لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير بلا إذنه
هذه المادة مأخوذة من الدر حيث جاء: لا يجوز لأحد التصرف في ملك الغير بلا إذنه ولا ولايته ، وعدم الجواز المعبر به في هذه القاعدة يفسر بمعنيين : ففي حالة التصرف الفعلي يفسر بمعنى المنع الموجب للضمان ، وفي حالة التصرف القولي يفسر بمعنى عدم النفاذ والتصرف الفعلي يكون إما غصباً بوضع اليد، أو استهلاكاً بإحداث فعل ذي أثر، أو إتلافاً، أما التصرف القولي فيكون بطريق التعاقد ، والإذن قد يكون صريحاً وقد يكون دلالةً ، ويرجح حذف الضمير في (بلا إذنه) ليشمل إذن الشرع. .
فإن كان التصرف الفعلي بطريق الغصب أو الاستهلاك وقد تقدمه إذن سابق يصح، لأن الإذن السابق توكيل، أما في الإتلاف فهو مضمون في كل حال سواء أجازه المالك أو لا ؛ لأن الإجازة لا تلحق الإتلاف. أما التصرف القولي في ملك الغير كبيع الفضولي وهبته وإجارته وغير ذلك إذا لحقته إجازة المالك بشروطها – وهي بقاء المالك والعين المتصرف فيها والمتعاقدين وقيام الثمن لو كان غير نقد وبقاء المدة في الإجارة – فيلزم .
وقد عرف الفقهاء الملك بأنه اختصاص حاجز شرعاً يباح معه التصرف إلا لمانع، وفي ذلك حرص من الشرع على حق الملكية.
والوقف كملك الغير وإذن المتولي كإذن المالك.
إذا تصرف زوج في مال زوجته حال حياتها ثم اختلف مع ورثتها بعد موتها فادعى أنه كان بإذنها وأنكر الورثة فالقول للزوج .
لو قضى الوصي ديناً بغير أمر القاضي، فلما كبر اليتيم أنكر الدين على أبيه ضمن وصيه ما دفعه لو لم يجد بينة، لأنه أقر الضمان بسبب وهو الدفع لأجنبي، فيضمن كل ما دفعه لوقوعه بغير حجة . .
وهذه القاعدة ليست على إطلاقها، ولكنها مقيدة بالإنسان العاقل البالغ الذي يملك التصرف في ماله، فإذا كان قاصراً أو محجوراً عليه لم يكن لإذنه أي اعتبار، بل الإذن هنا للشارع مباشرة الذي أذن للولي والوصي في هذه الأحوال بالتصرف عن فاقدي وقاصري الأهلية دون التوقف على إذنهم، وتصرفهما نافذ منذ صدوره شرط أن يكون منوطاً بمصلحتهم .
ومما يستثنى من هذه القاعدة أنه يجوز للولد والوالد شراء ما يحتاج إليه الأب أو الابن المريض بلا إذنه لمداواته وإطعامه، ولا يجوز في المتاع؛ لأن الإذن بالمداواة والإطعام ثابت عادة فصار بمنزلة الإذن الصريح. .
ومنها : أنه يجوز أن ينفق الورثة الكبار على الصغار الذين لا وصي لهم، ولا يضمن المنفقون ديانة ، وقضاء فهم متطوعون .
ومنها : لو أنفق بعض أهل المحلة على مسجد لا متولّ له من غلته كحصير ونحوه فإنه يجوز.
ويستثنى أيضاً في حالات الضرورة التي يباح معها التصرف بمال الغير دون إذنه كبيع القاضي مال المدين بدين مستغرق جبراً عنه لضرورة وفاء حق الدائنين، وكذا استملاك الأرض جبراً عن مالكها لحاجة توسيع طريق ضاق بالمارة . . . .
ويترتب على عدم جواز التصرف بملك الغير بلا إذنه أمران :
۱ – الإثم الأخروي عند الله تعالى،
۲ – المحاسبة الدنيوية بترتيب الضمان على هذا التصرف .