المواعيد بصور التعاليق تكون لازمة
أي بأن كانت مصحوبة بأدوات التعليق الدالة على الحمل أو المنع فتكون لازمة لحاجة الناس إليها وما لم تكن فلا ولا يجب الوفاء بها قضاء.
وهذه القاعدة مأخوذة من الأشباه حيث يقول صاحبه: (لا يلزم الوعد إلا إذا كان معلقاً)،
وقد وردت في الفتاوى البزازية بالشكل الآتي : (المواعيد باكتساء صور التعليق تكون لازمة ) وهي قاعدة بمثابة فرع عن المادة التي جاء فيها : ( المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط).
وقد علل العلامة حيدر هذه القاعدة بأن إصدار الوعد بصيغة التعليق على شرط يوحي بالالتزام والتعهد.
ظاهر هذه القاعدة أنها مطلقة عامة في كل وعد أتى بصورة التعليق والحال خلافه، فإنهم لم يفرعوا عليها غير مسألتين في البيع والكفالة ولم يظهر بعد التتبع ثالث لهما، وهما :
ـ لو قال كفيل النفس : إن لم أوافيك بمديونك فلان غداً فأنا أدفع لك دينه، فلم يوافه به لزمه الدين، إلا إذا عجز عن الموافاة بغير موت المديون أو جنونه، أما لو عجز بأحدهما عن الموافاة به فالكفالة لازمة.
ـ لو باع عقاراً بغبن فاحش ثم وعد المشتري البائع بأنه إن أوفى له مثل الثمن يفسخ معه البيع، صح التعليق ولزم الوفاء بالوعد ، ويكون ذلك بيع وفاء اجتناباً لتغرير الموعود بعدما خرج الوعد مخرج التعهد ، أما لو تبايعاً بثمن المثل بيعاً باتاً ثم أشهد المشتري أن البائع إن دفع له نظير الثمن مدة كذا يكن بيعه مردوداً عليه ومقالاً منه فإن الإشهاد المذكور وعد من المشتري ولا يجبر عليه حيث كان البيع بثمن المثل ؛ لانتفاء التغرير بالوعد في ذلك البيع. .
هذا بالنسبة لحكم الوعد في القضاء، أما في الديانة فالوعد على قسمين :
أ- وعد نوى الواعد مخالفته والنكث فيه حين الوعد فهو آثم وحرام لما فيه من التغرير، كأن يقول لآخر : تزوج وأنا أدفع عنك مهرك وهو ينوي أن لا يدفع عنه شيئاً .
ب – وعد نوى الواعد البر فيه ثم جد له ما صرفه أو منعه من البر فيه، فإنه لا يأثم بالخُلف قياساً على اليمين، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : «إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحلَّلتها»، وهو أداء الكفارة، فكذلك الوعد هذا إذا كان الوعد مجرداً، أما إذا كان بصيغة التعليق أو الالتزام كان الوعد ملزماً في القضاء. .
وفي الاجتهاد المالكي أربعة آراء فقهية حول لزوم الوعد بالعقد وعدم لزومه قضاء، والمشهور من هذه الآراء أنه يعتبر الوعد بالعقد ملزماً للواعد قضاءً إذا ذكر فيه سبب ودخل الموعود تحت التزام مالي بمباشرة ذلك السبب بناء على الوعد، كما لو وعد شخص آخر بأن يقرضه مبلغاً من المال من بسبب عزمه على الزواج ليدفعه مهراً، فتزوج الموعود ثم نكل الواعد عن القرض، فإنه يجبر قضاء على تنفيذ وعده وهذا وجيه، فإن المالكية يبنون الالتزام بالوعد على فكرة دفع الضرر الحاصل للموعود من تغرير الواعد، وهو أوجه من الاجتهاد الحنفي الذي يبني الإلزام على الصور اللفظية للوعد، أهي تعليقية أم غير تعليقية، فإن التعليق وعدمه لا يغير شيئاً من حقيقة الوعد.
بناء على ما مر يقترح الأستاذ مصطفى الزرقا رحمه الله صيغة جديدة لهذه القاعدة كما يلي : المواعيد إذا صدرت بصورة تشعر بالالتزام فإنها تكون ملزمة للواعد. .