الحماية النظامية للحق
الحق لا قيمة له بدون اعتراف به وسلطة يمنحها النظام لصاحب الحق. ولذلك، أعطى النظام صاحب الحق وسيلة يمارس فيها سلطته في مطالبته بالحق (الدعوى)، وحدد له حدوداً لا يتجاوزها عند مطالبته بالحق.
الدعوى تقوم على ثلاثة عناصر أساسية، المدعي، والمدعى عليه، ومحل الدعوى.
ففي دعاوى الحق الخاص يكون المطالب بالحق ومدعيه هو المدعي، والمدعى عليه هو المطالب بالحق.
ومحل الدعوى هو المدعى به ومحل المطالبة والمصلحة.
وفي دعاوى الحق العام تتولى الدولة مسؤولية المطالبة بالحق عن طريق قنوات وهيئات مخصصة لذلك.
فالنيابة العامة في السعودية تتولى مهام المطالبة بالحق فتكون هي المدعي في دعاوى الحق العام.
وعلى الرغم من أن النظام يعطي الحماية القانونية لصاحب الحق في مطالبته لحقه، إلا أن النظام فرض حدوداً لا تتجاوز في المطالبة، وجماع هذه الحدود هو ألا تكون المطالبة بالحق تعسفية.
والتعسف في المطالبة بالحق تكون بأحد ثلاثة أمور:
١ – قصد الإضرار بالغير. فعلى سبيل المثال، من حق المالك أن يبني في أرضه، ولكن لو بنى جداراً ضخماً لا حاجة له به وكان الجدار حاجباً للضوء والهواء عن جيرانه، كان صاحب الحق متعسفاً في استعمال حقه.
٢- عدم تناسب مصلحة صاحب الحق مع الأضرار اللاحقة بالغير. فلو أخطأ شخص ما وبنى مبنى شاهق على مسافة ۳۰ سنتيمتر من أرض جاره ، فطالب الجار بإعادة هذه المساحة المأخوذة من أرضه وبالتالي هدم ما بني عليها لكان الضرر لا يتناسب المصلحة. فقد مع يحكم القاضي بتعويضه عما أخذ من أرضه ويمنعه من ممارسة حقه الذي يطالب به لأنها مطالبة تعسفية.
3- أن تكون مطالبته بالحق وسيلة لاستعماله في أمر غير مشروع. كأن يستخدم منزله في أعمال لا يقرها الشرع أو النظام. فصاحب المنزل يطالب بحقه في استغلال المنزل، ولكن ما يقوم به أمر غير مشروع وبالتالي مطالبته بالحق تكون تعسفية.
الحماية القانونية تأخذ عدة صور من أهمها: الحماية المدنية الحماية الجنائية، الحماية الإجرائية، الحماية الدولية.
الحماية المدنية:
هي الحماية العامة للحقوق بقوة النظام والتي تتيح لصاحب الحق طلب التعويض وأجرة المثل وفوات الربح المتحقق وغيرها من تعويضات كفلها النظام.
وهذه الحماية تقوم على ثلاثة أركان ركن الخطأ، وركن الضرر ، وركن السببية.
فالخطأ هو كل فعل عده النظام اعتداءً أو انتهاكاً أو تجني أو مخالفةً أو جنحةً أو جريمة ونحو ذلك الأفعال.
والضرر هو ما يصيب الشخص من نقص أو أثر سلبي على ماله أو سمعته أو بدنه أو عقله أو دينه.
وأما السببية فالمقصود بها هو أن الضرر حصل بسبب فعل الخطأ ذاته وليس بسبب فعل خطأ من شخص آخر أو طرف ثالث.
الحماية الجزائية:
هي ما يفرضه النظام من عقوبات محددة جزاء ارتكاب خطأ في حق من تجب له الحماية الجزائية.
والحماية الجزائية تقوم على ثلاثة أركان الركن المادي، والركن المعنوي، وركن السببية.
فالركن المادي هو ذات الفعل المجرم المشكل لجسم الجريمة وحدودها المحسوسة.
والركن المعنوي هو العلم بتجريم الفعل والقصد بإيقاع الضرر وانعقاد العزم على ذلك.
ثم لابد أن يكون بين الركن المادي والركن المادي علاقة سببية. أي لابد أن يكون الركن المادي مبني على الركن المعنوي، وأن الركن المعنوي سبب في الركن المادي، وهذا هو المقصود بركن السببية.
الحماية الدولية :
وهي التي تكفلها دولة إقليمية أو دولية بموجب اتفاقيات أو معاهدات أو وفقاً للقانون الدولي.
وهذه الحماية يمكن أن تأخذ صورة الحماية المدنية، أو الجنائية، أو الإجرائية.
الحماية الإجرائية: وهي حماية يكفلها النظام وتطبق من خلال إجراءات ترفع الضرر، أو توقفه، أو تحد من استمراره حتى يتبين صاحب الحق وبالتالي تطبيق الحماية المدينة أو الجزائية أو الدولية.
ومن صور ذلك إيقاف طباعة الكتاب المختلف على ملكيته أو إيقاف توزيعه أو سحبه من الأسواق حتى يتبين صاحب الحق المعنوي أو الحق المادي المختلف فيه.