خرج المشرع في البيع الجبري على الأحكام المقررة في البيع الإختياري الذي يجيز للبائع، إذا لم يسدد المشتري الثمن، أن يرفع الدعوى عليه ويطالبه بتنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض أن كان له مقتضى ( المادة 158 مدني).
أما في البيع الجبري، فإذا قصر المشتري عن الوفاء بالتزامه في دفع الثمن، فقد وضع المشرع إجراءات خاصة واستثنائية يستطيع بموجبها أصحاب العلاقة أن يصلوا عن طريقها إلى فسخ البيع واعادته من جديد دون حاجة إلى رفع الدعوى بذلك أمام القضاء، وتعتبر هذه الطريقة أسهل لحماية حقوق أصحاب المصلحة.
وتتلخص هذه الطريقة بإعادة بيع العقار على مسؤولية المشتري المتخلف عن دفع الثمن خلال عشرة أيام من تاريخ الإحالة وبعد مرور ثلاثة أيام من تبلغه إخطاراً بضرورة الوفاء (المادة 431 أصول ) فإذا انقضى هذا الميعاد ولم يقم المشتري بالوفاء جاز إعادة البيع من جديد وتعتبر الإحالة القطعية كأن لم تكن ( المادة 2/431 أصول ).
1- من يحق له طلب إعادة البيع:
يحق طلب إعادة البيع للشخص الذي باشر الإجراءات ولكل من كان طرفاً فيها، ومنهم المدين ، وجميع الدائنين ، وأصحاب الرهون والتأمينات والامتياز الذين قيدت حقوقهم قبل الحجز، وجميع الدائنين الذين اشتركوا في الحجز أثناء التنفيذ وأصبحوا بسبب ذلك من أطراف الملف التنفيذي.
وعليه، فإن اعتبار المشتري متخلفاً عن دفع الثمن واعادة البيع على مسؤوليته لا يتم بقوة القانون وليس إلزامياً، بل لا بد من طلب أحد أصحاب الحقوق في الملف المذكورين آنفاً. فإذا لم يطلب أحد من هؤلاء إعادة البيع فلا يعاد، لأن إعادة البيع طريقة وضعت لمصلحتهم، وبإمكانهم التنازل عنها واللجوء إلى اتباع الطريق العادي لإقامة دعوى على المشتري لمطالبته بدفع الثمن، كما وأن لهم الحجز على أمواله.
2- إجراءات إعادة البيع:
آ- الإجراءات الممهدة لإعادة البيع:
لإعادة بيع العقار على مسؤولية المشتري المتخلف وتعيين جلسة مزايدة جديدة لا بد من القيام بالإجراءات التالية:
1 – تقديم طلب في محضر التنفيذ العام من قبل مباشر الإجراءات أو أحد أطراف الملف التنفيذي.
2- يرفع الطلب إلى رئيس التنفيذ، وبعد أن يتحق من تخلف المشتري عن الوفاء بالثمن رغم إخطاره ومرور أكثر من ثلاثة أيام على تبليغ و أصولاً، يقرر الرئيس إعادة البيع، ويعين في هذا القرار تاريخ الجلسة التي يجري فيها ( المادة 1/431 أصول ).
3 – يجب أن يجري البيع في ميعاد لا يتجاوز الخمسة عشرة يوماً التالية لصدور القرار بإعادة البيع (المادة 2/431 أصول ). وبالتالي يتوجب على رئيس التنفيذ أن يعين جلسة البيع خلال هذه المدة. وهذا يعني أن عملية إعادة البيع لا تحتاج لإجراءات تنفيذية جديدة فلا يحجز العقار، و لا يجري وضع اليد عليه، و لا تنظم قائمة شروط بيع جديدة، وانما يباع في جلسة المزايدة الجديدة بنفس الإجراءات والشروط السابقة بعد استكمال إجراءات التبليغ والإعلان عن هذا البيع الجديد فقط.
4 – يقوم مأمور التنفيذ، فوراً بتبليغ قرار الرئيس بإعادة البيع إلى المشتري المتخلف والى الدائنين الذين أصبحوا طرفاً في الإجراءات والى المدين ( المادة 1/431 أصول ). ويعتبر التبليغ صحيحاً حتى ولو تم قبل ساعات أو دقائق من موعد جلسة المزايدة الجديدة، لعدم ورود نص بميعاد معين لهذا التبليغ .
