1- إخلاء السبيل بحق
يقصد بتخلية السبيل بحق تلك التي يتعين على القاضي أن يأمر بها بحكم القانون متى توافرت شروطها ، وليس له خيار في الامتناع عنها وإبقاء المتهم موقوفا.
وقد نصت المادة (117) الفقرة 2 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه:
“أما إذا كانت الجريمة من نوع الجنحة وكان الحد الأقصى للعقوبة التي تستوجبها الحبس سنة وكان للمدعى عليه موطن في سورية وجب إخلاء سبيله بعد استجوابه بخمسة أيام. على أن أحكام هذه الفقرة لا تشمل من كان عليه حكم قبلها بجناية أو بالحبس أكثر من ثلاثة أشهر بدون وقف التنفيذ”
يتضح من هذه المادة أن هناك شروطة أربعة لابد من تحققها لإخلاء السبيل بحق وهي:
1- أن تكون الجريمة من نوع الجنحة والحد الأقصى العقوبتها هو الحبس سنة.
2- ألا يكون قد حكم على المدعى عليه قبلا بجناية مهما كانت عقوبتها، أو بالحبس أكثر من
ثلاثة أشهر بدون وقف تنفيذ.
3- أن يكون للمدعى عليه محل إقامة في سورية.
4- أن يكون قد انقضى على استجوابه من قاضي التحقيق خمسة أيام.
واخلاء السبيل الوجوبي لا يتطلب تقديم طلب من المدعى عليه، وعلة ذلك أن المدعى عليه قد يجهل حالات إخلاء السبيل بحق، وقد لا يعرف نوع الجريمة المنسوبة إليه، وقد تنقضي أيام دون أن يتنبه إلى أن إخلاء سبيله وجوبي بنص القانون.
لهذا كله لا يشترط لإخلاء السبيل بحق أن يتقدم المدعى عليه بطلب”.
كما لا يلزم القاضي باستطلاع رأي النيابة العامة لأن الإفراج عن المدعى عليه أمر موجب، ولا أهمية الموافقة النيابة العامة أو معارضتها بشأنه.
كما يجب أن يطلق سراح المتهم بحكم القانون في الحالات الأخرى التالية:
1- إذا قررت سلطة التحقيق منع محاكمته.
2 – إذا تبين أن الفعل المسند إليه مخالفة.
على أن يتخذ الظنين موطناً في مركز المحكمة.
3 – إذا تبين أن الفعل جنحة لا تستلزم الحبس إذا كان مقيم خارجة عنه.
4 – إذا كان المتهم موقوف وقررت محكمة الدرجة الأولى براءته، أو قضت عليه بالحبس مع وقف التنفيذ، أو بالغرامة وحدها، وجب إطلاق سراحه فور صدور الحكم، حتى ولو استؤنف القرار .
2- إخلاء السبيل بناء على طلب الموقوف
نصت المادة (117) الفقرة /1/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه :
“في كل نوع من أنواع الجرائم يمكن قاضي التحقيق بعد استطلاع رأي النائب العام أن يقرر تخلية سبيل المدعى عليه إذا استدعاها بشرط أن يتعهد المدعى عليه بحضور جميع المعاملات كلما طلب منه ذلك وبإنفاذ الحكم عند صدوره”.
كما نصت المادة (120) الفقرة /1/ من القانون نفسه أن :
المدعى عليه والظنين والمتهم أن يطلبوا تخلية السبيل أيا كان نوع الجرم وفي جميع أدوار التحقيق والمحاكمة وذلك مع مراعاة أحكام المادة130.
يتضح مما تقدم أن المدعى عليه يستطيع أن يتقدم بطلب تخليت سبيله في جميع أدوار التحقيق والمحاكمة وأيا كان نوع الجرم. ويتقدم بطلب تخليت سبيله بشكل استدعاء إلى المرجع القضائي الذي يمثل أمامه، وقد يكون هذا المرجع القضائي هو قاضي التحقيق، أو قاضي الإحالة، وقد تكون المحكمة.
