاف هذه الجريمة بعد قيام صاحبة البطاقة بتقديم شكوى تتضمن وجود نقص في رصيدها، حيث تمت مراجعة كاميرات المراقبة الموجودة على أجهزة الصراف، وتم التعرف على المستخدم الذي استخدم هذه البطاقة والذي اعترف بسرقتها أيضا.
وقد حرکت الدعوى العامة بحق المستخدم بجرم السرقة من مكان الاستخدام وجرم الاحتيال