5 – يتولى مأمور التنفيذ الإعلان عن البيع الثاني فور صدور قرار الرئيس بإعادة البيع، وذلك بطريق اللصق والنشر، ويجب أن يتضمن الإعلان عن البيع، نفس البيانات التي تذكر في إعلان البيع الأول ( المادة 3/2/431 أصول ). ولا يتقيد مأمور التنفيذ بالمواعيد المنصوص عليها في المواد 400 و 401 أصول لاستحالة مراعاتها عملياً مع الموعد المحدد لجلسة البيع الجديدة الذيلا يمكن أن يتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ قرار رئيس التنفيذ بإعادة البيع.ويعد الإعلان صحيحاً حتى ولو جرى قبل يوم واحد من جلسة البيع. على أنه يجب أن يشتمل الإعلان على اسم المشتري المتخلف واسم طالب إعادة البيع وموطن كل منهما لسلامة الإجراءات ولصحة الإعلان.
ب- المنازعة في طلب إعادة البيع:
يجب أن تقدم الإعتراضات على طلب إعادة البيع بتقرير قبل الجلسة المحددة للبيع بثلاثة أيام على الأقل وإلا سقط الحق فيها.
وينظر رئيس التنفيذ في هذه الإعتراضات قبل افتتاح المزايدة سواء أكان ذلك في يوم المزايدة أم قبل اليوم المذكور ويحكم فيها على وجه السرعة (المادة2/432 أصول). وقد تتناول الإعتراضات أسباباً شكلية أو موضوعية:
فمن الأسباب الشكلية، بطلان تبليغ قرار رئيس التنفيذ بإعادة البيع أو أن طالب إعادة البيع لا يحق له تقديم هذا الطلب لأنه لا يعد طرفاً في الإجراءات. ومن الأسباب الموضوعية، ألا يكون المشتري متخلفاً عن تسديد الثمن لأن له الحق بحبسه تبعاً لمقدار دينه أو مرتبته، أو لأنه شريك في العقار وأن سبب عدم دفعه الباقي من الثمن يعود إلى أن هذا الباقي هو ثمن حصته.
والإعتراض على طلب البيع والمنازعة فيه تعتبر منازعة في صحة الإجراءات التنفيذية، فإذا لم يتمسك المشتري بهذا الحق أو لم يتقدم بتقرير في الميعاد من أجلها، سقط حقه بالطعن في صحة الإجراءات. وهذا السقوط مقرر لمصلحة المشتري الجديد، لأنه يهدف إلى حمايته من أخطار الطعن في قرار بيع العقار اليه ، بسبب إجراءات تنفيذية غير صحيحة أو غير قانونية وكان حسن النية يفرض إثارتها قبل الشراء.
ويصدر رئيس التنفيذ قراره على وجه السرعة، إما برد المنازعة وبالتالي إجراء البيع في جلسة المزايدة الجديدة، واما بصحة أوجه المنازعة وبالتالي يقررتأجيل البيع إلى جلسة جديدة يحدد موعدها وفق الأصول، وفي هذه الحالة الأخيرة يفتح المجال أمام المشتري المتخلف لابداء أوجه منازعة جديدة، ولا يمكن منعه من ممارسة هذا الحق فيما إذا لم ينازع قبل التأجيل، لأن سقوط الحق يكسبه المشتري الجديد، وهو صاحب المصلحة في الإحتجاج به، والبيع لم يحصل بعد.
والقرار الصادر عن الرئيس يكون قابلاً لطعن بالاستئناف عملاً بالقواعد العامة الإ إذا كان القرار صادراً في الإعتراض على إعلانات البيع فيكون مبرماً.
ج- جلسة المزايدة الجديدة:
تجري المزايدة وفقاً للأحكام المقررة بشأن البيع الأول ( المادة 433أصول )، بعد التحقق من حصول التبليغ عن إعادة البيع، ويحق لكل شخص غير ممنوع من المزايدة أن يشترك فيها، إلا أنه لا يجوز للمشتري المتخلف أن يشترك بالمزايدة ولو قدم كفالة ( المادة 434 أصول ).
يجب على الراغب في شراء العقار، وقبل الدخول في المزايدة دفع عربون يتمثل في مقدار 10% من الثمن الذي رسا به المزاد على المشتري المتخلف وليس من قيمة العقار المقدرة أصلاً.
كما أن الزيادة تبدأ بأي مبلغ غير محدد، وذلك لأن إجراءات إعادة البيع على مسؤولية المشتري المتخلف ليست إجراءات مستقلة أو منقطعة الصلة عن إجراءات التنفيذ الأصلية ، وانما هي إجراءات متممة و مكملة لها .
ومتى أفتتحت المزايدة الجديدة لبيع العقار فإن مصيرها يكون أحد أمرين:
الأول : ألا يتقدم أحد للشراء، وفي هذه الحالة يقرر الرئيس تأجيل البيع إلى جلسة أخرى يعين موعدها وتعاد الإجراءات من أجلها وفق الأحكام السابقة.
