1- إثبات عقد الائتمان:
إن دعوى إساءة الائتمان هي دعوى جزائية ينظرها القاضي الجزائي بالرغم من أن عقود الائتمان هي عقود مدنية أو تجارية و العلة في اعتبارها دعوى جزائية مردها الاعتداء على ملكية المال المسلم بموجب العقد وليس مردها الإخلال بالتزامات العقد.
ومن المسائل الأولية التي يتوقف على حسمها تقرير ما إذا كانت هناك جريمة إساءة ائتمان أم لا، إثبات وجود أحد عقود الأمانة الثمانية التي حددها المشرع.
والقاعدة أن يطبق القاضي الجزائي قواعد الإثبات المدنية للتحقق من وجود عقد الأمانة وليس قواعد الإثبات الجزائية.
وعلة هذه القاعدة أن كيفية الإثبات ترتبط بنوع الموضوع المطروح على القضاء لا بنوع القضاء المطروح عليه الموضوع” .
والفارق كبير بين نوعي قواعد الإثبات.
ففي حين أن الإثبات في المسائل المدنية هو إثبات مقيد، يتطلب المشرع فيه أدلة أو وسائل إثبات من نوع خاص، واستبعاده قبول كل الوسائل، فإن الإثبات في المسائل الجزائية حر غير مقيد بوسائل أو أدلة إثبات محددة، بل يطلق المشرع فيها كافة وسائل الإثبات ويجعل الأمر في النهاية إلى قناعة القاضي الوجدانية.
إذن فالقاضي الجزائي، وإن كان حر ، في المسائل الجزائية، في تكوين قناعته من أي دليل يطرح أمامه طبقا لمبدأ القناعة الوجدانية الذي يقوم عليه الإثبات في المسائل الجزائية، إلا أنه في خصوص إثبات المسائل الفرعية غير الجزائية فإن عليه أن يتبع قواعد الإثبات الخاصة بتلك المسائل.
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض السورية بأنه “يجب في جريمة إساءة الائتمان إثبات عقد الأمانة أولاً بالوسائل المدنية، أما الجريمة نفسها والتصرف بالأمانة فيمكن إثباتها بكل أنواع الإثبات ” .
2- بطلان عقد الائتمان:
إن بطلان العقد لا يؤثر على وقوع جريمة إساءة الائتمان، لأن القانون لا يعاقب على الإخلال بتنفيذ العقد في ذاته وإنما يعاقب على الاعتداء على ملكية الشيء المسلم بمقتضى العقد، فإذا كان العقد باطلاً فلا يؤثر بطلانه على حق المجني عليه في ملكية الشيء المختلس أو المتصرف به.
ويستوي أن يكون البطلان نسبياً أو مطلقاً.
فبطلان عقد الإيجار أو الوكالة لنقص في أهلية المؤجر أو المستأجر أو الأصيل أو الوكيل، أو لعيب في إرادة أحدهما، لا يحول دون اعتبار التسليم منتجاً.
وكذلك الشأن بالنسبة لبطلان العقد لعيب في شكله أو لعدم مشروعية سببه، فالتسليم الناشئ عن هذا أو ذاك يعتد به قانونا إذا كان حاصلا على سبيل الأمانة.
وتطبيقا لذلك، فإن جريمة إساءة الائتمان تقوم في حق من سلمت إليه أموالا لاستغلالها في لعب قمار، أو ليشتري بها مخدرات لحساب مالكها، أو ليدفعها نيابة عن مالكها كرشوة لموظف، أو ليستأجر بها مسكنا يدار للدعارة، فاختلس المال لنفسه.