يكون أعضاء مجلس إدارة الشركة المساهمة والأشخاص المكلفون بتمثيلها مسؤولين تجاه الشركة والمساهمين والغير عن مخالفتهم لأحكام القانون أو النظام الأساسي للشركة أو لقرارات الهيئة العامة.
كما تنعقد مسؤوليتهم تجاه الشركة والمساهمين عن الخطأ الإداري المرتكب من قبلهم.
ولا تشمل هذه المسؤولية الجهة التي أثبتت اعتراضها خطية في محضر الاجتماع الذي تضمن المخالفة أو الخطأ.
ولما كان أعضاء مجلس الإدارة والأشخاص المكلفون بتمثيل الشركة المساهمة هم وكلاء بأجر فإن مسؤوليتهم تكون تعاقدية تجاه الشركة والمساهمين وتقصيرية تجاه الغير.
وقد يشكل خطأ أعضاء مجلس الإدارة جرمة جزائية دون أن يغير من طبيعة المسؤولية التعاقدية والتقصيرية المترتبة على مرتكبيه.
وتكون مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة إما شخصية تلحق عضواً واحداً وإما مشتركة فيما بينهم جميعاً.
وفي حال كانت مسؤوليتهم مشتركة فإنهم يكونوا ملزمين جميعاً على وجه التضامن، ومن ثم يتم توزيع المسؤولية بين أعضاء مجلس الإدارة تجاه بعضهم البعض بحسب قسط كل منهم في الخطأ المرتكب.
تلك أبرز الأحكام التي تحدد طبيعة مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة. على أن أحكام إقامة دعوى المسؤولية تختلف باختلاف الجهة التي تقيمها.
وعليه نعرض لأحكام دعوى الشركة تجاه أعضاء مجلس الإدارة والأحكام دعوى المساهمين، ثم لأحكام دعوى الغير، وأخيراً للمسؤولية الجزائية لأعضاء مجلس الإدارة
أولاً – دعوى الشركة:
وتسمى دعوى المسؤولية التي ترفع باسم الشركة على عضو أو أعضاء مجلس الإدارة المسؤولين بدعوى الشركة.
ويكون حق إقامة الدعوى لأي من ممثلي الشركة أو أعضاء مجلس إدارتها؛ سواء أكان سبب الدعوى مخالفة لأحكام القانون أو النظام الأساسي للشركة أو لقرارات الهيئة العامة، أو أي خطأ إداري يرتكبه أعضاء مجلس الإدارة والأشخاص المكلفون بتمثيل الشركة.
وإذا كانت الشركة قيد التصفية يجوز للمصفي رفع دعوى المسؤولية، كما يثبت هذا الحق الوكيل التفليسة، إذا تم شهر إفلاس الشركة .
على أنه لا يجوز للشركة إقامة دعوى المسؤولية مبدئياً إذا قررت الهيئة العامة إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة والأشخاص المكلفين بتمثيلها.
بشرط أن يكون قد سبق الإبراء عرض تقرير مجلس الإدارة وحسابات الشركة السنوية الختامية وإعلان تقرير مفتشي الحسابات.
على أنه لا يشمل هذا الإبراء سوى الأخطاء الإدارية العادية التي يرتكبها أعضاء مجلس الإدارة في ممارسة صلاحياتهم.
أما إذا تبين أن مجلس الإدارة ارتكب غشاً أو مخالفة للقانون أو لنظام الشركة الأساسي، فإنه للشركة إقامة دعوى المسؤولية رغم الإبراء.
وإذا قصر أحد ممثلي الشركة أو أعضاء مجلس إدارتها في إقامة دعوى المسؤولية، ولم يمارسوا هذا الحق، جاز لكل مساهم أن يقيم الدعوى بالنيابة على الشركة بقدر المصلحة التي يكون فيها.
وقد منح المشرع هذا الحق للمساهم درءا لمخاطر هيمنة أعضاء مجلس الإدارة على أحدهم أو على ممثلي الشركة من جهة ولأن هذا حق من الحقوق الأساسية التي يتمتع بها المساهم. ولدفع مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة تجاه الشركة، يجلب عليهم إقامة الدليل على أنهم اعتنوا بإدارة أعمال الشركة اعتناء الوكيل المأجور (مادة4/153 شركات).
ثانياً – دعوى المساهمين:
إذا نتج عن أعمال أعضاء مجلس إدارة الشركة أو الأشخاص المكلفون بتمثيلها ضرر مباشر بأحد المساهمين، يكون للمساهم رفع دعوى المسؤولية تجاههم.
كأن يمتنع مجلس الإدارة عن إعطاء المساهم نصيبه من الأرباح أو إذا اشترى المساهم عدداً من الأسهم بناء على غش أعضاء مجلس الإدارة من خلال تقديمهم بیانات غير صحيحة.
وتعد دعوى المساهم دعوى شخصية لتعويض الأضرار المباشرة التي لحقت به.
وله بالتالي الدفاع عن حقوقه بصفة فردية.
ولا يسقط حق المساهم برفع الدعوى ولو أبرأت الهيئة العامة ذمة أعضاء مجلس إدارة الشركة والأشخاص المكلفين بتمثيلها.
وتقوم دعوى المساهم الفردية هذه على أساس المسؤولية التقصيرية، فهي لا تستند إلى رابطة تعاقدية بين المساهم ومجلس الإدارة، ولأن أعضاء مجلس إدارة الشركة والأشخاص المكلفين بتمثيلها ليسوا وكلاء عن المساهم.
