مقدمة:
عني قانون الشركات بإدارة شركة التضامن، فنص على كيفية إدارتها عن طريق مدير الشركة الذي يلتزم بقرارات وتوجيهات مجلس الشركاء الذي يتخذ القرارات المتعلقة بالشركة ويخضع أحياناً لمراقبة مفتشي الحسابات، ومن خلال تقویم نشاط الشركة يتم توزيع الأرباح والخسائر على الشركاء.
مدير الشركة
مدير شركة هو الذي يمثلها في كافة معاملاتها، ويقوم بدور خطير في حياتها وحياة الشركاء فيها، لأن استئثاره بمكنة التوقيع على التصرفات التي يجريها بعنوان الشركة من شأنه أن يلزم هذه الشركة و أولئك الشركاء.
وعليه سنتناول في هذا المبحث كيفية تعيين مديري الشركة وعزلهم، ومن ثم نبين سلطاتهم المقررة في تصريف شؤون الشركة، وأخيرا نعرض لأحكام مسؤولية المديرين عن أخطائهم.
تنعكس طريقة تعيين المدير على الكيفية التي يعزل بها، ولا فرق في أن يكون شريكاً أو غير شريك وهذا ما جاء به قانون الشركات الذي نص على جواز عزله عن طريق القضاء واعتزاله أيضا.
1-عزله من قبل الشركاء:
فإذا كان المدير معيناً في عقد الشركة وكانت صلاحياته محددة في العقد فلا يجوز عزله أو تعديل صلاحياته إلا بموجب وثيقة يوقعها كل الشركاء (مادة 1/36 شركات).
ذلك لأن الاتفاق على تعيينه وتحديد صلاحياته، هو جزء من عقد الشركة يأخذ حكمه من حيث الإلزام، وفي عزله أو تعديل صلاحياته تعديل لهذا العقد، ولا يجوز إجراء هذا التعديل إلا بإجماع الشركاء بما فيهم المدير الشريك نفسه، أما إذا كان المدير من غير الشركاء فلا حاجة لموافقته على هذا التعديل.
أما إذا كان المدير معينة بموجب وثيقة مستقلة عن عقد الشركة وكانت صلاحياته محددة في هذه الوثيقة، جاز للشركاء عزله أو تعديل صلاحياته بقرار يصدره مجلس الشركاء بالإجماع ما لم يتضمن عقد الشركة أغلبية معينة لجواز عزله أو تعديل صلاحياته.
2- عزله عن طريق القضاء:
إذا لم يتحقق الإجماع على عزل المدير إن كان معين بموجب عقد تأسيس الشركة أو كان معيناً بموجب وثيقة مستقلة عن عقد الشركة ولم يتحقق الإجماع أو الأغلبية المنصوص عليها في عقد الشركة لعزله أو تعديل صلاحياته، أو رفض المدير النزول على إرادة بقية الشركاء الذين يرغبون في تنحيته، جاز لهم أن يطلبوا عزله من محكمة البداية المدنية الموجودة في مركز الشركة، إذا توفر لديهم السبب المشروع المبرر لعزله، كما لو أساء الإدارة أو صدر منه إهمال خطير أو ارتكب غشأ أو إساءة أمانة أضرت بمصالح الشركة والشركاء.
فإذا قدرت المحكمة وجاهة السبب ومشروعيته قضت بعزل المدير.
وإن عزل المحكمة للمدير لا يؤدي إلى انقضاء الشركة أو حلها، وهذا ما نستخلصه من نص الفقرة الرابعة من المادة 36 شركات التي نصت على أنه يجوز الاتفاق على حل الشركة في حال عزل المحكمة للمدير المعين في عقد الشركة على أن يدرج هذا النص أو الاتفاق في عقد الشركة، وبالتالي يعد ذلك تعديلاً لعقد الشركة ويستوجب مراعاة إجراءات الشهر.
وحسناً فعلاً المشرع عندما جاء بهذا الحكم، ذلك أنه في ظل قانون التجارة الملغي والقانون المدني، يؤدي عزل المدير المعين بعقد الشركة إن كان من الشركاء إلى حل الشركة.
3- اعتزال المدير الشريك:
إذا كان المدير شريكاً ومعيناً في عقد الشركة، وليس بوثيقة مستقلة عن عقد الشركة، فلا يحق له أن يعتزل من إدارة الشركة، إلا إذا وجد سبب مقبول يمنعه من إدارة الشركة، كمرض أو عاهة أو شيخوخة، أو لأسباب مشروعة يقبلها باقي الشركاء أو تقبلها المحكمة وإلا كان مسؤولا بالتعويض للشركاء عما لحقهم من ضرر نتيجة الاعتزال غير المشروع.
