نصت المادة 475 من القانون المدني على أنه:
“1- يجب أن يكون عقد الشركة مكتوبة وإلا كان باطلاً كل ما يدخل على العقد من تعديلات دون أن تستوفي الشكل الذي أفرغ فيه ذلك العقد”.
أما المادة 17 من قانون الشركات فقد نصت على أنه:
“1- باستثناء شركة المحاصة، لا يحق للشركاء إثبات الشركة فيما بينهم أو تجاه الغير إلا بعقد مكتوب.
2 – يجب أن يكون عقد الشركة أو الوثائق المعدلة له منظمة من قبل محام مسجل في جدول المحامين الأساتذة لمدة لا تقل عن خمس سنوات وعلى مسؤوليته.
3 – على أنه يجوز للغير عند الاقتضاء أن يثبت بجميع الوسائل وجود الشركة أو وجود أي نص يختص بها”.
من خلال نص المادتين نجد أن المشروع قد فرض إثبات عقد الشركة بالكتابة سواء أكانت الشركة مدنية أو تجارية باستثناء شركة المحاصة، ومما لا شك فيه أن مثل هذا الاشتراط، بالنسبة للشركة التجارية، يعد خروجاً على مبدأ حرية الإثبات في المواد التجارية المنصوص عليه في قانون البينات.
وسبب هذا الخروج وفرض الكتابة هو رغبة المشرع في أن يحمل الشركاء على التفكير قبل الإقدام على تكوين شركة تكون عادة لمدة طويلة، وقد ينبني عليها تعريض ثرواتهم وسمعتهم للخطر.
كما أن وجود سند كتابي محدد الشروط من شأنه تقليل المنازعات التي يمكن أن تنشأ بسهولة إذا لم يوجد مثل هذا السند.
فضلاً عن أن عقد الشركة يتضمن كثيرا من التفصيلات ويستغرق تنفيذه وقتاً طويلاً مما لا يمكن معه الاطمئنان إلى ذاكرة الشهود.
بيد أن الكتابة لا يستلزمها المشرع لصالح الشركاء فقط، بل إنها وضعت أيضا لمصلحة الغير الذي يهمه أن يعرف شروط عقد الشركة ومدى سلطة الشخص المعنوي الذي يتعامل معه.
إضافة إلى أنه يجب شهر الشركة التجارية، والكتابة هي الخطوة الأولى في سبيل الشهر.
والكتابة التي يفرغ فيها عقد الشركة قد تكون بسند عادي أو بسند رسمي منظم من قبل محام مسجل في جدول المحامين الأساتذة لمدة لا تقل عن خمس سنوات وعلى مسؤوليته، على أنه في شركات المساهمة والمحدودة المسؤولية يجب أن يصادق على تواقيع المؤسسين الكاتب بالعدل أو أي جهة أخرى يحددها وزير الاقتصاد والتجارة (مادة 61 و 98 شركات).
والكتابة التي فرضها المشرع لإثبات عقد الشركة هي واجبة أيضا في جميع التعديلات التي يدخلها الشركاء على هذا العقد، وتخضع هذه التعديلات لكافة إجراءات التوثيق التي فرضها المشرع في كل نوع من أنواع الشركات المنصوص عليها في قانون الشركات.
والكتابة التي اشترطها المشرع ليست شرطاً لانعقاد عقد الشركة، ولكنها شرط للإثبات فحسب، كما هو صریح نص المادة 17 شركات “باستثناء شركة المحاصة، لا يحق للشركاء إثبات الشركة فيما بينهم أو تجاه الغير إلا بعقد مكتوب”.
على أنه يجب التفريق في شأن هذا الإثبات بين مركز الشركاء وبين مركز الغير.
فبالنسبة للشركاء لا تثبت الشركة فيما بينهم إلا بالكتابة.
بيد أنه لما كان انتفاء الكتابة يؤدي إلى عدم الشهر وبالتالي إلى بطلان الشركة، فإنه يجوز للشركاء إثبات الوجود الفعلي لهذه الشركة بقصد تصفية العلاقات بين الشركاء في الماضي بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة الشخصية.
أما بالنسبة للغير فلا يجوز للشركاء إثبات الشركة إلا بعقد مكتوب.
في حين أنه يجوز للغير أن يثبت عند الاقتضاء وبكافة وسائل الإثبات وجود الشركة أو أي شرط من شروطها (مادة 3/17 شركات)، لأن الشركة بالنسبة للغير تعد واقعة مادية.
وبناء على ما تقدم فإنه لا يجوز الاتفاق على إثبات عقد الشركة بغير الكتابة وفي حالة إنكار قيام الشركة فإنه لا يجوز إثباتها فيما بين الطرفين بغير الكتابة، وحتى بالإقرار أو اليمين ذلك أن المشرع لم ينص على مراعاة أحكام الإقرار واليمين عندما فرض الكتابة وحدها كشرط لإثبات الشركة ورتب البطلان على تخلفها.
هذا وقد فرض المشرع على المتعاقدين أن يضمنوا عقد الشركة بيانات محددة تتمثل في:
عنوان الشركة ونوعها، وأسماء الشركاء وجنسيتهم وموطنهم المختار، وموضوع الشركة، ومركزها وفروعها إن وجدت، ورأسمال الشركة وحصص الشركاء فيها وكيفية تقديمها، وتاريخ تأسيس الشركة ومدتها، وكيفية إدارة الشركة ونصاب اتخاذ القرارات، والسنة المالية للشركة وكيفية توزيع الأرباح والخسائر، وأسلوب حل النزاعات بين الشركاء (مادة 3/32 شركات).
ولابد من التنويه إلى أن المشرع استثني شركة المحاصة من وجوب إثباتها بالكتابة، ذلك في شركة المحاصة تتم الأعمال المشتركة باسم أحد الشركاء لحساب المجموع، والشريك المذكور وحده هو الذي يلتزم حيال الغير دون أن يتعامل باسم شركائه.
وبالتالي يجوز إثباتها فيما بين المتعاقدين بكافة وسائل الإثبات بما فيها البينة الشخصية، وفيها نعود للأصل في الإثبات في المسائل التجارية، حيث يطبق مبدأ حرية الإثبات.