الثاني: أن يتقدم مشترٍ، في الجلسة الأولى أو الثانية ( المؤجلة )، يفتتح المزايدة بأي مبلغ ، وترد عليه الزيادات من الإخرين، إلى أن يقرر الرئيس إيقاع البيع على من تقدم بأكبر عرض، بعد انقطاع ورود الزيادات.
هذا ولا يقبل عرض الزيادة بالعشر بعد إعادة البيع على مسؤولية المشتري المتخلف إذا كانت الإحالة التي تمت عليه قبل تخلفه قد سبقها عرض بالزيادة ( المادة 436 أصول ). وفي حال عدم وجود عرض بالزيادة في البيع السابق ، فإن إعادة البيع تخضع لنفس أحكام زيادة العشر من إعلان وعرض للزيادة وجلسة مزايدة جديدة.
ونشير هنا، إلى أنه يحق للمشتري المتخلف أن يقوم بوفاء الثمن قبل جلسة المزايدة الجديدة، وقبل إيقاع البيع لأحد، ليتفادى إعادة بيع العقار وعلى مسؤوليته. ويترتب على ذلك ثبوت ملكيته للعقار نهائياً، بشرط أن يلتزم بكافة مصاريف إعادة البيع التي كان السبب فيها ويدفعها. ويستنتج من ذلك أن إجراءات إعادة البيع على مسؤولية المشتري المتخلف ترمي إلى تهديده لدفع الثمن، ولما سوف يتعرض له من الخسارة، فإذا انصاع ودفع الثمن قبل جلسة المزايدة فلا داعي للمثابرة على البيع.
3- آثار قرار الإحالة الجديد:
يترتب على الإحالة الجديدة للعقار في جلسة إعادة بيعه على مسؤولية المشتري المتخلف، فسخ البيع الأول واستيفاء فرق الثمن من المشتري المتخلف، واذا كان هناك زيادة في الثمن ترتب على ذلك نتائج هامة.
آ- فسخ البيع الأول:
يترتب على صدور قرار الإحالة القطعية الجديد لاسم المشتري الجديد فسخ البيع الأول ، وبالتالي تزول ملكية العقارعن ملكية المشتري المتخلف بأثر رجعي، فإذا كان قد تصرف فيه أو رتب التزامات عليه اعتبرت جميعها كأن لم تكن. وهذا يعني أن فسخ البيع يؤدي إلى عودة العقار إلى ملكية المدين المحجوز عليه، ثم نقلها من جديد إلى ملكية المشتري الجديد.
ب – استيفاء فرق الثمن من المشتري المتخلف:
يترتب على الإحالة الجديدة أيضاً انتهاء التزامات المشتري المتخلف باستثناء التزامه بدفع فرق الثمن إذا كان الثمن الذي أتت به المزايدة الجديدة أقل من الثمن الذي التزم به المشتري المتخلف ( المادة 435 أصول ). كما يلتزم المشتري المتخلف بدفع فوائد هذا الفرق. ويقوم إلزام المشتري المتخلف بفارق الثمن على أساس أن الفرق هو من ثمن العقار الثابت في ذمته، ولهذا فهو يوزع بين الدائنين كما يوزع ثمن العقار، أي بحسب امتياز ومرتبة دين كل منهم.
ج – نتائج زيادة الثمن في البيع الجديد:
قد يترتب على إعادة بيع العقار على مسؤولية المشتري المتخلف في المزايدة الجديدة بيعه بأكثر مما بيع سابقاً، وقد لحظ المشرع ذلك واعتبر أنه لاحق للمشتري المتخلف بالزيادة التي تصير حقاً للمدين ( المحجوز عليه ) والدائن ( المادة 435 أصول ). أي تلحق هذه الزيادة بثمن العقار.
ويترتب على بيع العقار في جلسة المزايدة الجديدة بثمن أعلى مما بيع به في المزاد الأول سقوط التزام المشتري المتخلف، إذا كانت الزيادة تغطي كافة المصاريف، إلا أنه لا يحق للمشتري المتخلف استرداد العربون حتى يتم الوفاء من جانب المشتري الجديد بالثمن الجديد المتضمن هذه الزيادة في الثمن، ذلك لأن ذمته لا تبرأ بشراء جديد وانما تبرأ بتمام وفاء المشتري الثاني بالتزام دفع الثمن. وهذا يجنب إجراءات إعادة البيع من تواطأت متكررة لإعادة بيع العقار كلما تخلف مشترعن دفع الثمن، يكون القصد منها الحيلولة دون إيقاع البيع لمدة طويلة قد لا تنتيي أبداً.