تعريف التنصل
هو الطلب الذي يوجهه من تم باسمه تصرف بغير توكيل أو تفويض منه ضد من باشر ذلك التصرف، وضد كل من تتعلق له مصلحة فيه، بقصد إلغائه والتخلص من الآثار القانونية المترتبة عليه كافة بما في ذلك إلغاء الإجراءات والأحكام التي بنيت عليه. فالتنصل يقصد به إثبات أن الوكيل في الخصومة عن أحد الخصوم لم يكن مفوضا بما قام به من عمل، كما يقصد منه عدم الاحتجاج على الموكل بأعمال الوكيل وإبطال ل أثر قانوني ترتب أو يترتب على هذه الأعمال .
بحيث لا يكون له أثر على حقوق الخصم المتنصل، على أن هناك أعمالا وإجراءات لا يمكن التنصل منها وهي الواردة في المادة (479 أصول محاکمات) بحسبان أن كل قيد على هذه الأعمال المعددة حصرة لا يحتج به على الخصم الأخر.
موضوع التنصل
حسب المادة (479) والتي تقدم ذكر نصها فإن الوكالة بالخصومة تخول الوكيل سلطة القيام بجميع التصرفات التي تناولها النص المذكور باستثناء ما يحتاج منها إلى تفويض بنص خاص في سند التوكيل مما يستلزم له القانون وكالة خاصة.
ويقصد بالقانون هنا تقنين أصول المحاكمات وتحديد نص المادة (480) منه، والتقنين المدني السوري وتحديد نص المادة ( 1/ 668) منه.
فالوكيل بالخصومة يتمتع بسلطة القيام بكل تصرف نصت عليه المادة (479) ولا يحتاج إلى تفويض خاص، ولا يعتد – كما مر- بأي إلغاء أو تقييد لسلطة الوكيل في ذلك، فإذا خول التوكيل الوكيل بالحضور وابداء الدفع بعدم الاختصاص، فقام الموكل بالدفاع بموضوع النزاع فلا يحق للموكل التنصل مما قام به الوكيل، وكذا إذا لم يتضمن صك التوكيل حق طلب اتخاذ بعض الإجراءات التحفظية كالحجز أو تعيين حارس قضائي أو نص على حرمان الوكيل من
القيام بهذه الأعمال، وقام بها على الرغم من وجود نص بالحرمان فتعد جميع تصرفاته هذه ملزمة للموكل في علاقته مع خصمه، ولا يحق له طلب التنصل منها، وإن كان ذلك لا يمنع الموكل من الرجوع على وكيله بدعوى المسؤولية المدنية وفقا للقواعد العامة في المسؤولية العقدية.
فالتنصل لا يكون إلا من أجل الأعمال التي حرم المشرع على الوكيل إتيانها من دون تفويض خاص، وهذه الأعمال فيما يتعلق بالوكالة بالخصومة وحسب المادة (480 أصول محاكمات و 668 مدني سوري) هي: التنازل عن الحق المدعى به – الصلح في الحق المدعى به – التحكيم – ترك الخصومة – التنازل عن الحكم – التنازل عن طريق من طرق الطعن – التنازل عن التأمينات مع بقاء الدين الأصلي – الادعاء بالتزوير – رد القضاة – مخاصمة القضاة – الإقرار – توجيه اليمين أو ردها أو قبولها.
فإسقاط الحق بالطعن يحتاج إلى تفويض خاص، فإذا كانت وكالة المحامي لا تحتوي على الإسقاط فإن الإسقاط الحاصل يكون صادرة عن شخص بلا صفة، وبالتالي لا يسري هذا الإسقاط بحق موكله، ولا شيء يقوم مقام تبليغ الحكم إلا إسقاط حق الطعن، فإذا كان الإسقاط الحاصل معدوم الأثر، لأن المحامي لم يكن مفوضة بالإسقاط، فإن القرار لم يجر تبليغة وبالتالي فإن مهل الطعن تظل مفتوحة، والاجتهاد القضائي على أن سند التوكيل العام القضائي يخول الوكيل بالخصومة طلب التفريق للشقاق والضرر بغير نص خاص في الوكالة، بخلاف إيقاع الطلاق فإنه يحتاج إلى نص خاص..
فلا يجوز التنصل إلا عند قيام الوكيل بعمل من تلك الأعمال من دون تفويض خاص من الموكل، فإذا أهمل الوكيل القيام بالإجراء وأضر بإهماله مصلحة موكله، ځق لهذا الأخير مداعاته بدعوى المسؤولية العقدية عملاً بالقواعد العامة التي تحكم هذه المسؤولية في التقنين المدني، إنما لا يحق له التنصل من إهمال محاميه.
على أن التصرف الذي يقوم به الوكيل متجاوزة حدود وكالته ومن دون تفويض خاص، يعد صحيحة بالنسبة للموكل ما لم يتنصل منه، فالتفويض الخاص ليس من شروط صحة التصرف الذي يقوم به الوكيل، فشرط التفويض الخاص تحت طائلة التنصل من التصرف وليس تحت طائلة بطلانه.
هذا وقد عد المشرع أن ما يقرره الوكيل بحضور موكله يكون بمنزلة ما يقرره الموكل نفسه، إلا إذا نفاه أو تتصل منه في أثناء نظر القضية في الجلسة (م 481 ب أصول محاکمات).
شروط دعوى التنصل
- يشترط كما ذكرنا انعدام التفويض الخاص للعمل الذي قام به الوكيل بالخصومة، وبعد الوكيل مدعيا خلاف الأصل وعليه عبء إثبات التفويض، وعندئذ ينتقل عبء إثبات رجوع الموكل عن توكيله إلى هذا الأخير.
2. وينبغي كسائر الدعاوی – توافر شرط الصفة، ويستلزم ذلك إقامة الدعوى من الموكل ضد الوكيل الذي قام بالتصرف المراد التنصل منه، سواء أكان هذا الأخير محامياً أم شخص أخر ممن أجاز لهم المشرع النيابة عن غيرهم في الحضور والمرافعة أمام المحاكم كالأزواج والأقارب حتى الدرجة الثانية (م 106ب /3 أصول محاکمات).
3. وينبغي أيضاً أن يوجه طلب التنصل – فضلا عن الوكيل الذي قام بالعمل أو التصرف أو الإجراء المراد التنصل منه – ضد من له مصلحة في بقائه من الخصوم الآخرين،
فإذا لم يختصم الوكيل المراد التنصل من تصرفه يكون طلب التنصل غير مسموع.
4. ويجب أن يبلغ استدعاء التنصل إلى الوكيل والى الخصم، فإذا تعدد الخصوم بالدعوى بلغ الاستدعاء إلى الخصم الذي وقع العمل لمصلحته، فلا يكفي توجيه الخصومة في دعوى إبطال تصرف الوكيل والتنصل منه إلى أطراف الدعوى بمعزل عن الوكيل الذي وجه التنصل إلى تصرفه، لأنه من دونه تكون الخصومة غير صحيحة”.