ولكن يشترط أن يتضمن طلب إخلاء السبيل تعهدا من المدعى عليه بحضور جميع المعاملات كلما طلب منه ذلك، وبإنفاذ الحكم عند صدوره، لذلك عليه أن يتخذ مقامأ له في مركز دائرة التحقيق أو المحكمة.
والمقصود بالمعاملات، الإجراءات التحقيقية التي يطلب منه حضورها، حين تكون أمام قاضي التحقيق أو الإحالة، كما يقصد منها حضور جلسات المحاكمة، والرضوخ للحكم في حال اكتسابه الدرجة القطعية.
ولا يحق لقاضي التحقيق أو قاضي الإحالة بعد إصدار قرار الظن أو الاتهام ولا للمحكمة بعد الحكم بالدعوى النظر في تخلية السبيل، وإنما يعود الأمر للجهة التي رفعت إليها الدعوى.
فالقضاة الذين يقررون مصير الدعوى لا يحق لهم أن ينظروا في طلبات تخلية السبيل لأن ولايتهم على الدعوى تكون قد انتهت، وينتقل هذا الحق إلى المرجع الذي يضع يده عليها بعدهم.
أما إذا كان القرار الصادر عن القاضي المحقق أو المحكمة قاضية بعدم الاختصاص، فيبقى النظر في تخلية السبيل عائدة إلى القاضي المحقق أو المحكمة التي أصدرت القرار وذلك إلى أن يفصل بمسألة الاختصاص .
وينظر المرجع القضائي بطلب إخلاء السبيل المقدم إليه في غرفة المذاكرة”، لكنه ليس ملزم بالموافقة عليه، بل له سلطة تقديرية في تقرير إخلاء السبيل أو الامتناع عن ذلك.
ويشترط قبل أن يتخذ قرار بشأن إخلاء السبيل أن يستطلع رأي النيابة العامة فيه وإلا كان قراره مختلاً ويجوز الطعن فيه، على الرغم من أنه لا يكون مقيدة بالرأي الذي تقدمت به النيابة العامة، فله سلطة مطلقة في تقدير طلب الإفراج الذي تقدم به المدعى عليه الموقوف، وله أن يأمر بإطلاق سراحه دون قيد ولا شرط، وله إذا شاء أن يشترط في ذلك تقديم كفالة. فإخلاء السبيل بناء على طلب الموقوف ليس حق اللمدعى عليه الموقوف.
أ- إخلاء السبيل أو رفضه بكفالة أو دونها
نصت المادة (118) الفقرة (1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه :
“في الأحوال التي لا تجب فيها تخلية السبيل بحق، يجوز إطلاق سراح المدعى عليه بكفالة أو بدونها”.
أي يعود لتقدير قاضي التحقيق أو الإحالة أو المحكمة تقرير إطلاق سراح المدعى عليه بكفالة أو دونها”. وقد حددت هذه المادة الكفالة التي يجوز فرضها على المدعى عليه و تشتمل على قسمين:
الأول – يخصص لضمان حضور المدعى عليه معاملات التحقيق والمحاكمة ومثوله لإنفاذ الحكم عند صدوره.
الثاني – يخصص لتأدية المبالغ الآتي ذكرها بالترتیب:
أ- الرسوم والنفقات التي عجلها المدعي الشخصي.
ب- الرسوم والنفقات المتوجبة للدولة.
ج – الغرامات.
ويعين قاضي التحقيق في القرار الذي يصدره بتخلية سبيل المدعى عليه مقدار الكفالة والمبلغ المخصص بكل قسم من قسميها.
وتؤدي هذه الكفالة من المدعى عليه أو من غيره إما نقدا واما أسنادا على الدولة أو مضمونة من الدولة، واما ضمانة مصرفية أو عقارية أو تجارية بمقدار قيمة الكفالة.
