توجد مجموعة من الشروط الدعوى المخاصمة بعضها بموجب التقنين المدني وبعضها بموجب تقنين الأصول، وبعضها استقر عليه الاجتهاد القضائي، على النحو الآتي:
1- أن يكون سبب الضرر أي القرار القضائي الذي تستند إليه دعوى المخاصمة مبرماً :
فلايجوز سماع دعوى المخاصمة إذا كان المدعي هو الذي تراخي عن سلوك طريق الطعن لتصويب ما يراه من خطأ، فأدى إلى اكتساب الحكم الدرجة القطعية، وتغدو دعوی المخاصمة واجبة الرد شكلاً .
فالقرار الصادر عن محكمة الاستئناف في القضايا العمالية مثلاً، يقبل الطعن بالنقض نفع للقانون، ويستفيد الأطراف من نقض الحكم، فلا تقبل دعوى المخاصمة إلا بعد أن يرفض المحامي العام الطعن بالنقض نفعا للقانون في مثل هذا القرار .
كذلك القرارات المستعجلة فإنها لا تقبل المخاصمة لأنها ليست نهائية إذ يمكن اللجوء إلى قضاة الموضوع للبت بأساس الحكم. وقد تبني قانون الأصول الجديد هذا الاجتهاد القضائي بنص صريح في المادة 470 /د “لا تقبل الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة المخاصمة، أما القرارات الاستئنافية الصادرة في القضايا التنفيذية، فإنها تقبل المخاصمة”.
والقرار المعدوم لا ثقيل بشأنه دعوى المخاصمة لإمكان طلب إلغائه أمام المحكمة التي أصدرته، وهذا يعني وجود طريق قضائي أخر غير دعوى المخاصمة لإلغائه، في حين أن القرار الذي يقبل المخاصمة هو القرار النهائي الذي ليس له مرجع قضائي أخر لإلغائه.
ويعد هذا الشرط من الشروط الشكلية الدعوى مخاصمة القضاة مظهر من مظاهر كونها طريقة استثنائية للطعن، إذ من المقرر – كما مر معنا في شروط الطعن عموماً – أنه لا يجوز سلوك طرق الطعن غير العادية إلا بعد سلوك طرق الطعن العادية، ومن فوت هذه الأخيرة يسقط حقه في الأولى.
۲- أن ترفع دعوى المخاصمة ضد المحكمة مصدرة القرار :
على طالب المخاصمة، مخاصمة الهيئة الحاكمة، لا أن يكتفي بمخاصمة القرار المشكو منه لأن دعوى المخاصمة ضد حكم صادر بالإجماع عن قضاء الجماعة يستدعي مخاصمة كامل الهيئة تحت طائلة رد دعوى المخاصمة شكلاً، بفرض أنه في حال قبول دعوى المخاصمة سيؤدي إلى تقرير إبطال الحكم، وإبطاله إنما يكون في مواجهة القضاة الذين أصدروه”.
واذا كان الحكم محل المخاصمة صادراً في دعوى جزائية، وجب اختصام ممثل النيابة العامة في دعوى المخاصمة إلى جانب القضاة المخاصمين (م 471/م أصول). فالقرار المخاصم غير قابل للتجزئة ولذلك ترد الدعوى شكلاً إذا اختصم بعض القضاة ، ما لم يكن الحكم محل المخاصمة صادرة عن أكثرية الهيئة القضائية، فيجب حينئذ حصر دعوى المخاصمة بأكثرية الهيئة فقط دون القاضي المخالف (م 471/د أصول). وإذا كان الحكم محل المخاصمة صادرة عقب الطعن بالنقض للمرة الثانية، وجب حصر دعوى المخاصمة بالهيئة الأخيرة التي أصدرت هذا الحكم فقط(م 471/ج أصول).
واذا توفي رئيس الهيئة مصدرة القرار المخاصم فإنه ينبغي مخاصمة ورثته وعدم الاقتصار على مخاصمة العضوين الأخرين تحت طائلة الرد شكلاً.
