السؤال معاد في الجواب
الكلام إذا كان جواباً عن سؤال، فهو على ضربين :
أ ـ جواب يفيد معناه بنفسه، فيرتبط الحكم بما يفهم من معناه دون النظر إلى السؤال، كما إذا سألته زوجته فقالت : هل أنا طالق ثلاثاً ؟ فقال لها : أنت طالق واحدة. فتطلق بطلقة واحدة ولا عبرة بما جاء في السؤال.
ب ـ جواب لا يفيد بنفسه أي معنى :
كما إذا سألته زوجته قائلة: هل أنا طالق ثلاثاً؟ فقال لها : نعم، أو قالت له : ألستُ طالقة ثلاثاً؟ فقال لها : بلى، طلقت ثلاثاً بذلك؛ لأن الجواب بنعم وبلى جواب مبهم لا يفيد بنفسه أي معنى إذا لم يلاحظ فيه ما جاء في السؤال، وذلك صيانة لكلام العاقل عن اللغو ما أمكن.
ولضبط هذه القاعدة ينبغي أن يقال : السؤال معاد في الجواب إذا كان الجواب مبهماً .
وفي الأشباه : لو قيل للزوج : ألستَ طلقت امرأتك؟ قال: بلى، طلقت؛ لأنه جواب الاستفهام بالإثبات. ولو قال: نعم، لا تطلق، لأنه جواب الاستفهام بالنفي، كأنه قال : نعم ما طلقت.
والفرق بين نعم وبلى، أن الجواب بنعم تصديق لما قبلها إثباتاً أو نفياً، وبلى تستعمل في جواب النفي للإثبات ، وقد نقل عن ابن عباس في جواب قوله تعالى: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى لو قالوا نعم لكفروا؛ لأن (نعم) لتصديق الكلام مثبتاً أو منفياً، وبكى لايجاب ما بعد النفي استفهاماً كان أو خبراً. .
وكذا لو قال القاضي للمدعى عليه : أليس للمدعي عندك المبلغ الذي يدعيه؟ فأجاب : بلى، فيكون إقراراً. وإن أجاب بنعم لا يكون إقراراً؛ لأن جواب الاستفهام في النفي ببلى إثبات وبنعم نفي، فكأنه قال : ليس له عندي. وقيل: إن أجاب بنعم يكون إقراراً أيضاً، لأن الإقرار يحمل على العرف لا على دقائق العربية كما في الدر. .
لو قالت : طلقني ؟ فقال : نعم لا تطلق وإن نوى الطلاق. ولو قالت له : أنا طالق، فقال: نعم، تطلق : والفرق بين المسألتين: أن معنى نعم بعد قولها أنا طالق: نعم أنت طالق، ومعنى نعم بعد قولها طلقني : نعم أطلقك، فيكون وعداً بالطلاق. .
امرأة قالت لزوجها : طلقني ثلاثاً ؟ فقال الزوج : فعلت، أو قال: طلقتك، طلقت ثلاثاً، أما لو قال لها : أنت طالق فهي واحدة إلا أن ينوي ثلاثاً، كما في الخانية. .
لو قال شخص لشخص آخر مريض مرض موت هل أوصيت بثلث مالك ليصرف في وجوه البر والإحسان؟ وهل نصبتني وصياً لتنفيذ وصيتك هذه؟ فأجابه بكلمة. فعلت أو أوصيت، فيكون قد أوصى بذلك المال ونصبه وصياً .
مما يستثنى من هذه القاعدة :
لو قالت لزوجها : احلف عليّ وقال : أنتِ طالق ثلاثاً إن أخذت هذا الشيء؟ فقال الزوج : أنتِ طالق ثلاثاً، ولم يزد، يقع الطلاق تنجيزاً لا تعليقاً. .
ويستثنى أيضاً : ما إذا قالت المرأة لزوجها : طلقني ولك ألف درهم؟ فقال الزوج: طلقتك، ولم يقل على الألف التي ذكرت فإنه يقع الطلاق مجاناً ولا شيء عليها عند الإمام، وعندهما يلزمها الألف لأن قولها ولك الألف سؤال، وقول الزوج خرج مخرج الجواب فيجب عليها الألف. ويكون الاستثناء على قول الإمام.