جاء في المادة 658 من قانون العقوبات ما يلي:
“1- تشدد وفقا لمنطوق المادة 247 العقوبات المنصوص عليه في المادتين 656 و 657 إذا ارتكب الجرم أحد الأشخاص المذكورين أدناه بالأموال المسلمة إليهم أو المناط أمرها بهم وهم:
أ- مدير مؤسسة خيرية وكل شخص مسئول عن أموالها
ب- وصي القاصر وفاقد الأهلية أو ممثله
ج- منفذ الوصية أو عقد الزواج
د- كل محام أو كاتب عدل أو وكيل أعمال مفوض
هـ – كل مستخدم أو خادم مأجور
و- كل شخص مستناب من السلطة الإدارة أموال تخص الدولة أو الأفراد أو لحراستها
2- ويمكن أن يمنع المجرم منعا باتاً عن ممارسة العمل الذي ارتكب بسببه الجرم”.
من الواضح أن علة التشديد تتمثل في أن كلا من الصفات التي استلزمها المشرع لهذا التشديد ينطوي على قدر من الثقة لا يتوافر في المؤتمن على المال في مجال الجريمة العادية.
ومن شأن هذه الثقة أن تسهل لصاحبها إساءة الائتمان، وأن تكشف تبعا لهذا عن شدة خطورته الإجرامية.
ويشترط لتشديد العقوبة أن تقوم في الأصل جريمة إساءة الائتمان بأركانها التي سبق شرحها، ثم تتوافر بذات الوقت في مرتكبها إحدى الصفات الست التي أوردها المشرع على سبيل الحصر في النص.
كما يشترط أن يكون التسليم المولد للمركز الائتماني قد تم استناداً إلى إحدى الصفات المذكورة. وتطبيقا لذلك، إذا كان المال قد سلم، مثلا، المحام بصفته الشخصية كصديق أو قريب وليس بصفته كمحام، فتصرف به، فالجريمة إساءة ائتمان بسيطة وليست مشددة.
أما الصفات التي شدد العقاب في حال توفرها، فهي كما جاءت في النص:
أ- مدير مؤسسة خيرية وكل شخص مسئول عن أموالها.
والمؤسسات الخيرية هي التي لا تستهدف تحقيق الربح من نشاطاتها، أيا كان الغرض الخيري الذي تسعى لتحقيقه، سواء كان اجتماعي أو علمي أو ديني، والتشديد يطال في هذه الحالة مدير تلك المؤسسة وأي شخص أخر مسئول عن أموالها، كأمين الصندوق ومدير الحسابات، وبصفة عامة كل شخص مسئول عن تحصيل إيراداتها أو الاحتفاظ بها أو التصرف فيها وفقا للأغراض المحددة لها.
ب- وصی القاصر وفاقد الأهلية أو ممثله.
والتشديد يشمل هنا كل من ينوب عن فاقد الأهلية أو ناقصها أيا كان سبب فقدان الأهلية أو نقصه. کولي القاصر أو وصية والقيم على المجنون أو المعتوه، وأيا كان مصدر الإنابة، سواء كان القانون أو القضاء أو الإرادة.
ج- منفذ الوصية أو عقد الزواج.
هنا يتناول التشديد الشخص الذي يتسلم مالا من الموصي بمقتضی عقد الوصية ليسلمه إلى الموصى له بعد وفاة الموصي، فيستولي عليه.
ويتناول أيضا الشخص الذي يعود إليه الإشراف على إرساء العلاقات المالية بين الزوجين في الإطار الذي يحدده عقد الزواج، أي المشرف على أن تكون في حيازة أحد الزوجين أو كليهما أموال معينة قد تكون مملوكة للزوج الأخر.
فهذا الشخص تقتضي مهمته أن يحوز هذه الأموال ليسلمها إلى أحد الزوجين الذي ينبغي أن تكون في يده وفقا لشروط عقد الزواج، فهو يرتكب إساءة ائتمان إذا استولى عليها لنفسه.
د- كل محام أو كاتب عدل أو وكيل أعمال مفوض .