واذا كانت الكفالة مالأ نقدية أو أسناداًعلى الدولة أو مضمونة منها فتودع صندوق الخزينة ويؤخذ بها إيصال ويبرز سند الإيصال أو كتاب الضمانة المصرفية أو سند الكفالة العقارية المذيل بوضع إشارة حجز من قبل أمانة السجل العقاري أو سند الكفالة التجارية المصدق من الكاتب بالعدل إلى المرجع الذي قرر تخلية السبيل فيسطر إشعارة إلى النائب العام لإطلاق سراح المدعى عليه.
ينتهي حكم القسم الأول من الكفالة إذا حضر المدعى عليه جميع معاملات التحقيق أو جلسات المحاكمة وانفاذ الحكم عند صدوره.
أما إذا تخلف عن الحضور دون عذر مشروع، أصبح هذا القسم من الكفالة من حق الخزينة. على أنه يمكن في حال صدور القرار بمنع المحاكمة أو بسقوط الدعوى العامة أو بعدم المسؤولية أو بالتبرئة، أن يقضي في القرار أو الحكم برد هذا القسم من الكفالة.
أما فيما يتعلق بالقسم الثاني من الكفالة فإن الكفيل يسترجع هذا القسم إذا قضي بمنع المحاكمة أو بسقوط الدعوى العامة أو بعدم المسؤولية أو بالتبرئة.
أما إذا قضي بالعقاب فيقتطع من هذا القسم ما يكفي لتأدية الرسوم والنفقات التي عجلها المدعي الشخصي والغرامات، وإن بقي شيء يرد إلى الكفيل .
وعلى النائب العام أن يبرز إلى صندوق المال من تلقاء نفسه أو بناء على طلب المدعي الشخصي بيان من القلم يوجب مصادرة القسم الأول من الكفالة تطبيقا للمادة (125) أو خلاصة عن الحكم القاضي بتحصيل الرسوم والنفقات التي عجلها المدعي الشخصي والرسوم والنفقات المتوجبة للدولة والغرامة وفقا للفقرة الثانية من المادة 126.
أما الكفالة المصرفية والكفالة العقارية والكفالة التجارية فتنفذ فيما يتعلق بالرسوم والنفقات المتوجبة للدولة والغرامة وفقا للأصول المتبعة في تحصيل الأموال الأميرية، وفيما يتعلق بالرسوم والنفقات المعجلة من المدعي الشخصي بواسطة دائرة التنفيذ.
وكل نزاع ينشأ عن تطبيق أحكام الكفالة يجب أن يفصل فيه المرجع القضائي الذي يضع يده على الدعوى، أو المرجع الذي حكم فيها، وذلك في غرفة المذاكرة وبناء على استدعاء صاحب العلاقة.
ب – إبلاغ قرار إخلاء السبيل إلى ذوي الشأن
إن القرار المتعلق بتخلية سبيل المدعى عليه سواء صدر عن قضاء التحقيق أو قضاء الحكم، يجب تبليغة إلى كل من المدعى عليه والمدعي الشخصي والنائب العام. ويجري تبليغ هذا القرار إلى النيابة العامة، إذا صدر خلافا لمطالبتها، لتمارس حقها في الاستئناف إذا شاءت، ويجري تبليغها القرار بإرسال ملف الدعوى إليها لتوافق عليه أو تطعن فيه.
أما إذا صدر وفقا لمطالبتها، فلا حاجة إلى إرسال الملف إليها. كما يبلغ المدعي الشخصي إن وجد وفقا لقواعد التبليغ. ويبلغ المدعى عليه بالطريقة نفسها إذا تقرر رفض إخلاء سبيله.
