آلية تعقب المشتبه به في جرائم الإنترنت
تتيح البنية التحتية للإنترنت إمكانية التعرف على عنوان الحاسوب المستخدم في ارتكاب الجريمة فقط، وهو ما يعرف بعنوان
1- IP) Internet Protocol) ، الذي يشير إلى رقم يتم بموجبه تحديد الحاسوب الذي تم النفاذ من خلاله إلى الإنترنت. وبعد تحديد هوية الحاسوب المستخدم بارتكاب الجريمة، تبدأ عملية اتخاذ الإجراءات اللازمة لإلقاء القبض على المشتبه به .
ويمكن تشبيه عنوان الإنترنت الرقمي IP Address بأرقام الهواتف. فعنوان الإنترنت يزودنا بالمنطقة الجغرافية التي انطلقت منها الرسالة البلد والمدينة، واسم المضيف Hostname، وتحديد الموقع التقريبي ، وبفضل هذه المعلومات يمكن في أغلب الأحوال تعيين المشتبه به.
وعنوان الإنترنت الرقمي يمكن الحصول عليه عن طريق مزود خدمة الإنترنت، إذ إن مزود الخدمة يقوم بالحصول على مجموعة كبيرة من العناوين عن طريق الجهات المسؤولة جغرافية عن إدارة وتخصيص هذه العناوين.
فمثلا الريب RIPE NCC وهي إحدى الجهات المرخص لها من قبل الآيكان ICANN، تقوم بتخصيص عناوين النفاذ لمنطقة أوربا والشرق الأوسط وبعض دول آسيا وإفريقيا.
وسورية تنتمي إلى هذه المنطقة حسب ترتيبات الآيكان، وتدير المؤسسة العامة للاتصالات في سورية حاليا النطاق العلوي السوري، حيث تقوم بتخصيص أسماء النطاقات الداخلية للراغبين في الحصول عليها لقاء رسوم سنوية.
أما تخصيص عناوين الإنترنت فيتم بطريقتين، هما :
الطريقة الأولى: ثابتة statically.
ووفقاً لهذه الطريقة يتم تخصيص عنوان محدد للمشترك عن طريق مزود خدمة الإنترنت.
فعلى سبيل المثال، لو أن مزود الخدمة حصل على 1000 عنوان رقمي عن طريق الجهات المسؤولة، وأراد تخصيص هذه الأرقام لزبائنه بالطريقة الثابتة، فإن إجمالي عدد هؤلاء الزبائن سيكون /1000 مشترك.
الطريقة الثانية: متحركة أو ديناميكية Dynamically.
وفي هذه الحالة لا يتم تخصيص زبائن مزود خدمة الإنترنت بعناوين محددة.
فمثلاً عندما يريد المشترك الدخول إلى الإنترنت، فإنه يطلب ذلك عن طريق مزود الخدمة المشترك معه، حيث يكون لدى هذا المزود مخدم يسمى DHCP، وهو عبارة عن حاسوب يحتوي على قائمة من العناوين الرقمية المتاحة، بحيث يمنح هذا المخدم أحدها للمشترك بشكل ديناميكي.
ومن الملاحظ أن مزود خدمة الإنترنت يعلم أن جميع المشتركين لديه لن يدخلوا إلى شبكة الإنترنت في نفس الوقت، لذلك يلجأ في الغالب إلى إتباع الطريقة الديناميكية، التي تؤمن له مضاعفة عدد زبائنه، وتؤدي إلى تخفيض كلفة الحصول على العناوين الرقمية، ومن ثم تحقيق عائدات مالية أكبر.
وتجدر الإشارة إلى أن بروتوكول الإنترنت المشار إليه، الذي يحدد هوية الحاسوب، لا يتم منحه بطريقة واحدة على المستوى العالمي.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبعض الدول المتقدمة، يقوم الشخص باقتناء IP خاص به، ومن ثم يمكن تحديد هويته بسهولة عند ارتكابه جريمة إنترنت.
أما في بعض الدول الأخرى ومنها أغلب الدول العربية – فإن العنوان الرقمي يكون محلا للتغير بين عدة مشتركين، وبالتالي فإن تحديد هوية المشتبه به تكون أكثر صعوبة.
ويمكن القول إنه بمجرد وجود شخص في سورية على الإنترنت، فإنه يملك هوية رقمية محددة IP، إلا أنه إذا حدث وانقطع الإرسال، فإن الشخص إذا عاود الاتصال من جديد، فإن الهوية السابقة قد لا تبقى له، بل لغيره، وقد يظهر بهوية جديدة، أي با IP جديد.
كما تجدر الملاحظة بأن الشبكات الداخلية تعد من الأمور الشائعة في مجال الشركات، حيث يحتاج العاملون في هذه الشركات إلى التواصل وتبادل الملفات فيما بينهم.
ويمكن استخدام عنوان خارجي واحد لتشغيل عدد من الحواسيب المرتبطة فيما بينها عن طريق شبكة داخلية .
وفي حال ارتكاب جريمة إنترنت، عن طريق أحد الحواسيب الموصولة إلى شبكة داخلية، فإن على موظف الضابطة العدلية أن يتوصل إلى رقم العنوان الخارجي، ثم يتم تحديد الحاسوب المطلوب عن طريق العنوان الداخلي، ومن ثم يتم معرفة الشخص المقصود.
أشهر الشركات المختصة بعملية التتبع عبر الإنترنت:
قامت العديد من الشركات المختصة في مجال التكنولوجيا بتقديم نسخ متطورة من التقنيات التي تقوم بتحديد الموقع الجغرافي للمستخدم .
ومن أشهر هذه الشركات شركة Akamai، وهي شركة تقدم خدمة Edge Shape لزبائنها، بحيث تسمح هذه الخدمة بتتبع المستخدم عبر الإنترنت، وتحديد موقعه الجغرافي، عن طريق رسم خريطة العنوان الرقمي العائد لهذا المستخدم، ثم يتم جمع هذه المعلومات في قاعدة بيانات على موقع الشركة الإلكتروني، بحيث تصبح متاحة لزبائنها.
فإذا اشترك مالك أحد المواقع الإلكترونية في خدمة Edge Shape، فإن أي شخص يقوم بالدخول إلى هذا الموقع في أي وقت، يتم جمع بيانات تفصيلية عنه، مثل البلد الذي تم الدخول منه، والموقع الجغرافي في هذا البلد، واسم مزود الخدمة الذي دخل من خلاله.
ومن الشركات التي تعمل في نفس المضمار أيضا شركة Quova، وهي شركة مقرها “كاليفورنيا”، وقد طورت هذه الشركة خدمة Geopoint، حيث تصل دقة هذه الخدمة في تحديد متصفحي الإنترنت ومواطنهم ومواقعهم إلى نسبة 85% وحتى 98%.
وقد استخدمت شركة Cinema Now المحدودة المسؤولية خدمة Geopoint، وهي شركة مقرها في كاليفورنيا”، وتعمل في مجال توزيع الأفلام السينمائية عبر الإنترنت، من أجل حماية حقوقها على هذه الأفلام، والتأكد من أن عملية التوزيع تتم وفق الاتفاقيات القانونية للتوزيع والنشر