ونشير إلى أن هذه الحالة تقتصر على المدير الشريك والمعين في عقد الشركة.
أما إن كان المدير من غير الشركاء أو كان من الشركاء ولكن معيناً بموجب وثيقة مستقلة عن عقد الشركاء، فيجوز له أن يعتزل الإدارة بعد إبلاغ الشركاء بذلك بوقت مناسب ليستدركوا تعيين غيره، ويجب أن يتم هذا الاعتزال بدون تعسف أو بدون توفر قصد الإضرار بمصالح الشركة والشركاء لدى هذا المدير المعتزل.
ويعد ذلك تطبيق الأحكام الوكالة المنصوص عليها في القانون المدني، ذلك أن المدير يعد، كما أسلفنا، وكي” عن الشركة. (مادة1/682 مدني).
صلاحيات المدير
أولاً – تحديدها
يحدد عقد تأسيس الشركة أو الوثيقة المستقلة عن العقد التي عين بها المدير، عادة، الصلاحيات والسلطات الممنوحة لمديرها وحدودها، فيبين مثلاً الأعمال والتصرفات التي يستطيع القيام بها بإرادته المنفردة، وتلك التي ينبغي عليه أخذ رأي الشركاء فيها قبل إجرائها، وأخيرا الأعمال والتصرفات التي يحظر عليه إبرامها.
ويتعين على المدير، في هذه الحالة، مباشرة صلاحياته دون أن يتخطى حدودها التي رسمها له عقد الشركة.
أما إذا سكت عقد تأسيس الشركة أو الوثيقة التي عين بها المدير عن تحديد صلاحياته، فإنه يجب منطقية أن نعتبر أن الشركاء منحوا المدير كافة الصلاحيات اللازمة للوصول إلى الغرض المقصود وتحقيق غاية الشركة.
وعليه فإنه يقوم بجميع ما يلزم لتسيير عمل الشركة تسييرا منتظمة والتوقيع عنها ويباشر كافة الأعمال التي تدخل في غرض الشركة سواء أكانت هذه الأعمال من أعمال الإدارة أم من أعمال التصرف.
وطالما أن المدير يباشر سلطاته في حدود غرض الشركة، فليس للشركاء من غير المديرين القيام بأعمال الإدارة أو التدخل في إدارة الشركة (مادة6/35 شركات) لما قد يترتب عن هذا التدخل أو المعارضة من تعطيل لسير عمل الشركة.
على أن حظر التدخل في الإدارة على الشركاء غير المديرين لا يعني مصادرة حقهم في رقابة المدير والإشراف عليه، بل يظل لهم هذا الحق يباشرونه عن طريق مجلس المديرين، أو عن طريق الاطلاع بأنفسهم على دفاتر الشركة وسجلاتها المحاسبية ووثائقها وعقودها. (مادة 8/35 شركات).
وإذا وردت قيود على صلاحيات المدير وجب شهر هذه القيود في سجل الشركات لكي تصبح نافذة حيال الغير حسني النية، وتعد القيود الواردة على صلاحيات الأشخاص المخولون بتمثيل الشركة أو التوقيع عنها والمسجلة في سجل الشركات سارية بحق الغير، إذا تمت الإشارة في العقد أو التصرف الصادر عن مدير الشركة إلى رقم سجلها التجاري. (مادة 5/34 شركات).
ومبرر هذه القاعدة التي نص عليها قانون الشركات، أن بإمكان الغير التعاقد مع الشركة أن يطلع على صلاحيات المدير والقيود الواردة عليها من خلال إحاطته علمأ برقم سجلها التجاري وتسجيلها في سجل الشركات، وفي هذه الحالة لا يعتد بحسن نية هذا الغير.
ثانياً – نطاقها
1- ما يتمتع به من صلاحيات:
تتناول صلاحيات المدير الصلاحيات التجارية والحقوقية، أما الصلاحيات التجارية، فتشمل تنفيذ المشروع الذي تستثمره الشركة وشراء التجهيزات والمواد الأولية والبضائع وتوفير مخزون كاف منها وتسويقها واستخدام اليد العاملة وتوفير التحويل اللازم للشركة وإدارة أموالها وتوظيفها.
