يلتزم الشريك المحاص بتقديم الحصة التي تعهد بها عند إبرام عقد الشركة، ويستوي في ذلك أن تكون هذه الحصة نقدية أو عينية أو بالعمل.
ولكن يثور التساؤل في هذا الصدد عن الذمة التي ستؤول إليها هذه الحصص عند تقديمها، ذلك لأن شركة المحاصة ليس لها شخصية اعتبارية، وبالتالي فليس لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء فيها.
إن الإجابة على هذا التساؤل متروك أمره للاتفاق المبرم بين الشركاء الذي يحدد كيفية تسديد رأس مال الشركة وحقوق والتزامات الشركاء فيها.
وهذا الاتفاق لا يخرج عن إتباع أحد الحلول التالية:
أولاً – احتفاظ كل شريك بحصته وتخويل الشركاء الانتفاع بها لمدة العقد:
قد يتفق الشركاء على أن يظل كل منهم مالكا للحصة التي تعهد بتقديمها مع التزامه بتسليمها لمدير الشركة للقيام باستغلالها في حدود غرض الشركة.
وفي هذه الحالة تنتقل حيازة الحصة إلى مدير، أما ملكيتها فتبقى لصاحبها الشريك.
وعلى ذلك، إذا هلكت الحصة فإن تبعة هلاكها تكون على عاتق مالكها، اللهم إلا إذا كان سبب هذا الهلاك يعود إلى مخاطر الاستغلال المشترك الذي تتولاه الشركة، كما لو كان الله هلكت بفعل الحريق فيتحمل تبعة هلاكها جميع الشركاء.
كذلك إذا شهر إفلاس الشريك المدير، وكانت حصة الشريك ما معيناً بالذات، جاز لهذا الأخير أن يستردها من تفليسة المدير، نظراً لأن الحصة باقية في ملكيته ولم تخرج من ذمته مطلقاً.
ثانياً – نقل ملكية الحصص إلى المدير لحساب الشركاء:
قد يتفق الشركاء على نقل ملكية الحصص إلى مدير شركة المحاصة لاستثمارها لحساب جميع الشركاء، فإذا كانت حصصاً نقدية أو أموال مثلية تم تسليمها إلى المدير لحاجات الشركة.
أما إذا كانت حصصاً عينية ويخضع نقل ملكيتها إلى إجراءات التسجيل، كالسيارات والعقارات والملكية الصناعية، فلابد من إجراء المعاملات اللازمة لنقل ملكيتها بالتسجيل لدى الجهة الإدارية المختصة.
أما إن كانت منقولات فيكتفي بتسجيلها.
ويلتزم المدير رغم أنه أصبح مالكا للحصص، باستغلالها في تحقيق الغرض المشترك الذي أسست لأجله الشركة.
فلا يجوز له التصرف فيها أو استغلالها لحسابه الخاص.
وتأكيدا لذلك كثيراً ما ينص عقد الشركة في اتفاق نقل ملكية الحصص على تضمين عقدهم نصا يقضي بمنع المدير من التصرف بها، وهو أمر جائز قانوناً.
وبما أن ملكية هذه الحصص تدخل في ذمة المالية للمدير، فإنها تصبح جزءاً من الضمان العام لدائنيه وتدخل ضمن أصول تفليسته.
ومع ذلك إذا تصرف المدير بهذه الأموال خلافاً لما يقضي به عقد الشركة أو لغير مصلحة الشركاء، فإنه يكون مرتكباً لجرم إساءة الأمانة، ولكن لا يحق للشركاء الاحتجاج ببطلان التصرف بها تجاه الغير المتصرف إليه، ما لم يكن هذا الغير سيء النية وفقا لشروط الدعوى البوليصية (مادة 239 مدني).
ثالثاً – بقاء الحصص ملكة شائعة بين الشركاء:
قد يتفق الشركاء على أن تكون الحصص مملوكة على الشيوع، ويجب أن تكون هذا الاتفاق صريحاً، لأن المحاصة لا تفترض بطبيعتها الشيوع.
ومتى اتفق على الشيوع صراحة انطبقت أحكامه، إلا أنه ليس لأي من الشركاء طلب قسمة المال الشائع قبل حلول أجل العقد.
وكما أنه إذا أفلس مدير شركة المحاصة الذي يحوز هذه الحصص فلبقية الشركاء الدخول في التفليسة لاسترداد أنصبتهم من المال الشائع.
رابعاً – احتفاظ كل شريك بملكية حصته ويستثمرها بنفسه:
إذا لم يوجد اتفاق بين الشركاء في شأن موضوع ملكية الحصص، فالقاعدة تقضي بأن يظل كل شريك محتفظاً بملكية حصته ويقوم باستثمارها بنفسه ثم يشترك مع بقية الشركاء في نتائج استغلاله لحصته.
وهذه القاعدة تتناسب مع الأصل الذي يقترض بعدم وجود شخصية اعتبارية للشركة وبالتالي عدم وجود ذمة مالية تنتقل إليها الحصص.
وبما أن الحصص تبقى في ملكية الشركاء، فلا يجوز للغير الذين يتعاملون مع مدير الشركة الشريك الظاهر الحق في مطالبة الشركاء، بطريق مباشرة أو غير مباشرة، بالوفاء بالحصص التي تعهدوا بتقديمها عند إبرام عقد الشركة، لأن هذه الحصص لا تشكل ضماناً عاماً لهم، ولأن شركة المحاصة ليس لها رأس مال بحيث يقضي “مبدأ ثبات رأس المال” تخويل الغير الحق في مطالبة الشركاء بتقديم ما تعهدوا به من حصص.