الجهة المختصة بالتنفيذ ” دائرة التنفيذ “
يعد نظام دائرة التنفيذ في سورية، نظاماً قديماً ابتدأ به المشرع العثماني بموجب قانون الإجراء المؤقت، وتتالت عليه التعديلات حتى جاء بمرســـوم تشريعي رقم (133) لعام 1953 المسمى بقانون السلطة القضائية، فأكد في المادة الثالثة منه أن دائرة التنفيذ هي إحدى الدوائر القضائية الخاضعة لنظام السلطة القضائية. ثم جاءت بعض التعديلات على هذا القانون وكان أبرزها قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (98) لعام 1961، إذ حدّد في المادة /62/ منه، الإحكام المتعلقة بتأليف دوائر التنفيذ وتشكيلها، حيث استدرك بذلك لأنقص المتعلق بالمناطق التي ليس فيها محكمة بدائية.
وعليه، فإن المشرع أناط التنفيذ بجهة قضائية ألا وهي دائرة التنفيذ، الإ أن هناك حالإت لا يتم فيها التنفيذ عن طريق هذه الدائرة، ومن هذه الحالات ما ورد في قانون جباية الأموال العامة رقم (341) لعام 1956 المعدل، حيث أعطى لوزارة المالية الحق في أن تتخذ بحق المكلفين المتخمفين عن الدفع تدابير إجرائية كالإنذار والحجز وبيع العين المحجوزة، وتتمتع السلطة المالية المختصة بجميع الصلاحيات التي يتمتع بها رئيس التنفيذ ضمن الحدود المنصوص عليها في قانون اصول المحاكمات.
ومن هذه الحالإت أيضاً أحكـام تصفية الشركات (المبينة في المواد 505 – 502 مدني وفي المواد 28 _ 19 شركات ) أو التركات في ( المواد 875 – 836 مدني ) أو المحال التجارية في حالة الإفالس ( المادة 706 تجارة ) حيث يقوم مصفو الشركات والتركات ووكلاء التفليسة بتصفية الأموال وبيعها وإيفاء الديون من قيمتها وتوزيع الباقي على المستحقين تحت إشراف المحكمة ودون الرجوع إلى دائرة التنفيذ.
وكذلك، ما ورد في الفقرة / 6ب من المادة 92 من قانون الشركات حول حق الشركة المساهمة ببيع أسهم المكتتب بها إذا لم يقم بدفع الإقساط في مواعيدها، ويتم البيع بالمزاد العلني ودونما حاجة إلى مراجعة دائرة التنفيذ.
تأليف دائرة التنفيذ
تتألف دائرة التنفيذ من رئيس بدرجة قاضٍ بدائي، وليس معنى ذلك أن القضاة هم الذين يقومون بالتنفيذ، وانما يتم التنفيذ عملياً بهاسطة مأموري التنفيذ، وهم من المساعدين القضائيين حيث يقومون بهظائف كتابية وتنفيذ قرارات الحجز، ويشرف على كافة أعمالهم رئيس التنفيذ، ويتقيدون بتوجيياته وأوامره وينفذون قراراته. والى جانبهم هناك موظفون يقومون بتبليغ الإخطارات التنفيذية وسائر الإوراق القضائية الإخرى ويسمون بالمحضرين.
رئيس دائرة التنفيذ
تقضي المادة /62/ من قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم المعدّل بالمرسوم التشـــريعي رقم (182) تاريخ 1961/12/10 بأن القاضي الإبتدائي يقوم بتنفيذ الإسناد التنفيذية، واذا تعدد القضاة الإبتدائيون في مركز ما عيّن أحدهم لرئاسة دائرة التنفيذ بقرار من مجلس القضاء الإعلى، واذا شغر منصب رئاسة دائرة التنفيذ لسبب ما انتدبت محكمة الإستئناف أحد قضاة الحكم لتولي هذا المنصب بناء على اقتراح لأنيابة العامة مادة ( 117) .
