تقتضي القواعد القانونية بعدم امتداد سلطة المحاكم السورية الى خارج الدولة التي تمارس فيها سيادتها , وعلىغير المواطنين الذين لا يحملون جنسيتها, ويفيد هذا من حيث المبدأ امتداد لاحيتها او ولايتها القضائية على الأشخاص كافة الذين يقيمون في الدولة سواء أكانوا مواطنين أم مقيمين, وعلى المواطنين الذين يحملون جنسيتها أينما كانوا ومع ذلك يكون مفيداً تحديد الأشخاص الذين يمكن محاكمتهم أمام المحاكم السورية, والذين يسمح لهم بالتقاضي أمامها. لذلك سنبين مدى حرية الأجنبي في التقاضي, ومدى سلطتها في محاكمة الدول , والأشخاص الذين يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية, والأجانب الذين لايتمتعون بالحصانة القضائية.
حق التقاضي للسوري والأجنبي بالتقاضي أمام المحاكم السورية
1- حق القضاء السوري على السوريين :
يملك القضاء السوري سلطة في محاكمة السوريين أنى وجدوا سواء كانت اقامتهم داخل البلاد أو خارجها, لأن القضاء مظهر من مظاهر سيادة الدولة التي تتجلىفي سلطتها على اقليمها وما عليه من اشخاص واشياء وعلى مواطنيها الذين يحملون جنسيتها اينما كانوا, ولو لم يكن لهم سكن أو موطن أو محل إقامة فيها , ويسمى ذلك بالصلاحية الشخصية للمحاكم , وقد أكدت الهيئة العامة لمحكمة النقض هذه الصلاحية.
2- حق الأجنبي بالتقاضي أمام المحاكم السورية:
كانت تشريعات بعض الدول تمنع الأجانب من من التقاضي أمام محاكمها الوطنية, بحسبان حق التقاضي من الحقوق الوطنية التي يتمتع بها المواطنون فقط دون غيرهم , إلا أن هذا الأمر أصبح من الماضي, ومع ذلك فإن المشرع السوري قيد حق الأجنبي في التقاضي امام المحاكم السورية إذا لم يكن له أموال فيها بتقديم كفالة تضمن الوفاء بالرسوم والمصاريف التي يمكن أن يحكم عليه بها , وويتبع في شأن الكفالة الآتي :
أ – أن يكون المدعي أجنبياً سواء كان الادعاء بطلب أصلي أم عارض , ويقصد بالأجنبي كل شخص طبيعي أو اعتباري لايحمل الجنسية السورية , وليس الفلسطينيين اللاجئين الى سورية عقب نكبة عام 1948 الذين يعاملون معاملة السوريين ولا يطلب منهم كفالة ادعاء.
ب- أن لا تكون للمدعي أموالاً في سورية تضمن الوفاء بالرسوم والمصاريف التي قد يحكم بها عليه, وإن تقدير الأموال الكافية ونوعها مسالة موضوعية يعود امر تقديرها لقاضي محكمة الأساس .
ج- يصدر قرار تقدير الكفالة بقرار على أستدعاء الدعوى في غرفة المداولة , ويجب أن يكون تقديرها بحدود الرسوم والمصاريف التي تحسب في ضوء قانون الرسوم والتأمينات دون شطط أو مبالغة, ويخضع القرار الصادر من القاضي بتحديدها للتظلم أمام ذات القاضي الذي حددها , وقبل قرار القاضي بالتظلم.
د – يجوز أن تكون الكفالة عينية بإيداع مبلغ نقدي صندوق المحكمة أو في المكان الذي يحدده القاضي أو الذي يحدده القانون, ويمكن أن تكون مجوهرات أو حلي ذهبية, كما يمكن أن تكون كفالة شخصية موقعة من شخص آخر يضم ذمته الى ذمة المدعي يتعهد فيها بدفع النفقات والمصاريف.
ه – أن لاتكون هناك اتفاقية أو معاهدة بين سورية ودولة المدعي تتضمن حق التقاضي دون الزان بدفع كفالة مثل الاتفاقية بين لبنان وسورية , ولقد ذهبت محكمة النقض السورية الى التخفيف من هذا القيد حيناً وتشديده في أحيان أخرى , وحيث جاء في بعض قراراتها أنه لاضرورة للتأمين إذا كان وضع المدعي في الدعوى يضمن مثل هذا التأمين , وليس ضرورياً تقديم الكفالة عند تقديم الدعوى , بل يمكن تدارك ذللك الى ماقبل إصدار الحكم النهائي لأن القانون لم يحدد ميعاداً لدفع الكفالة , وإن قبول الدعوى من الأجنبي دون كفالة حتى صدور حكم من محكمة النقض يجعل ذلك من الأمور المقضي بها ولايؤثر في مركزه.
(محمد واصل، الإجازة في الحقوق، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 810 )