الصفات أو الأمور إذا كانت أصلية تطبق عليها قاعدة (الأصل بقاء ما كان على ما كان)
، وإذا كانت عارضة والخلاف في ثبوتها أو عدم ثبوتها تطبق عليها قاعدة الأصل في الصفات العارضة العدم،
وإذا كانت عارضة والخلاف في تاريخ ثبوتها تطبق عليها هذه القاعدة التي أوردها السيوطي بلفظ:
(الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن).
والوجه في كون الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته هو أن الخصمين لما اتفقا على حدوثه وادعى أحدهما حدوثه في وقت، وادعى الآخر حدوثه قبل ذلك الوقت، فقد اتفقا على أنه كان موجوداً في الوقت الأقرب وانفرد أحدهما بدعوى إنه كان موجوداً قبل ذلك، والآخر ينكر دعواه فالقول للمنكر. هذا إذا لم يتضمن الحكم بالحدوث للحال نقض ما هو ثابت؛ لأن الحكم بالحدوث لأقرب ما ظهر ثابت باستصحاب الحال لا بدليل أوجب الحدوث للحال، والثابت باستصحاب الحال لا يصلح لنقض ما هو ثابت .
مثال ذلك : لو مات ذمي فجاءت امرأته مسلمة فقالت : إنني أسلمت بعد موته فأرث منه، وقال ورثته إنكِ أسلمت قبل موته فلا إرث لك، فالقول قولهم ولا إرث لها مع أن إسلام الزوجة أمر حادث وهي تضيفه إلى أقرب أوقاته وهو ما بعد الموت! وذلك لأنها اعترفت باختلاف الدينين وهو مانع من الإرث، فتمسكها بالظاهر وهو إضافة الإسلام إلى ما بعد الموت لا يصلح حجة للاستحقاق ولا لنقض الثابت وهو اختلاف الدين المانع من الإرث. .
من تطبيقات هذه القاعدة:
امرأة ميت ادعت أن زوجها أبانها في مرض موته، وقال الورثة : في صحته، ، فالقول قولها، وتستحق الإرث لأن إرثها بسبب الزوجية ثابت بيقين، والبينونة لا تتنافى مع الإرث في جميع الأحوال، وكون البينونة صدرت في زمن الصحة الأبعد فليس إلا مجرد شك وإرثها بالزوجية ثابت بيقين فلا يزول بالشك، فتكون البينة على الورثة لأن الزوجة تضيف الحادث وهو الطلاق إلى أقرب الأوقات في الحال وهو زمن المرض..
ومنها : لو وهب إنسان شيئاً لأحد ورثته ثم مات فاختلف الموهوب له مع بقية الورثة فقال الموهوب له وهبني في صحته فالهبة نافذة، وقال الورثة : وهبك في مرضه فالهبة غير نافذة، فالقول للورثة والبينة على الموهوب له؛ لأن الورثة أضافوا الهبة إلى أقرب الأوقات من الموت وهو حال المرض.
ومنها : ا: اذا ادعى المحجور عليه أو وصيّه أن عقد البيع الذي أجراه المحجور قد حصل بعد صدور الحكم بالحجر وطلب فسخ البيع، وادعى المشتري حصول البيع قبل تاريخ الحجر، فالقول للمحجور عليه أو وصيه؛ لأن وقوع البيع بعد الحجر أصل وهو أقرب زمناً مما يدعيه المشتري، وعلى المشتري إثبات خلاف الأصل وهو حصول البيع له قبل حكم الحجر..
لو ادعت زوجة المسلم النصرانية أنها أسلمت قبل موت زوجها وطلبت حصتها الإرثية، وادعى الورثة أنها أسلمت بعد موته فالقول للورثة؛ لأن وقوع إسلامها بعد موته أقرب تاريخاً وهو الأصل ما لم تُثبت عكس ذلك.
ويستثنى من هذه القاعدة:
لو قال القاضي بعد عزله لرجل : أخذت منك ألفاً ودفعتها إلى زيد قضيت بها عليك وقال الرجل : أخذتها ظلماً بعد العزل، فالصحيح أن القول قول القاضي، مع أن الفعل كان ينبغي أن يضاف إلى أقرب أوقاته وهو وقت العزل؛ لأن القضاء يصان عن الإلغاء ما أمكن لاستقرار الأحكام.
وقد يرد على هذه القاعدة مستثنيات كثيرة، لأنها مقيدة في نظر الفقهاء بأن الحادث إنما يضاف إلى أقرب أوقاته ما لم تؤد هذه الإضافة إلى نقض أمر ثابت .