وأما الصلاحيات الحقوقية:
فتتناول النيابة عن الشركة حيال الغير وإبرام العقود وتعيين الوكلاء التجاريين، ويكون مخولا بالمخاصمة باسم الشركة وتوكيل المحامين ما لم ينص عقد الشركة على خلاف ذلك (مادة 6/34 شركات).
2- المحظورات:
فرض المشرع وجوب حصول المدير على موافقة الشركاء الخطية المسبقة بالنسبة لبعض الأعمال التي قد تنعكس سلبا على مصالح الشركة والشركاء.
إذ نصت المادة 37 من قانون الشركات على أنه:
1- لا يجوز للمدير في شركة التضامن سواء كان من الشركاء أو من غيرهم القيام بأي عمل من الأعمال التالية دون الحصول على موافقة خطية مسبقة من كل الشركاء أو بعضهم وفقا لما يحدده عقد الشركة:
أ- التعاقد مع الشركة بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتنفيذ أي مشروع لحسابها أو منافس لها، لما يترتب على ذلك من إلحاق الضرر بها.
ب- أن يمارس لحسابه أو لحساب الغير نشاطا مشابها لنشاط الشركة.
ج- أن يكون شريكاً في شركة تضامن أخرى أو شريكاً متضامنة في شركة توصية إذا كانت هذه الشركة تمارس نشاطا مشابها لنشاط الشركة التي يتولى إدارتها أو منافسة لها.
د- بيع عقارات الشركة إلا إذا كان التصرف بهذه العقارات مما يدخل في أغراض الشركة، كأن يكون غرضها شراء العقارات وبيعها بربح، أو تشييد العقارات لبيعها.
هـ- رهن عقارات الشركة أو إجراء الرهن التأميني عليها، مما يعرض موجوداتها لخطر الضياع، ويضعف من ملاءتها، وينعكس سلبا على الشركاء فيها بحكم مسؤوليتهم الشخصية والتضامنية. و التصرف بمشاريع الشركة، مما يفقدها موجوداتها.
2- إذا حصل المدير على موافقة الشركاء للقيام بالأعمال المذكورة آنفا فلا بد من تجديدها بشكل سنوي، ما لم ينص عقد الشركة أو وثيقة لاحقة على خلاف ذلك.
كأن يتفق على أن تكون الموافقة كل شهر أو لمرة واحدة.
كما حظر المشرع على المدير أن يتنازل عن كافة صلاحياته أو جزء منها أو توكيل الغير بها، إلا إذا كان قرار تعيينه يجيز له أن ينيب عنه غيره، ذلك أنه لا يشترط بالضرورة أن يثق الشركاء في نائب المدير کثقتهم في شخص المدير.
وفي جميع الأحوال يجب على المدير شهر هذا التوكيل في سجل الشركة.
وفي هذه الحالة تكون الشركة مسؤولة عن تصرفات الوكيل أو النائب كما لو صدرت هذه الأعمال من المدير شخصياً.
ولا يكون المدير مسؤولاً إلا عن خطئه في اختيار النائب وعن خطئه فيما أصدره له من تعليمات.
ثالثاً – صلاحيات المديرين عند تعددهم
قد يعين لإدارة شركة التضامن أكثر من مدير، وعندئذ يثور التساؤل عن كيفية إدارة الشركة وسلطات كل مدير وحدودها. ونميز في هذه الحالة إن كان هنالك اتفاق بين الشركاء يحدد صلاحياتهم أو لم يكن هنالك مثل هذا الاتفاق.
1- عند وجود اتفاق:
قد يعين عقد الشركة أو وثيقة تعيين المديرين اختصاص كل من المديرين، كأن يختص أحدهم بإدارة المصانع، ويعهد إلى الآخر بالمبيعات والمشتريات، ويوكل إلى ثالث شؤون العاملين.
ففي هذه الحالة يجب على كل مدير احترام حدود الصلاحيات الممنوحة له، بحيث لا تنعقد مسؤوليته إلا عن الأعمال التي أجراها داخل الحدود دون تلك التي قام بها غيره من المديرين ، كل في حدود اختصاصه وصلاحياته.
وتعد هذه القيود المسجلة في سجل الشركات سارية بحق الغير، إذا تمت الإشارة في العقد أو التصرف الصادر عن أحد مديري الشركة إلى رقم سجلها التجاري (مادة5/34 شركات).
2- عند عدم وجود اتفاق:
إذا تعدد المديرون وسکت عقد تأسيس الشركة أو وثيقة تعيينهم عن تحديد اختصاص كل منهم اعتبروا مفوضين بإدارة الشركة مجتمعين. ما لم يرد نص في عقد الشركاء أو في وثيقة تعيينهم على أغلبية معينة فيما بينهم، أو ينص على حق كل منهم بأن يقوم منفردا بأي عمل من أعمال الإدارة بالقيام بأعمال معينة. (مادة 3/34 شركات).
