لا يجوز بحسب الأصل ولوج طرق الطعن إلا في الحالات التي نص عليها التقنين، وهذا من النظام العام.
ومن القواعد الأساسية في التشريع أن الخصومة في الطعن هي وضع استثنائي، فالمشرع ما أجاز التظلم من الحكم بطرق الطعن العادية وغير العادية إلا على سبيل الاستثناء، ومن ثم فاختصاص محكمة الطعن بنظره من النظام العام، فمن باب أولى يكون جواز الالتجاء إلى محكمة الطعن من عدم جوازه، فهي من الأمور التي يتعين على المحكمة أن تتحقق منها من تلقاء نفسها، وعليها أن تقضي بعدم قبوله كلما تخلف شرط الصفة أو المصلحة، أو إذا كان الطعن قد رفع ممن رضي بالحكم أو رفع على من تنازل عن الحكم، أو إذا رفع استئناف عن حكم صادر قانون بالدرجة الأخيرة، أو كما لو قدم طعن بالنقض أو بإعادة المحاكمة ولم يتوافر سبب من أسباب الطعن في الحكم بإحدى هاتين الطريقتين.
وعلى المحكمة أن تفصل من تلقاء نفسها في كل ما يتصل بالنظام العام من المسائل القائمة أمامها، وحتى تعد المسألة المتعلقة بالنظام العام قائمة أمام المحكمة، ومن ثم يتعين عليها الفصل فيها، فإنه ينبغي أن يكون الطعن في الحكم قد رفع بصورة صحيحة أمام المحكمة، وأن تكون المسألة المتعلقة بالنظام العام واردة في الجزء المطعون عليه من الحكم”.
وأخيرا ينبغي ألا يسوء الفصل في المسألة المتعلقة بالنظام العام مركز الطاعن، فلا ينبغي للاستئناف مثلا أن يسويء مركز المستأنف باستئنافه الذي رفعه ولا يجوز للمحكمة أن تتعرض الأمر لم يعرض عليها، فاحترام حجية الأحكام يترجح على أي مسألة أخرى ولو كانت متصلة بالنظام العام
ويعبر عن هذا الحكم بقاعدة لا يضار الطاعن من طعنه ، والأساس القانوني لقاعدة لا يضار الطاعن من طعنه مبدأ حجية الشيء المحكوم فيه، بحيث تبقى الحجية لما لم يطعن فيه من قضاء الحكم من جانب الطرفين.
وقيدنا حكم القاعدة المذكورة بما لم يطعن فيه من قضاء الحكم من جانب الطرفين، فهي تطبق عندما يكون الطاعن هو الوحيد الذي باشر الطعن بالقرار استئناف أو نقضأ، فإذا مارس خصمه الطعن بذات القرار – ولو بصفة تبعية – لم يعد لهذه القاعدة أي حجية بحسبان أن من حق المحكمة التي تنظر بالطعن تعديل القرار المطعون فيه وفق ما يتراءى لها من أدلة الدعوى .