ج – استئناف القرار المتعلق بإخلاء السبيل
عالجت المادة (122) الفقرة /1/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية طرق الطعن في قرار تخلية السبيل، وقضت بصراحة بأن القرار الصادر بشأن تخلية السبيل يمكن استئنافه خلال أربع وعشرين ساعة تبدأ بحق النائب العام من وصول الأوراق إلى قلمه للمشاهدة، وبحق المدعي الشخصي والمدعي عليه من وقوع التبليغ.
وقد أجاز المشرع الطعن في القرار الصادر بشأن تخلية السبيل، سواء كان بالإيجاب أو بالرفض، أمام المرجع القضائي الأعلى من المرجع الذي صدر عنه.
ويقدم الاستئناف بواسطة المرجع الذي أصدر القرار المستأنف، فإذا كان القرار صادرة عن قاضي التحقيق، فإن الاستئناف يقدم بواسطته إلى قاضي الإحالة ويودع إليه الأوراق وينظر قاضي الإحالة في الاستئناف بصورة مستعجلة، ويبقى المدعى عليه في دار التوقيف إلى أن يبت قاضي الإحالة في الاستئناف.
وفي جميع الأحوال يبقى المدعى عليه موقوفا ريثما ينقضي موعد الاستئناف، أي الأربع والعشرين ساعة. وإذا كان القرار صادرة عن قاضي الإحالة فإنه لا يجوز لأحد أن يطعن فيه.
وإذا كان القرار صادرة عن قاضي الصلح أو المحكمة البدائية فإن الاستئناف يقدم بواسطتهما إلى المحكمة الاستئنافية.
ويعد قرار رد طلب إخلاء السبيل، وكذلك قرار إخلاء السبيل، من القرارات الموضوعية التي يعود تقديرها إلى قاضي التحقيق وقاضي الإحالة ومحاكم الموضوع. وبالتالي، فإن استئنافها جائز،
غير أن الطعن فيها أمام النقض لا يجوز لأنها محكمة قانون.
د- إعادة توقيف المدعى عليه بعد إخلاء سبيله
إذا تبين لقاضي التحقيق بعد إخلاء سبيل المدعى عليه أن أسبابة طارئة هامة تستلزم إحضاره أو توقيفه من جديد، أن يصدر مذكرة بهذا الأمر. ويحق له ذلك حتى ولو كانت تخلية السبيل قد قررها قاضي الإحالة تعديلا لقراره.
لكن يجب على قاضي التحقيق في هذه الحال أن يرفع الأوراق بلا إبطاء إلى قاضي الإحالة لتثبيت مذكرة التوقيف أو إلغائها. ومهما يكن، فإن هذا الإجراء لا يؤخر إنفاذ المذكرة الصادرة
ومثال الأسباب الطارئة التي تسوغ إعادة توقيف المدعى عليه بعد إخلاء سبيله ظهور أدلة جديدة ضده أو تغيير وصف التهمة إلى جريمة أشد، فيتحول وصف الجريمة من جرم إيذاء بسيط إلى جرم التسبب بالوفاة.
أو أن يصل إلى علم قاضي التحقيق أن المدعى عليه المخلى سبيله يعد العدة للهرب أو الفرار، أو يبذل مساع أو محاولات للتأثير على الشهود، أو يقوم بتهريب أمواله .
وإعادة التوقيف غير جائزة إلا في حالات إخلاء السبيل بناء على طلب الموقوف.
أما حيث يكون إخلاء السبيل وجوبية (بحق) فلا يجوز إلغاء قرار إخلاء السبيل واعادة توقيف المدعى عليه، إلا إذا كان سبب إخلاء السبيل هو صدور قرار بمنع المحاكمة ثم ظهرت أدلة جديدة تستدعي إلغاء هذا القرار والرجوع إلى الدعوى فحينئذ يصح العدول عن قرار إخلاء السبيل واعادة توقيف المدعى عليه احتياطيا.
3- استرداد مذكرة التوقيف
يرجى مراجعة المقال حول استرداد مذكرة التوقيف بالضغط هنا