ومع ذلك لا نرى مانعاً من أن يعرض العمل على المديرين جميعا للبت فيه، إذا ما عارضه أحدهم قبل إتمامه، وعندئذ يبت فيه بالأغلبية المحددة في عقد الشركة.
أما إذا كان العمل المعترض عليه مخالفا لنظام الشركة، فيجوز الرجوع إلى مجلس الشركاء أو إلى القضاء لتقدير صفة العمل ومدی جواز القيام به.
و المسؤولية الناشئة عن أعمال المدير يترتب على أعمال المدير مسؤولية الشركة في مواجهة الغير ممن يتعاملون معها، ومسؤولية المدير نفسه عن أعماله في مواجهة الشركة والشركاء.
أولاً – مسؤولية الشركة عن أعمال المدير:
تتأثر الشركة بتصرفات مديرها ليس فقط بالنسبة للتصرفات القانونية التي يترتب عليها مسؤولية الشركة العقدية بل أحيانا بالنسبة لما يصدر عنه من أعمال غير مشروعة تلحق ضررا بالغير وترتب مسؤولية الشركة التقصيرية.
1- المسؤولية العقدية:
تسأل الشركة عن كافة العقود التي يبرمها مديرها، ويشترط لإلزام الشركة بتصرفاته: أن يتصرف باسم الشركة وضمن حدود صلاحياته الممنوحة له.
أ- التصرف باسم الشركة ولحسابها:
يتصرف المدير باسم الشركة وعنوانها وليس باسمه الشخصي، لذلك فإن جميع تصرفاته التي يجريها باسم الشركة لتحقيق غرضها تنصب مباشرة في ذمتها وتسأل عن كافة الآثار التي تترتب على تصرفات المدير وتكون الشركة مسؤولة عن تنفيذ تعهداته.
ولكن إذا أبرم المدير عقدا لحساب الشركة إنما وقعه باسمه الخاص وليس بعنوان الشركة، فالأصل أن لا تكون الشركة مسؤولة عن هذا التصرف، ويلتزم المدير وحده به، على أن هذه القرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس، فإن تم دحضها وأقيم الدليل على أن التصرف قد تم بالفعل الحساب الشركة، وأن المدير كان له صلاحية إبرامه وأن المتعاقد الآخر كان يعلم بأن التعاقد تم الحساب الشركة أو أنه كان يستوي لديه التعاقد معها أو مع المدير شخصية، انعقدت مسؤولية الشركة عن هذا التصرف.
وقد يسيء المدير استعمال عنوان الشركة فيبرم مع الغير عقدا لحسابه الخاص ويوقع عليه بهذا العنوان، كأن يقترض مبلغاً من المال بقصد إنفاقه على حاجاته الخاصة ويوقع على عقد القرض بعنوان الشركة.
في مثل هذه الحالة تبقى الشركة مسؤولة عن هذا العقد طالما أن التوقيع قد تم بعنوانه، ولا يغير هذا الحكم حتى ولو كان المدير يعمل لحساب نفسه، إنما يشترط لذلك أن يكون الغير الذي تعامل معه المدير حسن النية، وإن الاقتراض أو التصرف يدخل ضمن الصلاحيات الممنوحة للمدير والمشهرة في سجل الشركات.
أما إذا كان الغير المتعاقد مع المدير متواطئة معه أو عالما بأنه يتعاقد باسم الشركة لحسابه الشخصي، فالشركة أن تتنصل من هذا التصرف.
ب- أن يكون تصرف المدير في حدود صلاحياته:
يجب أن تكون التصرفات التي يقوم بها المدير داخلة في حدود الصلاحيات التي رسمها له عقد الشركة أو وثيقة تعيينه والتي تم شهرها في سجل الشركات، لذلك فإن الشركة لا تلزم بتصرفات المدير، إذا جاوز حدود الصلاحيات الممنوحة له والمشهرة في سجل الشركات، ولا يكون للغير – حتى ولو كان حسن النية- أن يرجع على الشركة طالما تمت الإشارة في العقد أو التصرف الصادر عن مدير الشركة إلى رقم سجلها التجاري فلا يعذر إذا بجهله هذه الحدود، (مادة 5/34 شركات).
