الإجراءات الاحتياطية ضد المدعى عليه (مذكرة الدعوة والاحضار والتوقيف )
تهدف الإجراءات الاحتياطية ضد المدعى عليه إلى محاولة منعه من الهرب أو تشويه أدلة الاتهام التي توافرت من أجل ضمان حسن سير التحقيق الابتدائية.
لذلك فإن المشرع أعطى قاضي التحقيق الحق بإصدار مذكرات هي في حقيقتها قرارات أو أوامر مكتوبة بهدف قاضي التحقيق من وراء إصدارها إلى تأمين سير العدالة ولو على حساب حرية المدعى عليه إذا لزم الأمر.
وقد نصت المادة 102 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه:
“1- لقاضي التحقيق في دعاوى الجناية والجنحة أن يكتفي بإصدار مذكرة دعوة على أن يبدلها بعد استجواب المدعى عليه بمذكرة توقيف إذا اقتضى التحقيق ذلك.
2- أما إذا لم يحضر المدعى عليه أو خشي فراره فلقاضي التحقيق أن يصدر بحقه مذكرة إحضار”
يتبين من هذه المادة أن المذكرات التي يستطيع أن يصدرها قاضي التحقيق هي ثلاث: مذكرة الدعوة، مذكرة الإحضار، ومذكرة التوقيف. ويجب أن تتوافر في هذه المذكرات الثلاث القواعد الأتية:
1- أن توقع من القاضي الذي أصدرها .
2- أن تختم بخاتم دائرته.
3- أن يذكر فيها اسم المدعى عليه وشهرته وأوصافه المميزة بقدر الإمكان.
4- أن تبلغ إلى المدعى عليه وتترك له صورة عنها.
5- وتكون نافذة في جميع أراضي الجمهورية العربية السورية.
6- إذا لم تراع الأصول المعينة قانونا في مذكرات الدعوة والإحضار والتوقيف غرم الكاتب عشر ليرات حتى مئة ليرة سورية بقرار من المحكمة. ويوجه عند الاقتضاء تنبيه إلى النائب العام والمحقق ويمكن أن يستهدفا للشكوى من الحكام .
أ- مذكرة الدعوة
مذكرة الدعوة هي طلب رسمي يوجهه القاضي المحقق إلى المدعى عليه للمثول أمامه في دعاوى الجناية والجنحة. ويجب على المدعى عليه الامتثال إلى هذه الدعوة بعد تبليغها إليه.
فإذا لم يحضر أو خشي فراره، فللقاضي أن يصدر بحقه مذكرة إحضارة.
فمذكرة الدعوة هي إذا عبارة عن دعوة المدعى عليه للحضور طليقاً في الوقت المعين إلى مقر قاضي التحقيق الذي طلبه بغية استجوابه عن الأفعال المسندة إليه، ولا تخول هذه المذكرة الذي يحملها ويقوم بتنفيذها أن يستخدم أي نوع من أنواع العنف لإجبار المدعى عليه للحضور.
فإذا حضر من وجهت إليه مذكرة الدعوة طواعية، وجب على قاضي التحقيق استجوابه في الحالة. وهذه المذكرة يجوز أن تقلب ويستعاض عنها بمذكرة إحضار أو مذكرة توقيف.
ب- مذكرة الإحضار
مذكرة الإحضار هي أمر قضائي موجه إلى موظفي التنفيذ بوجوب تأمین حضور المدعى عليه أمام القاضي المحقق ولو باللجوء إلى القوة المسلحة إذا اقتضى الأمر.
وقد نصت المادة (111) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن:
” من لم يمتثل لمذكرة الإحضار أو يحاول الهرب يساق جبرا. واذا اقتضى الأمر فيستعين المولج بإنفاذ المذكرة بالقوة المسلحة الموجودة في أقرب مكان “.
على أنه لا يشترط لإصدار مذكرة الإحضار أن تكون قد سبقتها مذكرة دعوة رفض المدعى عليه الامتثال لها، بل القاضي التحقيق أن يبدأ بإصدار مذكرة إحضار بحق المدعى عليه إذا خشي فراره .
وعلى القاضي المحقق أن يستجوب المدعى عليه الذي جلب بمذكرة إحضار خلال أربع وعشرين ساعة من وضعه في النظارة.
فإذا انقضت الأربع وعشرون ساعة من دون استجوابه، يسوقه رئيس النظارة من تلقاء نفسه إلى النائب العام فيطلب هذا إلى قاضي التحقيق سماع المدعى عليه، فإن أبي أو كان غائباً أو حال دون سماعه مانع شرعي فيطلب النائب العام إلى قاضي تحقيق آخر أو إلى رئيس محكمة البداية الجزائية أو إلى قاضي الصلح أن يستجوبه.
فإن تعذر استجواب المدعى عليه، أمر النائب العام بإطلاق سراحه في الحال.
وإذا أوقف المدعى عليه بموجب مذكرة إحضار وظل في النظارة أكثر من أربع وعشرين ساعة دون أن يستجوب أو يساق إلى النائب العام، اعتبر توقيفه عم تعسفية ولوحق الموظف المسؤول بجريمة حجز الحرية الشخصية.
ج- مذكرة التوقيف
نصت المادة (102) الفقرة /2/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن:
القاضي التحقيق أن يبدل مذكرة الدعوة بعد استجواب المدعى عليه بمذكرة توقيف إذا اقتضى التحقيق ذلك”.
كما نصت المادة (106) الفقرة /1 من القانون نفسه على أنه:
“بعد استجواب المدعى عليه أو في حال فراره يمكن القاضي التحقيق أن يصدر بحقه مذكرة توقيف إذا كان الفعل المسند إليه معاقبة عليه بالحبس أو بعقوبة أشد منه ويلزمه أن يستطلع رأي النائب العام في الأمر”.
يستنتج من هذه المادة أن مذكرة التوقيف هي أمر كتابي يتضمن إيداع المدعى عليه في السجن المدة غير محدودة قد تستمر إلى ما بعد انتهاء التحقيق، أي إلى أن يمثل المدعى عليه أمام المحكمة أو إلى حين صدور حكم مبرم في الدعوى.
لذلك يمكن القول إن التوقيف الاحتياطي ليس إجراء من إجراءات التحقيق لأنه لا يستهدف البحث عن دليل، وإنما هو من مذكرات التحقيق التي تستهدف تأمين الأدلة، سواء من العبث بها أو طمسها إذا بقي المتهم حراً، أو تجنباً لتأثيره في شهود الواقعة وعداً أو وعيداً، أو ضماناً لعدم هربه من تنفيذ الحكم الذي سيصدر عليه بالنظر إلى كفاية الأدلة ضده.
فهو إذا إجراء شاذ فيه اعتداء على حرية الفرد قبل أن تثبت إدانته، ولكن ما يسوغه هو مصلحة التحقيق وحسن سير العدالة.