فهؤلاء إذا استلموا أموالا استنادا إلى صفاتهم هذه کي يسلموها لأصحاب الحق فيها أو ليستخدموها لمصلحة صاحب الحق، فيستولوا عليها لأنفسهم، يشدد العقاب عليهم.
هـ – كل مستخدم أو خادم مأجور.
لهذين التعبيرين ذات المدلول الذي سبق وشرحناه بالنسبة للسرقة.
والجامع بينهما انقطاعهما لعمل لحساب شخص، طبيعي أو معنوي، وتقاضيهما أجرا لقاء ذلك العمل.
أما الفارق بينهما فهو طبيعة عمل كل منهما، فهو ذهني بالنسبة للمستخدم، كأمين السر أو المحاسب، ومادي بالنسبة للخادم يتمثل بانقطاع شخص للقيام بالأعمال المادية التي يحتاج إليها شخص أخر في حياته اليومية، سواء كان ملحقا ببيته، كالخادمة والبواب، أم بشخصه كالسائق. وتقوم جريمة إساءة الائتمان المشددة بحق المستخدم أو الخادم إذا تسلم أي منهما بمقتضى صفته هذه مالاً منقولاً من مخدومه على سبيل الأمانة، فيستولي عليه لنفسه.
و – كل شخص مستناب من السلطة لإدارة أموال تخص الدولة أو الأفراد أو لحراستها.
هذا الظرف المشدد يشمل أي شخص تكلفه السلطة أو تعهد إليه بإدارة أموالها المنقولة أو أموال الأفراد المنقولة أو لحراسة أي من هذه الأموال .
والفرض هنا أن الأموال تسلم لأحد الأشخاص لإدارتها كوكيل أو لحراستها كوديع، أي على سبيل الحيازة الناقصة، فيستولي عليها لنفسه.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه كي يتوفر هذا الظرف يشترط أن لا يكون الشخص موظفاً عاماً ولا مكلفا بخدمة عامة يتسلم مالا بحكم وظيفته، أي أن تسلمه للمال هو أحد الاختصاصات التي ترتبط بوظيفته، فهنا يصبح استيلاء هذا الشخص على الأموال مشکلا لجريمة الاختلاس وليس جريمة إساءة الائتمان.
إذن يجب توافر هذا الظرف أن يكون الشخص الذي كلفته الدولة بإدارة أو بحراسة الأموال فردا عادياً أو موظفاً عاما ليس من اختصاصه إدارة أموال الدولة أو الأفراد أو حراستها، ولكن كلف بذلك على وجه رسمي.
والمثال على هذه الحالة أن تسلم الدولة إلى مقاول مواد أولية ليستعين بها في تنفيذ مشروع لحسابها فيستولي عليها، أو أن تعود إلى أحد الأشخاص بتحصيل أموال بعض المواطنين السوريين المستحقة من قبل دولة أجنبية فيحصلها ويستولي عليها لنفسه.
– أما عقوبة إساءة الائتمان المشددة بالنسبة لهؤلاء الأشخاص فلقد أحال المشرع إلى المادة 247 من قانون العقوبات مقدار التشديد الذي ترتفع إليه العقوبات المنصوص عليها في المادتين 656 و 657.
وهذا يعني أن تزاد عقوبة الحبس من الثلث إلى النصف وأن تضاعف الغرامة.
أي يزاد على الحد الأدنى للعقوبة ثلثه وعلى الحد الأعلى نصفه.
فعقوبة المادة 656 و هي من شهرين إلى سنتين تصبح بعد التشديد من شهرين وعشرين يوماً حتى الثلاث سنوات مع مضاعفة الغرامة.
أما عقوبة المادة 657 و هي الحبس حتى سنة فتصبح بعد التشديد الحبس حتى سنة ونصف وتضاعف الغرامة.
بالإضافة إلى ذلك فإنه يجوز أن يمنع المدعى عليه منعا باتا من ممارسة العمل الذي ارتكب بسببه أو بمناسبته الجرم.
التعليقات مغلقة.