أما إذا لم تشهر حدود صلاحيات المدير في سجل الشركات، أو لم يشر في العقد أو التصرف الصادر عن المدير إلى رقم سجل الشركة التجاري، فالأصل أنها لا تسري بحق الغير وتلتزم الشركة بالتصرف، ما لم يثبت أن الغير كان يعلم بحدود صلاحيات المدير على وجه اليقين، كما لو أرسلت الشركة منشورا صریحا بهذا المعنى للغير.
ومع ذلك يجوز للغير أن يرجع على الشركة في حدود ما أثرت به من العمل الذي أبرمه المدير متجاوز حدود صلاحياته تطبيقا للقواعد العامة.
2- المسؤولية التقصيرية:
لا تقتصر مسؤولية الشركة على العقود والتصرفات التي يبرمها المدير لحسابها و بعنوانها فحسب، بل تسأل الشركة عن الأعمال غير المشروعة التي يرتكبها المدير أثناء إدارته أو بسببها ويترتب عليها الإضرار بالغير.
وتكون مسؤولية الشركة تجاه الغير عن هذه الأخطاء مسؤولية تقصيرية، وتلزم الشركة بالتعويض. كما لو ارتكب المدير عمل منافسة غير مشروعة، وبالنسبة للمسؤولية الجزائية فإن الشركة كشخص اعتباري تقتصر معاقبتها على دفع الغرامة ونشر الحكم والمصادرة إن كان لذلك محل، ولا يمكن فرض عقوبة الحبس على هذا الشخص الاعتباري، كل ذلك إذا كان الفعل الجرمي ارتكب باسم الشركة ولحسابها.
ثانياً – مسؤولية المدير عن أعماله:
يقع على عاتق مدير الشركة سواء كان شريكا أو غير شريك، أن يبذل في إدارة الشركة عناية الرجل المعتاد، حكمه في ذلك حكم الوكيل المأجور، لأنه يتقاضى أجر نظير إدارته، لذلك يكون المدير مسؤولاً تجاه الشركة والشركاء عن الضرر الذي يلحق بالشركة بسبب إهماله وتقصيره، ويكون كذلك حتى ولو كانت أخطاؤه في الإدارة يسيرة لطالما نجم عنها ضرر لحق بالشركة.
كأن يتاجر لحسابه في أحد فروع النشاط الذي تزاولها الشركة أو يغفل إبرام عقد تأمين على مركبات الشركة. وقد يسيء المدير استعمال عنوان الشركة أو يجاوز حدود صلاحياته الممنوحة له في صك تعيينه… إلخ.
وقد تعد هذه الأخطاء سببا مشروعا يبرر عزل المدير.
ويعد المدير أمينة على أموال الشركة فإذا بدد هذه الأموال أو اختلسها، يكون مرتكبا لجرم إساءة للأمانة وترتبت مسؤوليته الجزائية وألزم بالتعويض.
وإذا تعدد المديرون كانوا مسؤولين تجاه الشركة والشركاء بالتضامن عن أخطائهم المشتركة، على أنهم لا يسألون عم فعله أحدهم إذا تجاوز حدود صلاحياته وذلك تطبيقا لحكم مسؤولية الوكلاء في حال تعددهم (مادة 1/673 مدني).
هذا ولا يجوز إعفاء المدير من المسؤولية بسبب إهماله أو تقصيره في عقد الشركة أو في وثيقة تعيينه، وكل شرط يقضي بذلك يعد باطلا (مادة 8/34 شركات).
وتسقط مسؤولية المدير تجاه الشركة والشركاء عن الضرر الذي يلحق بالشركة بسبب أخطائه، بانقضاء ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ انتهاء عمله في إدارة الشركة أيا كان سبب هذا الإنهاء سواء عزل من قبل الشركاء أو من قبل القضاء أو اعتزل الإدارة.
على أن مهلة سقوط مسؤولية المدير، لا تسري عن كل عمل أو امتناع عن عمل مقصود يصدر عن المدير مخالفا فيه عقد تأسيس الشركة أو قرارات الشركاء ويكون من شأنه أن يلحق ضررة بالشرك. كما لا تسري مهلة سقوط مسؤولية المدير عن أية أعمال أخفاها عن الشركاء. وإذا كان الفعل المنسوب للمدير يشكل جرما فإن دعوى المسؤولية لا تسقط إلا طبقأ وفقا لأحكام القواعد العامة (مادة 8/34 شركات).
وبعبارة أخرى حسب مدة التقادم المنصوص عنها في قانون العقوبات والقوانين الأخرى الخاصة بالفعل الجرمي الذي يرتكبه مدير الشركة.