ويمكن مخاصمة قضاة الحكم والنيابة على حد سواء من أي درجة كانوا، ولكن حسب نص المادة (470 أصول محاکمات) فإنه لا ينطبق على قضاة مجلس الدولة كقضاة المحكمة الإدارية العليا ويتوجب رد دعوى مخاصمتهم شكلاً. ولئن كانت المادة (3) من القانون رقم 55 تاریخ 21/2/1959 الخاص بتنظيم مجلس الدولة قد نصت على أنه تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتطبق أحكام قانون المرافعات وقانون أصول المحاكمات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون الإجراءات الخاصة بالقسم القضائي”، فإنه لا يمكن مخاصمة قضاة مجلس الدولة لأن المادة (470) حددت القضاة الذين تجوز مخاصمتهم بقضاة محكمة النقض وممثلي النيابة العامة التمييزية، وقضاة الاستئناف والنائب العام الاستئنافي، وقضاة محاكم البداية والصلح وممثلي النيابة العامة الأخرين، مما يجعل هذا النص لا ينطبق على غيرهم كقضاة المحكمة الإدارية العليا وترد دعوى المخاصمة شكلاً.
3- أن ترفع دعوى المخاصمة في مواجهة الخصوم الذين صدر القرار المخاصم لصالحهم:
لأنه يتعين على المحكمة إن قبلت دعوى المخاصمة أن تقرر إبطال القرار المخاصم”. وبدهي أن هذا الشرط إذا كانت دعوى المخاصمة تستهدف إبطال القرار .
فدعوى المخاصمة تقام في مواجهة المحكوم له أو ورثته من بعده في حال وفاته أو أحد ورثته إضافة إلى التركة والا كانت الخصومة غير صحيحة، وترد دعوى المخاصمة شكلا إن رفعت بمواجهة المحكوم له المتوفي.
4- أن تقدم دعوى المخاصمة باستدعاء من قبل محام أستاذ مضى على تسجيله في جدول المحامين الأساتذة مدة لا تقل عن عشر سنوات
بالإستناد إلى سند توكيل يتضمن تفويضه بمخاصمة القضاة (م 471/أ أصول محاكمات). ويجب أن تتضمن وكالة محامي مدعي المخاصمة رقم القرار المخاصم وتاريخه وأسماء القضاة المخاصمين تحت طائلة رد دعوى المخاصمة شكلاً.
ومدعي المخاصمة أي صاحب المصلحة فيها، هو المحكوم عليه المتضرر من القرار المخاصم.. والمحكوم عليه هو كل من لم يقض له بكل طلباته، إذا كان مدعياً أو لم يأخذ بكل دفاعه إذا كان مدعى عليه، فلا تقبل دعوى المخاصمة إلا ممن كان طرفاً في الدعوى الأصلية التي صدر فيها القرار المخاصم تحت طائلة الرد شكلاً لأن صحة الخصومة من النظام العام، ولأنه إذا كان القرار قد مس بحقوق من لم يكن طرفاً في الدعوى ولا ممثلاً فيها بشخصه أم بغيره كالوارث فمن حقه سلوك طريق اعتراض الغير (م 268أصول محاکمات)”.
5- عدم رضوخ مدعي المخاصمة للحكم المشكو منه :
إن سبق قيام الجهة المدعية بالمخاصمة بتنفيذ الحكم المخاصم من دون أن تبدي في الدعوى التنفيذية أي تحفظ على القرار المطلوب تنفيذه، يعد قبولاً بالحكم المذكور ورضوخًا له، الأمر الذي لا يجيز للجهة المدعية مطلقة الطعن بالقرار المذكور ومن باب أولى الادعاء بالمخاصمة”،
وهذا الشرط من خصائص طرق الطعن. ويعد قبولاً بالحكم أن يقضي لمدعي المخاصمة بكل طلباته ولو بالاستناد إلى أساس قانوني مغاير للأساس الذي أسس دعواه عليه، فترد دعوى المخاصمة شكلاً لانتفاء شرط المصلحة في الدعوى، وكذا إذا قضى له بأكثر مما طلب لانتفاء ضرره، وهو سبب دعوى المخاصمة بوصفها دعوی مسؤولية تقصيرية، وكذا إذا لم يحكم عليه بشيء .
