الأسناد التنفيذية منها أحكام المحاكم وهي الأحكام الصادرة عن القضاء ونقصد هنا قضاء الخصومة والمتضمنة إلزام المحكوم عليه بالهفاء ب الحق الثابت بالحكم للدائن، وبذلك فهي أهم الأسناد التنفيذية، أنها تصدر بعد محاكمة، وباستنفاذ طرق الطعن بها أو مرور مهل الطعن فيها , فتعتبر حجة بما ورد فيها وعنواناً للصواب و الحقيقة . فهي تعتبر أقوى وثيقة تؤكد الحق وتوجب تنفيذه بعد أن أصبح النزاع محسوماً .
وقد تصدر الأحكام عن المحاكم أو عن المحكمين، غيرأن أحكام المحكمين لا تقبل التنفيذ بمجرد صدورها بل لا بد من إكسائها صيغة التنفيذ .
وهكذا فإن الأحكام أصلاً غير قابلة للتنفيذ الجبري مادامت قابلة للطعن فيها , ومع ذلك فقد سمح المشرع بتنفيذ الحكم في حلات خاصة وقبل حيازته قوة القضية المقضية, وهو ما يسمى بالنفاذ المعجل .
وعليه: سنتناول بالبحث :
1 أحكام المحاكم
2 الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل
أحكام المحاكم
ويقصد بها، الأحكام الصادرة في المسائل المدنية أو التجارية أو الأحوال الشخصية والتي يتقرر فيها إلزام المحكوم عليه بشيء يمكن تنفيذه جبراً، سواء أصدرت هذه الأحكام عن جهة القضاء المدني أم الجزائي كما يشترط فيها أن تكون حائزة لقوة القضية المقضية أو اكتسبت الدرجة القطعية.
أوالاً – حكم الإلزام حتى يصبح من الأسناد التنفيذية :
يجب أن يتضمن الحكم الذي يراد تنفيذه إلزاماً معيناً حتى يمكن هذا التنفيذ، كالحكم بإلزام المدين بدفع الدين أو المستأجر بدفع الأجرة أو البائع بتسليم المبيع إلى المشتري. أما إذا لـ يتضمن الحكم بمثل هذا الإلزام فإنه يستحيل تنفيذه.
وهذا ما أكده الاجتهاد القضائي واستقر عليه . كما له قضى الحكم برد الدعوى لعدم الثبوت أو بصحة عقد البيع أو بفسخ عقد الإيجار، فهي أحكام لم تقض بإلزام معين واقتصرت على تقرير حالة موجودة أو إنشاء مركز قانوني جديد كفسخ عقد الإيجار.
أما إذا كانت هذه الأحكام قد قضت بإلزام معين فضلاً عما قضت به من تقرير حالة موجودة أو انشاء مركز قانوني جديد فإنها تكون قابلة للتنفيذ لجهة ماقضت به من إلزام معين فقط.
وعدم قابلية الأحكام التي لم تقض بإلزام معين للتنفيذ لا يعني عدم فائدتها، بل أنها تعطي بالنسبة للمحكوم له نفس النتائج التي تعطيها أحكم الإلزام ،
إذ بإمكانه الإستناد إليها في الدعاوى الموجهة ضده من قبل المحكوم عليه إذا كان موضوع الدعوى الجديدة متعلقاً بموضوع الدعوى التي صدر فيها الحكم.
وتعد الأحكام اسناداً تنفيذية سواء أكانت صادرة بين الأفراد أو إدارات الدولة أو مؤسساتها أو بين الأفراد وهذه الإدارات، لأن قواعد التنفيذ التي تطبق في جميع هذه الحالات واحدة الا إذا كانت هناك قواعد خاصة فيجب في هذه الحالة اتباعها،
ومن ذلك عدم جواز التنفيذ على الأموال العامة بالنظر لتخصيصها للمنفعة العامة، وأيضاً عدم جواز تنفيذ الأحكام الصادرة عن مجالس نقابات المحامين بتقدير أتعاب المحامين والتي لم يطعن فيها الإستئناف الإ بعد مراجعة رئيس محكمة الإستئناف لاعطاء هذا الحكم الصيغة التنفيذية.
ونشير إلى أن الأحكام حتى تصبح من الأسناد التنفيذية المقصودة بهذه الفقرة هي الأحكام النهائية لأن أغلب الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى، كالأحكام الإعدادية ” القرارات الإعدادية ” فلا تدخل في مجال الأحكام كسند تنفيذ لتنفذ جبراً لدى دوائر التنفيذ، لأنها تنفذ من قبل المحكمة مباشرة أو تستخلص المحكمة مايوجبه القانون من نتائج حين يمتنع المكلف بها عن تنفيذها.