وعليه، يتوجب على المساهم أن يثبت الخطأ، والضرر الشخصي الذي لحقه، والعلاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ثالثاً – دعوى الغير:
إذا نتج عن العمل الذي قام به أعضاء مجلس إدارة الشركة أو الأشخاص المكلفون بتمثيلها ضرر بالغير، جاز للمتضرر مقاضاتهم بدعوى مباشرة.
ويعد من الغير كل شخص تعامل مع الشركة كالدائنين وحملة أسناد الدين، الذين قد يلحقهم ضرر نتيجة تعمد أعضاء مجلس الإدارة تقديم ميزانية مصطنعة، لا تعبر عن حقيقة المركز المالي للشركة، بقصد إيهام الغير بمتانة مركزها والحصول على الائتمان الذي تحتاجه الشركة.
ولابد من التمييز في هذا المجال بين مخالفة أعضاء مجلس الإدارة للقانون أو للنظام الأساسي للشركة أو لقرارات الهيئة العامة والتي يسأل أعضاء مجلس الإدارة والأشخاص المكلفون بتمثيل الشركة عنها، وبين الأخطاء الإدارية المرتكبة من قبلهم حيث لا تنعقد مسؤوليتهم تجاه الغير بسببها، وإنما تسأل الشركة فقط أمام الغير عن هذه الأخطاء ويسأل أعضاء مجلس الإدارة تجاه الشركة والمساهمين عنها، وهذا ما يمكن تبينه من نص الفقرة الأولى والثانية من المادة 153 شركات.
ومع ذلك يحق للغير أن يرجع على أعضاء مجلس الإدارة إذا ارتكبوا أخطاء إدارية عن طريق استعمال دعوى الشركة، أي بالدعوى غير المباشرة، شرط ألا يكون حق الشركة في استعمالها قد سقط بالتقادم.
رابعاً – تقادم دعوى المسؤولية:
قرر المشرع تقادمة قصيرة لدعوى المسؤولية المدنية ضد أعضاء مجلس الإدارة والأشخاص المكلفين بتمثيل الشركة نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 154 شركات بقولها:
“3 – تسقط دعوى المسؤولية بالتقادم بمرور ثلاث سنوات من تاريخ انعقاد الهيئة العامة التي أدى فيها مجلس الإدارة حسابا عن إدارته …
على أنه إذا كان الفعل المستوجب المسؤولية أعضاء مجلس الإدارة ناتجا عن عمل أو امتناع عن عمل متعمد أو متعلقاً بأمور أخفاها مجلس الإدارة عن الهيئة العامة للشركة، وكذلك في حال كان الفعل المنسوب لمجلس الإدارة يشكل جرمة جزائية، فإن دعوى المسؤولية المدنية لا تتقادم إلا وفقا لأحكام القواعد العامة، أي حسب طبيعة الدعوى المدنية وأساسها، وبالنسبة للدعوى الجزائية حسب نوع الجرم جنائي أو جنحوي الوصف.
خامساً – المسؤولية الجزائية لأعضاء مجلس الإدارة:
يسأل أعضاء مجلس الإدارة جزائية إذا كان الفعل المسند إليهم يشكل جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات.
كما يسأل أعضاء مجلس الإدارة جزائية بمناسبة ارتكابهم بعض المخالفات التي نص عليها قانون الشركات. فقد نصت المادة 203 على عقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة ألف ليرة سورية ولا تزيد على ثلاثة ملايين ليرة سورية إذا ارتكب أعضاء مجلس إدارة الشركة أو الأشخاص المكلفون بتمثيلها أيا من الأفعال التالية:
1- إصدار سندات قرض وعرضها للتداول بصورة مخالفة لأحكام القانون .
2 – تنظيم ميزانية الشركة وحسابات أرباحها وخسائرها بصورة غير مطابقة للواقع أو تضمين تقرير مجلس الإدارة بيانات غير صحيحة بصورة متعمدة.
3 – كتم معلومات وإيضاحات يوجب القانون ذكرها بقصد إخفاء حالة الشركة الحقيقية عن ذوي العلاقة.
4 – توزيع أرباح صورية أو غير مطابقة لحالة الشركة الحقيقية.
5 – نشر وقائع كاذبة لحمل الجمهور على الاكتتاب بالأسهم أو بأسناد القرض.
6 – تقديم عضو مجلس الإدارة معلومات غير صحيحة في تصريحه المقدم عن وضعه.
7 – قیام عضو مجلس الإدارة أو الشخص المكلف بتمثيل الشركة بعمليات التلاعب في أسعار اسهم الشركة في أسواق الأوراق المالية أو شراء وبيع الأسهم استناداً لمعلومات حصلوا عليها في معرض ممارستهم لوظيفتهم وغير متاحة للعامة أو نقل هذه المعلومات لأي شخص آخر بقصد إحداث تأثير في أسعار أسهم هذه الشركة.
كما نصت الفقرة الثانية من المادة 203 على أنه يعاقب أعضاء مجلس إدارة الشركة بغرامة لا تقل عن خمسة وعشرين ألف ليرة سورية ولا تزيد عن مائة ألف ليرة في حال:
1- عدم دعوة الهيئات العامة للاجتماع عندما يوجب القانون دعوتها.
2 – عدم تقديم المعلومات للوزارة عندما يوجب القانون ذلك.
3 – عدم دعوة الوزارة للاجتماع.
وتفرض نفس العقوبة على رئيس مجلس الإدارة أو نائبه في حال عدم دعوة مجلس الإدارة اللاجتماع مرة واحدة على الأقل في الشهر أو إهمال الطلب الخطي الذي يقدمه ربع أعضاء المجلس العقد اجتماع مجلس الإدارة خلال سبعة أيام من تاريخ تسلم الطلب وفقا لنص المادة 157 شركات.