6- يجب أن يشتمل الاستدعاء على بيان أوجه المخاصمة وأن ترفق به الأحكام
الصادرة في الدعوى التي صدر فيها الحكم محل المخاصمة مصدقة أصولا (م 471 و أصول محاكمات).
7- يجب أن يربط بالاستدعاء وصل مالي يشعر بدفع الطالب مبلغ تأمين قدره
خمسة عشر ألف ليرة سورية إذا كان القضاة المخاصمون من قضاة محكمة النقض، وعشرة آلاف ليرة في حال مخاصمة بقية القضاة، وذلك مهما بلغ عدد القضاة المخاصمين في هيئة محكمة واحدة (م 471 أصول محاکمات) ويعاد لمن أودعه إذا ظهر نتيجة المحاكمة أنه محق بدعواه، أو إذا رجع عن الدعوى قبل الحكم بها، ويصادر هذا التأمين إذا خسر مدعى المخاصمة دعواه شكلاً.
أو موضوعاً (م 474 أصول)، وهذا الشرط من خصائص طرق الطعن.
۸- أن يطالب مدعي المخاصمة بالتعويض صراحة في الاستدعاء المقدم من وكيله
(م 471/ح أصول)، وأن لا يكتفي بالمطالبة بإبطال الحكم، والا كانت دعوی المخاصمة فاقدة لمستندها القانوني وتحت طائلة الرد شكلا”. وكان قد استقر الاجتهاد على هذه الشكلية في ظل القانون القديم. فعدم المطالبة بالتعويض في دعوى المخاصمة يفقدها الركن الأساسي لها ويتعين معه ردها شكلا، لم أكن أرى محلا لهذا الشرط من الشروط الشكلية لدعوى المخاصمة، لأن التعويض قد يكون نقدية وقد يكون عينية، وهو هنا طلب إبطال القرار المخاصم.
9- اختصام وزير العدل لصحة دعوى المخاصمة شكلاً :
تنص المادة 471/ب من قانون أصول المحاكمات الجديد على أنه: “يجب أن يتضمن الاستدعاء أسماء القضاة المخاصمين، ووزير العدل كممثل للدولة، وكذلك أسماء الخصوم في الدعوى الأصلية التي صدر فيها الحكم محل المخاصمة، مع بيان نسبة كل منهم وعنوانه وبيان رقم وتاريخ القرار المخاصم تحت طائلة الرد شکلا.
وكان قد اتجه الاجتهاد القضائي السوري عملا بالمادة (487 أصول قدیم) إلى أن “اقتصار طلب التعويض على القضاة المخاصمين وعدم طلبه من الدولة ممثلة بوزير العدل إضافة إلى منصبه بوصفه هو المسؤول عن التعويض كممثل للدولة يوجب رد الدعوى شكلا”.. ويعد هذا النص في القانون الجديد استثناء من أحكام مسؤولية المتبوع عن أخطاء تابعه.
۱۰- أن ترفع دعوى المخاصمة أمام المحكمة المختصة للنظر فيها:
تحت طائلة رد دعوى المخاصمة شكلا ينبغي أن تقدم إلى المرجع القضائي المختص، وهو يختلف حسب صفة القاضي المخاصم ودرجته ولا يعتد بقيمة هذه الدعوى في تحديد الاختصاص، وأيا كانت قيمة الضرر موضوعها، فإذا كانت دعوى المخاصمة تستهدف قضاة محكمة النقض أو ممثلي النيابة العامة لديها، ترفع دعوى المخاصمة أمام الهيئة العامة لمحكمة النقض، واذا كانت تستهدف قضاة محكمة الاستئناف أو النائب العام الاستئنافي ترفع أمام الغرفة المدنية في محكمة النقض، وترفع أمام محكمة استئناف المنطقة إذا كانت تستهدف سائر القضاة وممثلي النيابة الآخرين (م 470 أصول محاکمات).
شرح وملخص مخاصمة القضاة في القانون السوري pdf