ونظراً لتشعب المهام والقضايا التي ترد على دوائر التنفيذ نجد بأنه يجري تعيين عدة قضاة بدائيين لتولي أعمال دائرة التنفيذ والتي تقسم إلى عدة فروع : قسم للبيوع الجبرية ( نزع )، وقسم لتنفيذ الإحكام الصلحية وما في حكمها، وتحصيل الديون الثابتة بالكتابة، وقسم لتنفيذ الإحكام البدائية وما في حكمها و قسم لتنفيذ الإحكام الشرعية، وأخيرًا قسم للمحاسبة والصندوق، وهذا الإخير ينفذ قرارات وتوجييات كافة رؤساء الإقسام وفقاً لعائدية الملفات التنفيذية لأقسامهم.
ولرئيس التنفيذ اختصاص يتناول ناحيتين: الأولى إدارية وتشمل اتخاذ التدابير والإجراءات الالزمة لتنفيذ السندات والثانية قضائية وتشمل الفصل في الصعوبات التي تعترض طريق التنفيذ.
الإختصاص الإداري:
يشمل الإختصاص الإداري لرئيس التنفيذ اتخاذ جميع التدابير الالزمة لتنفيذ الإسناد وايصال الدائنين إلى حقوقهم. واستناداً لذلك، له أن يتخـذ قراراً بإرسال الإخطار التنفيذي إلى المدين ليعمد إلى التنفيذ رضاءً، فإذا لم يقم بذلك خلال المهلة المحـددة قانوناً اتخذ بموجب سلطة إدارية قرارًا بالتنفيذ الجبري. كما يستطيع أن يقرر، استناداً لهذا الإختصاص، القاء الحجز التنفيذي على أموال المدين الموجـودة لديهم أو لدى الغير.
ويستند هذا الإختصاص إلى السلطة الولائية ( الآمرية ) التي يتمتع بها رئيس التنفيذ بصفته المرجع في تنفيذ الإسناد.
وقد رفض بعضهم تسمية القرارات الصادرة عن رئيس التنفيذ وفقا لهذا الإختصاص بالقرارات الإدارية الولائية، ورفض إعطائها الصفة الإدارية مستنداً في ذلك الى أن جميع قرارات رئيس التنفيذ هي من نوع واحد ومن طبيعة واحدة، تصدر في غرفة المذاكرة دون دعوة الخصوم وتخضع للطعن بطريق الإستئناف.
وأرى من الضـروري التمييز بين الإختصاص الإداري وبين الإختصاص القضائي، وتبعا لذلك، بين القرارات الصادرة استناداً لكل من هذين الإختصاصين وذلك لأن قرارات رئيس التنفيذ إنما تهدف إلى تنفيذ حكم او سند قابل للتنفيذ، وغير مختلف عن الحق فيه.
لذلك فهي تعتبر هذه القرارات من أعمال سلطة القاضي الإدارية أكثر منها من أعمال القضاء والتي يقوم بها رئيس التنفيذ أحيانا في حل الاشكالات التنفيذية التي سنبحثها في اختصاصه القضائي.
الإختصاص القضائي:
يشمل الإختصاص القضائي لرئيس التنفيذ صلاحية البت في جميع الطلبات التنفيذية وفقا” لنص الفقرة الأولى من المادة (277 ) من قانون اصول المحاكمات التي نصت على أن رئيس التنفيذ يفصل في جميع الطلبات التنفيذية.
وهذا يعني البت في جميع ما يعترض الطلبات من صعوبات او اشكالات تنفيذية تعترض تنفيذ الإحكام والسندات الصالحة للتنفيذ.
ومن هنا تبرز الطبيعة القضائية الخاصة لقرارات رئيس التنفيذ، من خلال الفصل في جميع اشكالات التنفيذ بشكل موضوعي، ويترتب على انقضاء مواعيـد الطعن فيها، أو على تصديقها بعد الطعن، اكتسابها حجية الأمر المقضي به .