أما الأحكام المؤقتة التي تتخذها المحكمة في بدء الدعوى أوأثناء رؤيتها لإجراء تدبير مؤقت أو إجراء مستعجل توجبه طبيعة الموضوع أو العمل لمنع الأضرار التي قد تنج عن انتظار البت في الدعوى، كقرار بيع المحصول المتنازع عليه خوفاً من تلفه وحفظ ثمنه، أو تعيين حارس قضائي، فهي قرارات مؤقتة يجري تنفيذها بمعرفة دائرة التنفيذ.
ثأنياً – أن يكون حائزاً لقوة القضية المقضية أو اكتسب الدرجة القطعية:
يشترط لتنفيذ الحكم ألا يكون مبدئياً، قابلاً للطعن بأي طريق من طرق الطعن أو المراجعة، لأنه حاز قوة القضية المقضية. كذلك الأمر بالنسبة للأحكام التي اكتسبت الدرجة القطعية سواء بسبب انقضاء مدة الطعن فيها وتصديقها نهائياً من المحكمة التي رفع إليها هذا الطعن و أصبحت مبرمة بسبب ذلك.
واذا كان الطعن بطريق الإستئناف وارداً على ناحية معينة من حكم محكمة الدرجة الأولى دون باقي النواحي فيعتبر كلا الحكمين، حكم محكمة الدرجة الأولى وحكم محكمة الدرجة الثانية، سنداً تنفيذياً.
واذا كانت محكمة الإستئناف قد قضت برد الإستئناف شكلاً كان حكم محكمة الدرجة الأولى هو السند التنفيذي لأن محكمة الإستئناف لم تبت في موضوع النزاع.
ولكن، إذا كان الحكم قد طعن فيه بالإستئناف و لكن الإستئناف ورد خارج المهلة القانونية للاستئناف، فهل يحل لرئيس التنفيذ أن يقرر عدم وقف التنفيذ ؟
الأصل أن الإستئناف يوقف التنفيذ، فإذا قدم الإستئناف بعد مضي المهلة القانونية له، فإن المشرع لم يتعرض لهذا الأمر في حق رئيس التنفيذ في تقدير صحة المراجعة أو الإستئناف،
أما الاجتهاد القضائي الفرنسي واللبناني فقد استقر على إعطاء الحق لرئيس التنفيذ بتدقيق أمر تقديم الطعن ضمن المهلة. فإذا تبين له أنه مقدم كذلم أوقف التنفيذ واذا تبين له أنه مقدم خارج المهلة القانونية قرر متابعة التنفيذ، وذلك دفعاً لللماطمة والتسويف .
الا أن الاجتهاد القضائي السوري رفض الأخذ بالرأي السابق وذهبت محاكم الإستئناف إلى أن الإستئناف يوقف التنفيذ حتى وله كان وارداً خارج المدة، فلا يحل لرئيس التنفيذ أن يبحث فيما إذا كان الحكم قابلاً للإستئناف أم لا، أو مقدماً خارج المهلة القانونية .
ونشير إلى أن الأحكام الصادرة عن المحاكم الصلحية أو الشرعية أو الإستئنافية ال قابلة للطعن بطريق النقض تعتبر صالحة للتنفيذ بعد استيفاها شروط التبليغ القانونية وهي بذلك من الأسناد التنفيذية.
والطعن فيها بطريق النقض لا يوقف تنفيذها الإ بصدور قرار من محكمة النقض يقضي بوقف تنفيذها بناء على طلب الطاعن، أو كان القانون يقضي بأن الطعن فيها يوقف التنفيذ،هذا ما عدا الأحكام المتعلقة بعين العقار فإنها لا تنفذ ما لم يبت بالطعن بالنقض الهارد عليها، وذلك كله وفقاً أحكام المادة 251 من قانون أصول المحاكمات.
وفي التطبيق العملي، نجد أن كاتب الغرفة المختصة في محكمة النقض، يقوم بتنظيم قرارات وقف التنفيذ بالنسبة للطعون المقدمة إلى هذه الغرفة وطلب فيها قرار وقف التنفيذ، ويقدم مجموعة القرارات إلى رئيس الغرفة أو إلى الهيئة المناوبة لإقرار وقف التنفيذ، وتوقع هذه القرارات بشكل إجمالي بدون دراسة دقيقة أو تمحيص في كل موضوع على حدة.
ونلاحظ أيضاً، أن الأحكام الصادرة عن محكمة النقض برفض الطعن، لا تعد من الأسناد التنفيذية، وانما يعتبر الحكم الذي طعن فيه سنداً تنفيذياً.
أما إذا صدر الحكم متضمناً قبول الطعن والغاء الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى إلى المحكمة مصدرة الحكم المنقوض، فإن هذا الحكم يعد سنداً تنفيذياُ يوجب إعادة الحالة إلى ما كانت عليها فيما إذا كان الحكم المنقوض قد تم تنفيذه جبراً عن طريق دائرة التنفيذ.
أما إذا صدر حكم محكمة النقض متضمناً قبول الطعن والفصل في موضوع النزاع فإن حكم محكمة النقض يعتبر سنداً تنفيذياً.