لا يكفي لاعتبار الشخص سارقاً أن يكون الشيء المسروق غير مملوك له، وإنما يجب فضلا عن ذلك أن يكون الشيء مملوكاً لشخص أخر عند الاستيلاء عليه.
يبني على هذا أن الأشياء التي لا مالك لها لا تكون محلا للسرقة، وهي الأشياء المباحة والمتروكة.
أما الأشياء التي خرجت من حيازة أصحابها ماديا ولكنها بقيت في ملكيتهم تكون محلاً للسرقة، وهي الأشياء المفقودة أو الضائعة.
1- الأشياء المباحة والمتروكة
– الشيء المباح هو الشيء الذي لا مالك له، ولم يكن في وقت مملوك لأحد، والاستيلاء عليه سبب من أسباب کسب الملكية يقره القانون ويرتب عليه آثاره. فالماء والكلأ، والحيوان في الغاب أو الصحراء، والسمك في الماء، والطير في الهواء، كلها أشياء مباحة إذا سبقت إليها يد إنسان فحازها ملكها، فإذا استولى عليها شخص أخر منه كان فعله سرقة.
ولكن الطيور المستأنسة والحيوانات الأليفة لا يسري عليها هذا الحكم، فهي لا تعتبر مالاً مباحاً ولو خرجت من يد صاحبها، لأن حق الملكية يلازمها، وإنما يسري عليها حكم الأشياء المفقودة أو الضائعة.
وكذلك لا تعتبر أموالاً مباحة المال العام أو الخاص المملوك للدولة، مثل الشوارع والساحات والحدائق العامة والأبنية الحكومية والآثار.
فهذه جميعها تصلح محلا لجرم السرقة. كمن يستولي على إحدى الأوابد التاريخية.
– أما الأشياء المتروكة، فهي المنقولات التي يتخلى عنها مالكها بقصد النزول عن ملكيته. مثالها ما يفرغه المتعهدون من الأتربة أو بقايا تعهدات البناء، أو الأشياء التي يلقيها أصحابها في الحاويات، أو يضعونها أمام منازلهم كي يتلقفها أشخاص بحاجة إليها، كأدوات منزلية أو كهربائية أو ملبوسات أو بقايا طعام.
فهذه أشياء لا يشكل أخذها سرقة، باعتبار أن مالكها قد تخلى تماما عن ملكيته لها، وأصبحت بحكم الأشياء المباحة التي لا مالك لها.
2- الأشياء الضائعة والكنز
إن الاختلاف واضح بين الأشياء المياحة والمتروكة وبين الأشياء الضائعة أو المفقودة.
فالأولى لا مالك لها، بينما الثانية فملكيتها ثابتة لصاحبها . فضياع المال لا ينهي ملكية من ضاع منه، فهو فقد حيازته المادية للمال مع بقائه قانونا مالكة له.
ويبني على ذلك أن مالك المال المفقود له الحق قانوناً باسترداد ماله ممن يوجد بين يديه ولو كان قد اشتراه من الغير بحسن نية.
لكن هل يعتبر من التقط مالاً مفقوداً واحتفظ به سارقا له؟
في الواقع إن السرقة هي اعتداء على الملكية وعلى الحيازة.
فقد يسرق المال ليس من يد مالكه بل من يد حائزه فقط، كما لو سرق المال المؤجر أو المعار أو المودع…
والسرقة تفترض نشاطاً إيجابياً من السارق ينقل بواسطته المال من حيازة إلى حيازة.
أي ينهي حيازة الحائز وينشئ للمال حيازة جديدة.
ففيما يتعلق بالمال المفقود، أو اللقطة كما يطلق عليها المشرع السوري، فإن ملتقط المال لم يقم بأي نشاط إيجابي ينهي به حيازة المالك وينشأ لنفسه أو لغيره حيازة جديدة كي يعتبر سارقاً. والشيء المفقود لم يعد في حيازة أحد، ومن ثم لا يتحقق بالاستيلاء عليه الاعتداء على حيازة الغير الذي تفترضه السرقة.
وما قلناه يصح أن يقال أيضاً في الكنز، فالكنز، الذي لم تثبت ملكيته لأحد، هو ملك مشترك بين مالك العقار الذي وجد به، ومكتشفه ولو لم يكن مالكة للأرض المدفون بها الكنز، والدولة.
وعليه فمن يكتشف کنزا فيستولي عليه كاملا، فهو بذلك يعتدي على ملكية غيره، ولكنه لا يعتدي على حيازة غيره، فالكنز ليس في حيازة أحد.
لذلك أخرج المشرع السوري هاتين الصورتين من الاستيلاء على مال الغير من نطاق السرقة، واعتبرها جريمة خاصة ملحقة بإساءة الائتمان وليست إساءة ائتمان، وفق المادة 659 من قانون العقوبات التي تنص على أن:
“1- كل من استملك أو اختلس أو رفض أن يرد أو كتم لقطة أو أي شيء منقول دخل في حيازته غلطاً أو بصورة طارئة أو بقوة قاهرة، يعاقب بالحبس حتى سنة وبغرامة….
2- تسري أحكام هذه المادة على من أصاب کنزاً بما يتعلق بالنصيب العائد لغيره”.